إذا أردت أن تبحث عن سرّ العمالقة والعباقرة
والنوابغ والقادة فابحث عن أمهات هؤلاء والأسر
التي تَربَّوا وترعرعوا فيها والبيئة التي نشأوا فيها والأمهات اللاتي قمن بتربيتهم وتعليمهم
ليس هناك من هؤلاء العلماء والنوابغ من نشأ في كنف أم غير سوية أو وحشية أو قاسية القلب أو جاهلة أو خبيثة
لكنهم نشأوا في كنف أم أرضعتهم الحب والحنان
والعلم والخير والعطاء بلا حدود
ليس العيب أن يتربّى الرجل على يد امرأة
فكم من عظماء الرجال تربّوا على أيدي أمهاتهم
فأفادوا أمماً لا أمَّة واحدة! ولكن العيب في بعض النساء واهتماماتهن…..كم من الأئمة الأعلام ربّتهم أمهاتهم
وكانوا هداة مهتدين يأتي على رأسهم
إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد –رحمه الله-
فكم قدمت له أمه من عناية ورعاية
حتى أصبح إماما للدنيا ولها –إن شاء الله- مثل أجره
هذه أم الإمام أحمد رحمهما الله تعالى
أي مشروع قدمته للأمة حينما ربت ابنها على طلب العلم
حتى أصبح إمام أهل زمانه؟!!
لقد كانت تعتني به وتخرجه قبل صلاة الفجر
لأداء الصلاة وليشهد مجالس الذكر
لم يتجاوز السابعة من عمره!!
أليس إنجازاً عظيماً إيجاد عالم رباني ينفع
الأمة بعلمه ومواقفه؟!!
كم من الأجور العظيمة نالتها تلك الأم الصالحة؟!
كم من الخير العميم قدّمته هذه الأم المؤمنة؟!!
فهل تعي النساء ذلك؟
وهل تفقه أمهات هذا الجيل ما أهمية تربية الأبناء؟!!
كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله
فقد ربّته أخته سِتّ الرَّكب بنت علي بن محمد بن حجر
قال ابن حجر عنها: كانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء وهي أمي بعد أمي..
أليست الخنساء من شواهد التاريخ على صدق التربية
وعلى شدتها وعلوّ همتها؟؟
وقبلها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
وعن أبيها وخبرها مع ابنها معروف وقد يُقال:
هذا كان في الزمن الماضي يوم لم تكن هناك مغريات
وفتن ونحو ذلك فليس مشروع العمر قاصراً على الرجال فحسب بل حتى النساء لابد أن يكون لهن مشاريع سامية وأهداف عالية.
ويقال: (قميص من قماش تخيطه الأم يبعث الدفء
وقميص من الصوف تخيطه امرأة غريبة لا يدفئ)
هذا المثل الفنلندي يأتي ضمن أمثال عديدة في العالم
وكلها تمنح الأم ما تستحقّه من مكانة
إلا أن ما قاله ويليام دالاس يكتسب معنى آخر
إذ يقول:
(إن اليد التي تهزّ السرير هي اليد التي تحكم العالم)
وإذا كان الشاعر الفرنسي لامارتين يرى أن الأم تكون عاجزة عن العناية بالعائلة
لكنها مع ذلك تبقى ملجأ نرى فيه الحب وآلافاً من صفحات الحنان