من المعروف أنه يسن للمؤمن الدعاء بأدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الصلاة أي بعد السلام ومنها الدعاء التالي :
" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة مكتوبة حين يسلم : ((لا إله إلا الله وحده لا شريك
له ، له الملك و له الحمد يحيي و يميت ، و هو حي لا يموت بيده الخير ، و هو
على كل شيء قدير )) ثلاث مرات " //، اللهم لا مانع لما أعطيت ، و لا معطي لما منعت
و لا ينفع ذا الجد منك الجد " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 333
رواه البخاري ( 2 / 264 – 265 ) و مسلم ( 2 / 95 ) و أبو داود ( 1 / 236 )
و النسائي ( 1 / 197 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 112 )
و أحمد ( 4 / 245 ، 247 ، 250 ، 251 ، 254 ، 255 )
مَسْأَلَةٌ:
فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ}، هَلْ هُوَ بِالْخَفْضِ أَوْ بِالضَّمِّ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
الجواب :
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا الْأُولَى فَبِالْخَفْضِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَبِالضَّمِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ صَاحِبَ الْجَدِّ لَا يَنْفَعُهُ مِنْكَ جَدُّهُ، أَيْ لَا يُنْجِيهِ وَيُخَلِّصُهُ مِنْكَ جَدُّهُ، وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَالْجَدُّ هُوَ الْغِنَى وَهُوَ الْعَظَمَةُ وَهُوَ الْمَالُ.
بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا رِيَاسَةٌ وَمَالٌ، لَمْ يُنْجِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُخَلِّصْهُ مِنْ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِهِ إيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ.
وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ.
وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ}.
فَبَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْلَيْنِ عَظِيمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ لَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَاهُ، وَلَا يُتَوَكَّلُ إلَّا عَلَيْهِ وَلَا يُسْأَلُ إلَّا هُوَ.
وَالثَّانِي: تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ، وَهُوَ بَيَانُ مَا يَنْفَعُ وَمَا لَا يَنْفَعُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أُعْطِيَ مَالًا أَوْ دُنْيَا أَوْ رِيَاسَةً كَانَ ذَلِكَ نَافِعًا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ، مُنْجِيًا لَهُ مِنْ عَذَابِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ.
وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ.
قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلًّا}.
يَقُولُ: مَا كُلُّ مَنْ وَسَّعْتُ عَلَيْهِ أَكْرَمْتُهُ، وَلَا كُلُّ مَنْ قَدَرْت عَلَيْهِ أَكُونُ قَدْ أَهَنْته، بَلْ هَذَا ابْتِلَاءٌ لِيَشْكُرَ الْعَبْدُ عَلَى السَّرَّاءِ، وَيَصْبِرَ عَلَى الضَّرَّاءِ، فَمَنْ رُزِقَ الشُّكْرَ وَالصَّبْرَ كَانَ كُلُّ قَضَاءٍ يَقْضِيهِ اللَّهُ خَيْرًا لَهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ قَضَاءٍ إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.
وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ}.
وَتَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا فَيُطِيعَهُ وَيُطِيعَ رُسُلَهُ، وَيَفْعَلَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ فَيَدْخُلُ مَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَوْجَبَهُ وَأَرْضَاهُ.
وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَيَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَهُوَ تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ.
وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ تَوْحِيدٌ لَهُ، فَيَقُولُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
*****************************
فتاوى ابن تيمية
الحمد والشكر لله
اللهم الهمنا الصبر على ما نحب والصبر على مانكره
جزاك الله خيرا
بارك الله فيكم
نبع الحنان
أخي السلفي
جزاكم الله خيرا سعدت بمروركم وأرجو من الله استفادتكم