يوم من الايام خرج من بيته من شدة الجوع ولانه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق الى احد
البساتين والتي كانت مملوءة باشجار التفاح
وكان احد اغصان شجرة منها متدليا في الطريق … فحدثته نفسه ان ياكل هذه التفاحة ويسد بها
رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستنان بسبب تفاحة واحدة …
فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع الى بيته بدأت نفسه تلومه
– وهذا هو حال المؤمن دائما – جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم
استأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم
بالامس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وانا اليوم أستأذنك
فيها فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل انا خصيمك يوم القيامة عند الله!!!
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل اليه أن يسامحه وقال له انا مستعد ان اعمل اي شي بشرط ان
تسامحني وبدأ يتوسل الى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد الا اصرارا وذهب
وتركه والشاب يلحقه ويتوسل اليه حتى دخل بيته
وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه الى صلاة العصر… فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب
لازال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب
لصاحب البستان ياعم انني مستعد للعمل فلاحا في هذا البستان من دون اجر باقي عمري او اي
امر تريد ولكن بشرط ان تسامحني . عندها… اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني انني
مستعد ان اسامحك الان لكن بشرط .. فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدى لك ياعم؟
فقال صاحب البستان شرطي هو ان تتزوج ابنتي !!!ا
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم اكمل صاحب البستان قوله .
ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وايضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وانا ابحث لها عن
زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك
صدم الشاب مرة اخرى بهذه المصيبة الثانية وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه الفتاة خصوصا انه لازال
في مقتبل العمر؟ وكيف تقوم بشئونه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟
بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن انجو من ورطة التفاحة !!!!
ثم توجه الى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك واسال الله ان يجازيني على نيتي وان
يعوضني خيرا مما اصابني فقال صاحب البستان …. حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي
في البيت لوليمة زواجك وانا اتكفل لك بمهرها
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى… حزين الفؤاد… مكسور الخاطر…
ليس كأي زوج ذاهب الى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له ابوها وادخله البيت وبعد ان تجاذبا
اطراف الحديث قال له يا بني… تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما
على خير واخذه بيده وذهب به الى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها ….
فاذا فتاة بيضاء اجمل من القمر قد انسدل شعر كالحرير على كتفيها فقامت ومشت اليه فاذا هي
ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يا زوجي ….
اما صاحبنا فقد وقف في مكانه يتأملها وكأنه امام حورية من حوريات الجنة نزلت الى الارض
وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم مالذي حدث ولماذا قال ابوها ذلك الكلام …
ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده
وقالت انني عمياء من النظر الى الحرام
وبكماء من الكلام الى الحرام
وصماء من الاستماع الى الحرام
ولا تخطو رجلاي خطوة الى الحرام ….
وانني وحيدة ابي ومنذ عدة سنوات وابي يبحث لي عن زوج صالح فلما اتيته تستاذنه في تفاحة
وتبكي من اجلها قال ابي ان من يخاف من اكل تفاحة لا تحل له حريّ به ان يخاف الله في ابنتي
فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لابي بنسبك
سلمت يداك اخي على هده القصة الرائعة و الحاملة للمعاني الكثيرة
و ان شاء الله يرزقنا الزوج الصالح