تخطى إلى المحتوى

اداب الدعوة الى الله 2024.

القعدة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لا تنسى يا غير مسجل الدعـــاء لي و للمسلمين
بالهدى والثبات على طاعة الله و القدرة على الدعوة الى الله في كل مكان

آداب الداعية

الدعوة إلى الله تعالى من أجل الطاعات وأعظم القربات، وهي أفضل ما تحركت نحوه الهمم العالية والعزائم السامية، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، رتّب الله عليها الأجر العظيم والثواب الجزيل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه دون أن ينقص من أجورهم شيء) أخرجه مسلم. والدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم من العلماء والدعاة والمصلحين، فالله عز وجل قد اختار لها صفوة خلقه، وقد وصف الله أكرم خلقه وأفضل أنبيائه ورسله، محمداً صلى الله عليه وسلم، بقوله: (وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً).
وعلى الدعاة إلى الله أن يتحلوا بالآداب المؤدية إلى نجاح دعوتهم، ومن هذه الآداب:
1- الإخلاص في الدعوة إلى الله:
الإخلاص في الدعوة إلى الله عز وجل هو أعظم الآداب ولُبُّها، وهو أساس نجاح العمل الدعوي، والدعوة إلى الله عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، فكان الإخلاص شرطاً لقبولها، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} فيجب على الداعية إلى الله أن يخلص لله في دعوته، فلا يكون عمله رياءً ولا سمعة، ولا لغرض دنيوي وحطام فانٍ زائل، بل يكون لسانه دائما يقول: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)، فلا يطلب بدعوته منصباً، ولا منزلةً، ولا شهرةً، بل يبتغي بعمله وجه الله تعالى.

2- العلم:


يجب على الداعية أن يطلب العلم النافع الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليدعو إلى الله على بصيرة، فإن الله قال في كتابه العزيز: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

ولقد أكّد الله في كتابه الكريم على تعلُّم الدعاة للعلم الشرعي في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

فالعلم الشرعي وإن كان واجباً في حق كل مسلم إلا أن وجوبه اكد وألزم بالنسبة للداعية؛ لأن الأمر لا يخصه هو فحسب، بل يتعداه لغيره، فلابُدَّ أن يُلم بالقدر الكافي من حقائق الإسلام وأحكام الشريعة حتى يثق الناس بعلمه، ويستجيبوا لدعوته.

3- العمل بما علم:
وهذا من الأمور المهمة في حياة الداعية، فالداعية بلا عمل كالرامي بلا وتر؛ لأن الله سبحانه وتعالى شنّع بأولئك الذين يسعون لإصلاح الناس وينسون أنفسهم، فقال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}


فإذا كان الداعية صالحاً ومستقيماً في نفسه، فحري أن يُقبل قوله، وأن تُسمع كلمته، وأن يكون له تأثير في المجتمع.

4- مراعاة الأولويات:

فالرسل عليهم الصلاة والسلام أول ما بدؤوا به هو الدعوة إلى العقيدة الصحيحة؛ لأنها هي الأساس، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}، فإذا صحت العقيدة دعوهم إلى بقية أمور الدين، من فرائض ونوافل وآداب وغيرها. فيجب على الداعي أن يراعي الأولويات في دعوته، فذلك من أعظم أسباب نجاح الدعوة.

5- الصبر:

الصبر من أعظم مقومات الداعية الناجح، فالداعية في حاجة إلى الصبر قبل الدعوة، وأثناء الدعوة، وبعد الدعوة؛ ولهذا أمر الله به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}

والصبر في الدعوة بمثابة الرأس من الجسد، فلا دعوة لمن لا صبر له، كما أنه لا جسد لمن لا رأس له.


فلابد للداعية أن يصبر على دعوته وما يدعو إليه؛ لأن الدعوة إلى الله طريق محفوفة بالمكاره والمتاعب، والداعية معرض للإيذاء والاستهزاء والسخرية، فإذا صبر على ذلك كان إماماً يقتدى به قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}

ولنا في حبيبنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد استمر في دعوته ثلاثة وعشرين عاماً، يدعو إلى الله ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً، لا يصرفه عن ذلك صارف، ولا يرده عن ذلك راد، فلقي العنت والأذى من قومه حتى كسرت رباعيته وشجت وجنته ووضع السلا على ظهره، فصبر صبراً لم يصبره نبي قبله، ولم يزل صادعاً بأمر الله ومقيماً على جهاد أعداء الله، صابراً على ما يناله من الأذى حتى مكن الله له في الأرض وأظهر دينه على سائر الأديان وأمته على سائر الأمم.

6- حسن الخلق:
ومن ذلك الحلم والرفق واللين وطلاقة الوجه والتواضع ورقة العبارة، وقد امتدح الله عز وجل قدوة الدعاة صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ولنا فيه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فكم أسلم بسبب حلمه أو كرمه أو عفوه أناس كانوا في جاهلية جهلاء، فأصبحوا بحسن خلقه صحابة أجلاء.


فمن لم يتخلق بالخلق الحسن من الدعاة، ينفر منه الناس ومن دعوته؛ لأن طبائع الناس أنهم لا يقبلون ممن يستطيل عليهم أو يبدو منه احتقارهم ولو كان ما يقوله حقاً لا مرية فيه، والله سبحانه وتعالى يقول للنبي الكريم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}


7- الحكمة:
ينبغي أن تكون الدعوة إلى الله بالحكمة وحسن الأسلوب واللطافة مع إيضاح الحق لقوله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) فإن كانت الدعوة إلى الله بقسوة وعنف، فإنها تضر أكثر مما تنفع.

8- الوعي:
يجب على الداعية أن يكون على دراية بواقع البلد التي يدعو فيها، وحال الناس الذين يدعوهم، وعليه أن يكون خبيراً بالقضايا المطروحة، والمشكلات المنتشرة في المجتمع، حتى يكون ذا خلفية قوية، فيختار الطريقة المناسبة لمن يدعوهم، ويُلم بالموضوعات التي تهمهم.

9- الأناة والتثبت:
من أعظم ما يتميز به الداعية إلى الله عز وجل، أن يتأنى ويتثبت في الأمور الواقعة، وفي الأخبار الواردة، فلا تأخذه العجلة، فيحكم على أناس بما ليس فيهم، فيندم ويتحسر على مابدر منه؛ ولذلك قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}

10- عدم اليأس:
فبعض الدعاة إذا لم يلق استجابة ممن يدعوهم، يحمله ذلك على اليأس وعلى القنوط فيترك الدعوة، فيجب على الداعية أن يعلم أن الواجب عليه إقامة الحجة وبراءة الذمة، كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن الذين أنكروا على أصحاب السبت فعلتهم الشنيعة وقال لهم من قال: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}

أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما فيه رضاه، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجعلنا من العاملين بشرعه، الداعين إلى دينه على بصيرة، إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


القعدة

بورك فيك أخية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.