وهل هناك شئ لا هو روح ولا هو جسد؟ لا , لأن أي كائن لا يخلو أن يكون روحا , أو أن يكون جسدا , أما الذي لا يكون روحا ولا جسدا فهو لاشيء وهذا يعني انه يريد أن يقول أنه كان نبيا قبل خلق آدم , وقد وضح ذلك الحديث الأخر الذي يرويه سيدنا العرباض ابن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول {إنِّى عِنْدَ اللهِ فِى أمِّ الكِتَابِ لخَاتَمُ النَّبِيينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتَه}[2]
وذلك لانه أصل النبيين والمرسلين , وسر أنوارهم , فخطاب التكليف له بالنبوَّة ، هو قول الله تعالي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} الأحزاب
أما خطاب التكليف بالرسالة ، فقد جاء في قول الله تعالي {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} البقرة151
فلو نظرنا لخطابات التكليف الموجهة للأنبياء السابقين ، نجد أن الله لم يفتتح أيا منها بالنبوة وإنما خاطب الانبياء فيها باسمائهم {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ} هود76
{يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}النمل9
{يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ} المائدة116
{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} ص26
ولكن عند خطاب زعيمهم وإمامهم صلوات الله وسلامة عليه ، افتتحه بالتعظيم في قوله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وكلمة{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} تفيد معاني كثيرة ، غير ما تفيده عبارة {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} فهي تدل علي أنه أرسل للإنس والجنَّ , والملائكة , وحملة العرش , والكروبيين , والروحانيين ، بل وجميع مخلوقات الله المكلفة , فقد أرسل صلوات الله وسلامة علية للجميع
ولذا فقد سمعت من رجل من الصالحين أنه صلوات الله وسلامه عليه عند عروجه الي الملاء الأعلي مر علي مَلَك في كوكب الثريا ، يبشر الملائكة ببعثة رسول الله , وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم ، فقال المَلَك عندما رآه : هاهو محمد صلى الله عليه وسلم قد دخل عليكم ، وهذه الرواية إن صحت ، تدل علي أن التبشير برسالتة صلى الله عليه وسلم لم يكن في عالم الأرض فقط بل في العوالم العلوية أيضا
ومما يؤكد معرفة الملائكة به قبل بعثته ما ورد أن جبريل عليه السلام عندما نزل لإبراهيم عليه السلام لتنفيذ أمر الله في إبنه إسماعيل وأمه ، أركبه البراق وركب إبنه أمامه ، وزوجته خلفه ,ومشي سيدنا جبريل وهو ممسك بلجام البراق , وكلما رأي سيدنا ابراهيم أرضا بها ماء وخضرة ، يقول له : أننزل ها هنا يا جبريل ؟ فيقول : لا , حتي تأتي مكة
فلما وصل إلي مكة ، قال له : إنزل ها هنا ، فقال إبراهيم : أننزل ها هنا يا جبريل ، ولا زرع ولا ماء ؟ ، فقال جبريل : لابد لك من النزول هنا , لان هنا سيولد النبي الذي يخرج من ولدك هذا , والذي يتم الله به الأمر
فوظائف النبوة التي شملتها الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} الأحزاب
وهي خمس وظائف :
1. أنه صلى الله عليه وسلم " شاهداً "
2. أنه صلى الله عليه وسلم " مبشرا ونذيراً "
3. أنه صلى الله عليه وسلم " داعياً الي الله عز وجل بإذنه "
4. أنه صلى الله عليه وسلم " سراجاً منيراً "
5. أنه صلى الله عليه وسلم "يبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا "
هذه الوظائف الخمسة كُلِّف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل الحقِّ للقيام بها ، لجميع طوائف الخلق من قبل آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
[1] أخرجه البزار والطبراني في الأوسط ، وأبو نعيم عن ابن عباس وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم عن ميسرة الفجر
[2] أخرجه الحاكم والبيهقي واحمد عن العرباض بن سارية
حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق
منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
[/frame]