تخطى إلى المحتوى

" لتبيّن للناس ما نُزّل إليهم " : 2024.

يمكننا القول بأن القرآن الكريم ، باعتباره رسالة للعالمين ، رسالةٌ مطلوب تبليغها لـ الناس ، ويتم التبليغ من الرسول صلى الله عليه وسلم دون تحوير أو تبديل أو تحريف ، وهذا واضح في أكثر من موضع من القرآن الكريم ، مثل قوله تعالى في الآية رقم 44 من سورة الحاقة : " ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين "، وقوله تعالى في الآية رقم 33 من سورة الطور : " أم يقولون تقوّله، بل لا يؤمنون " . وهذا معناه أن مهمة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، الأولى هي تلقّي الرسالة من جبريل عليه السلام ، وإبلاغها للناس ، وليس مجرد الأخذ عن جبريل عليه السلام ، ذلك لأن مجرد التلقّي ، والعلم ، لا يتجاوز حدود " النبوّة "، أمّا الإبلاغ فهو الذي يجعل " النبيَّ " "رسولاً " ، لقوله تعالى في الآية رقم 67 من سورة المائدة : " يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ، والله يعصمك من الناس "، وقوله تعالى في الآية رقم 19 من سورة الأنعام : " وأُوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "، وقوله تعالى في الآية رقم 82 من سورة إبراهيم : " هذا بلاغ للناس ولينذروا به " ، وقوله تعالى في الآية رقم 20 من سورة آل عمران : " وإن تولّوا فإنما عليك البلاغ "، وقوله تعالى في الآية رقم 106 من سورة الأنبياء : " إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين " .
كما يمكن القول بأن النبي " مُبيِّن " لما أوحي به إليه ، ولا يكون البيان إلا عبر قنوات " القول " و " الإقرار " و " العمل " ما عُرف ، في علوم الحديث ، بالسنة القولية والتقريرية والعملية . ولا شأن لنا بمحاولة " عزل " القرآن الكريم جزيرةً وحيدةً ما يمهد لاعْجواج فهمه والتحير في حسن العمل به ، إذ الفاهم الأصح لهذا الكتاب العزيز هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم من تلقّوْه منه من الصحابة رضي الله عنهم ؛ جاء في الآية رقم 44 من سورة النحل قوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم ، فاسألوا أهل الذكر إنْ كنتم لا تعلمون ، بالبينات والزُّبُر ، وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ، ولعلهم يتفكرون " . ولعل هذا القول المبِين أن يكون إشارة إلى وظيفة الرسول ، والرسل عامة ، وهي ارتكاز العقل إليهم حال غمّتْ الأمور . فالمقطع السابق لهذه الآية الكريمة يشير إلى تجرأ البعض على الله تعالى حيث نسب إليه مشيئةَ الشرْك به … : " وقال الذين اشركوا : لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء " ، فجاءت الآية 44 لتقطع على هؤلاء زعمَهم ، وأبانت أن الله ، تعالى ، يرسل بشراً ، لا ملائكةَ ، إلى الناس ويزودهم بوحي من عنده عبر وسائل الاتصال المعروفة في " التلقي " عن الله تعالى ، ثم يكلفهم أمرين : التبليغ والتبيين ، وهذان الأمران لا ينفكّ أحدهما عن الآخر .
نعتقد ، نحن المسلمين ، أن الله تعالى خلقنا لحكمةٍ لا يقلل من شأنها عدم إدراكنا لها ، وأنعم علينا برسول خاص لكل منا على حدة ، وهو العقل الذي يميز الإنسان عن غيره من مخلوقات الله تعالى ، وزُود هذا العقل بملكة التمييز بين الصواب والخطأ ، ثم أنعم علينا برسول عام وهو الرسل عامة ومحمد ، صلى الله عليه وسلم ، خاصة ، ووظيفةُ هؤلاء بيانُ الشرائع التي للعقل أن يعود إليها ليسترشد بها لكونها الكمال التشريعي الذي رضيه الله تعالى للبشر ( = توحيد الألوهية ) ، وعليهم أن يُعمِلوا عقولهم فيما يستجد لهم من أمور ، إذ لا مشاحة أن تكون بعض أحكام الشريعة " عامة " تسمح للناس أن يستنبطوا منها أحكاماً تناسب ما يستجد لهم من قضايا حيث " يدور الحكم مع العلة وجوداً وعدماً " … كما أن هذا " الفهم " يتماهى مع القول إن الإسلام هو الخاتم ديانةً للناس كافة ، ومن ثم فهو الصالح لكل زمان ولا مكان ، حيث لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا وحي بعد رحيله على أيّ من البشر ، ولا كتاب سماوي بعد القرآن الكريم .

باااااااااااااارك الله فيييييييييييييك
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.