تخطى إلى المحتوى

عورة المرأة بالنسبة للرجل 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
عورة المرأة بالنسبة إلى الرجل :
أيها الأخوة المؤمنون… مع الدرس الرابع من دروس العورة، وقد بينتُ بفضل الله عز وجل في دروسٍ سابقة، عورة الرجل بالنسبة إلى الرجل، وعورة الرجل بالنسبة إلى المرأة، وعورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، وبقي الموضوع الرابع، وهو عورة المرأة بالنسبة إلى الرجل.
أولاً: تختلف عورة المرأة بالنسبة للرجُل، باختلاف الرجل، من هو هذا الرجل؟ ما كل رجل ككل رجل، عورة المرأة بالنسبة إلى الرجل تختلف باختلاف الرجل.
كم احتمال يوجد للرجال؟ هناك رجُلٌ زوج، وهناك قريبٌ محرم، وهناك قريبٌ غير محرم، وهناك أجنبيّ، أربع أنواع من الرجال، زوجٌ، قريبٌ محرمٌ، قريبٌ غير محرمٍ، أجنبيّ.
أما المرأة بالنسبة لزوجها فليس لها عورة، وله أن يرى منها كل شيء، من فرقها إلى قدمها، بشهوةٍ وبغير شهوة، لأنه لما جاز المسّ والغشيان فلأن يجوز ما دونهما وهو النظر إلى جميع بدنها من باب أولى، إلا أن الأولى- الآن دقة الحكم- إلا أن الأولى ألا ينظر كل واحدٍ منهما إلى عورة صاحبه، طبعاً المغلظة، السوأة، ومن نظر فقد ترك الأولى، لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام:
(( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ ))
[ابن ماجة عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ ]
أي هذا توجيه إرشادي، فمن ترك هذا ترك الأولى، ولقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: (( رَأَى رَجُلا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلا إِزَارٍ فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ))
[النسائي عَنْ يَعْلَى]
ولقول النبي عليه الصلاة والسلام: (( إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ ))
[ الترمذي عَنْ ابن عمر ]
إذاً عورة المرأة بالنسبة إلى زوجها ليس لها عورة، له أن ينظر إليها من فرقِها إلى قدمها، بشهوةٍ وبغير شهوة، لأنه جاز المس والغشيان، فلأن يجوز ما دونهما وهو النظر من باب أولى، لكن ذوق النبيّ الراقي وجّه إلى عدم النظر إلى السوأة، فمن نظر فقد ترك الأولى.
ليس هناك قضية تحتاج إلى بحث، أو إلى أخذ ورد، فيما بين الزوج وزوجته، وإذا كان هناك من تفصيلات تتعلق فيما بين الزوجة وزوجها فله درسٌ آخر مستقل، أي موضوع الحيض والنفاس وما إلى ذلك، لكن طبيعة هذا الموضوع تقتضي أن ننتقل من هذا الجزء من الدرس إلى الجزء الآخر، وهو عورة المرأة بالنسبة لقريبها المحرم.
الجزء الأول، عنوان الدرس عورة المرأة بالنسبة إلى الرجل، أجزاءٌ كثيرة من هذه الأجزاء عورة المرأة بالنسبة لزوجها. عورة المرأة بالنسبة لقريبها المحرم :
القعدة
الجزء الثاني: عورة المرأة بالنسبة لقريبها المحرم: من هو القريب المحرم؟ القريب المحرم أي ما حرُم عليه الزواج منها، الأب، الابن، الأخ، العم، الخال، ابن الأخِ، ابن الأُختِ. قال: هؤلاء الأقرباء المحارم، لا يمكن للمرأة أن تُظْهِر أمامهن إلا .. والآن عدم الفهم، أنه أخي، أخوكِ له حدود، ابني، ابنك هناك حدود، أبي، أبوكِ له حدود.
قال: هؤلاء الأقرباء المحارم لا يحل لهم أن ينظروا إلى المرأة إلا إلى الرأس، والشعر، والوجه، والعنق أي أعلى الصدر، والأُذن، والساعد، والكف، والساق، والقدم هذه المواضع التي يجوز للأقرباء المحارم أن ينظروا إليها من المرأة، التي يحرم عليهم الزواج منها.
المحارم بحكم المصاهرة :
طبعاً هناك أقرباء محارم بحكم النسب، وأقرباء محارم بحكم المُصاهرة، فالإنسان حماته، أُم زوجته، هذه من محارمه، زوجة ابنه من محارمه، زوجة أبيه من محارمه، أُمه، أُُخته، ابنته، ابنة أخيه، ابنة أُخته، عمته، خالته، هذه النساء القريبات المحارم.
إذاً الرأس، الشعر، الوجه، العنق، الأُذن، أعلى الصدر، الساعد، الكف، الساق، القدم، تُلخص هذه المواضع بأن المرأة عليها أن ترتدي أمام أقاربها المحارم ثياب الخدمة، وثياب الخدمة هي الثياب التي تغطي سائر الجسد، ماعدا هذه الأعضاء التي ذكرتها قبل قليل، قال تعالى:
﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة النور: 31]
مرّ شرح هذه الآية بالتفصيل، في سورة النور، فمن أراد التفصيل الدقيق فليرجع إلى تفصيل سورة النور، وهي مُسجلة. دليل عدم رؤية القريب المحرم الظهر والصدر في النساء المحارم :
الآن ما الدليل على أن الظهر والصدر في النساء المحارم لا ينبغي أن يراها القريب المَحْرَم؟ دليل قوي جداً، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾
[ سورة المجادلة: 2]
إذا قال الزوج لزوجته: أنت عليّ كظهر أُمي، أي حرامٌ أن أنظر إليك كحرمة نظري إلى ظهر أُمي، فظهر الأُم بإمكان الابن أن يراه؟ هذا دليل قوي جداً، إذاً أيهما أكثر فتنة الظهر أم الصدر والبطن؟ من باب أولى إذا كان ظهر الأُم طبعاً، والأُخت، والابنة، والعمة، والخالة، وبنت الأخِ، وبنت الأُختِ، وأُم الزوجة، وزوجة الابن، وزوجة الأبِ، أي النساء المحارم، محارم نسب، ومحارم مُصاهرة، إذا قال الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ﴾
أي حينما قال أحدهم: أنت عليّ كظهر أُمي، الله عز وجل قال: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً﴾
[ سورة المجادلة: 2]
إذاً فلأن تكون حرمة النظر إلى البطن والصدر من بابِ أولى، إذاً ما بقي إلا الرأسُ، وما عليه من الشعر، والوجه، والأُذنُ، والعنق، والكف، والساعد، والساق ما تحت الركبة، والقدم، أي ثياب الخدمة، إذاً في بيوتنا، البنت أمام أخيها، أمام أبيها، أمام ابنها، أمام عمها، أمام خالها، أمام ابن أخيها، أمام ابن أُختها، أمام والد زوجها، أمام ابن زوجها، لا يحل لها أن تُظهر إلا رأسها، وشعرها، ووجهها، وأُذنيها، وعنقها، وساعدها، وكفَّها، وساقها، وقدمها، أي عليها أن ترتدي ثياب الخدمة، أي الثياب المحشومة.
أما قميص نوم يشف عما تحته، أخي، أي أخٍ هذا؟ هذا خلاف الشرع، ألبسة ضيقة، ألبسة شفافة، ألبسة فيها إبراز للمفاتن، ألبسة فيها تبذُّل، ألبسة تصف ما تحتها، تصف خطوط الجسم، هذه كلُّها محرمةٌ، أن تبدو المرأة أمام أقاربها المحارم، إن أردت الإسلام، إن أردت الشرع، إن أردت منهج الله عزَّ وجل، إن أردت أن يبقى هذا البيت مصوناً، إن أردت ألا تقع فيه شبهة، إن أردت النظافة والعفاف، فعليك باتباع الشرع. ما حلّ من المحارم النظر إليه حلّ مسه وغمزه :
طبعاً يوجد عندنا حكم فرعي، ما حلَّ نظره من محارمه حلّ مسه، الإنسان له حق أن يُصافح أُخته، أن يُمسك بكفها، ما حلّ نظره من محارمه حلّ مسه، طبعاً قال: إذا أمن الشهوة، الإنسان السوي، الشخص الطبيعي، الإنسان الذي يمثل الخط العريض، أما النسبة الشاذَّة فهذه لها حكم آخر، كل الأحكام التي تلوتها عليكم في هذه الدروس الأربع، هي متعلقةٌ بالإنسان السوي، فكان عليه الصلاة والسلام يقبّلُ رأس السيدة فاطمة رضي الله عنها، وكان يقول:
(( من قبّل رجل أُمه فكأنما قبل عتبة الكعبة ))
[روي في كتاب شرعة الإسلام]
لك الحق أن ترى الساق، والقدم، والساعد، والكف، والعنق، والرأس، والوجه، والأُذن، فما حلّ نظره حلّ مسه عند أمن الفتنة.
لكن أنا أتمنى، أن تجعل هناك فرقاً بين الأقارب- أقارب النسب- وبين أقارب المُصاهرة، أقارب المصاهرة يجب أن تأخذ احتياطاً أكثر، فعادات التقبيل بين الصهر والحماية هذا ليس وارداً، أي حتى هناك رأي متشدد، أنه من قبّل أم زوجته، وشعر بشيء، حرمت عليه زوجته، فالأولى أن نبتعد كُلياً عن تقبيل المحارم، بسبب المصاهرة، أي زوجة الابن مشتهاة، لذلك لا يجوز الخَلوة بها، زوجة الأب التي في سن الابن مشتهاة، لا يجوز الخلوة بها، أم الزوجة، يوجد حالات تشتهى، لا يجوز، لذلك النساء المتعلقات بالمصاهرة، هؤلاء يجب أن تأخذ احتياطاً أكبر بكثير من احتياط الأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وابنة الابن، وابنة البنت.
كان بعض التابعين يمشّط رأس أُمه، لا يوجد مانع، الرأس مسموح، الشعر مسموح، لكن الحكم الدقيق من لم يأمن ذلك، بأن خاف الشهوة على نفسه، أو عليها، أحياناً يكون الوضع معكوساً، خاف الشهوة على نفسه، أو عليها، أو شك، يوجد درجة أشد من الخوف هي الشك، لو شك فلا يحل له النظر ولا المس، قال: وكذا ما حلّ من محارمه النظر إليه حلّ مسه وحلّ غمزه بالتدليك، إذا الإنسان دلَّك، أي بين الكتفين، أو الساق لا يوجد مانع، فالتدليك يجوز لما يجوز النظر إليه، أما ما لا يجوز النظر إليه، انظر الدقة، فيحرم مسُّه مباشرةً، ويكره تحريماً دلكه من فوق الثياب، تدليكه، ما حرم النظر إليه يحرم تحريماً قوياً، مسه مباشرةً، أو دلكه من فوق الثياب.
إذاً أول قسم في الدرس: عورة المرأة بالنسبة لزوجها، القسم الثاني: عورة المرأة بالنسبة لأقاربها المحارم، محارم النسب، ومحارم المُصاهرة، ومحارم المُصاهرة درجة يجب أن تكون أدق، وفيها احتياط أكثر. عورة المرأة بالنسبة لقريبها غير المحرم :
أما عورة المرأة بالنسبة لقريبها غير المحرم مثلاً قال: ابن عمها، ابن عمتها، ابن خالها، ابن خالتها، وهكذا سائرُ أقاربها، الآن قريب غير محرم، ابن العم، وابن العمة، وأخو الزوج، أخو الزوج قريبها لكنه غير محرم، وابن الخال، وابن الخالة، وسائرُ أقربائها من النسب، وزوج الأُختِ، وزوج الخالة، وزوج العمة، وأخ الزوج، زوج الأُختِ، وأخو الزوج، واضح تماماً، زوج الأخت، وأخو الزوج، وزوج الخالة، وزوج العمة، وابن أخِ الزوج، وعم الزوج، وخال الزوج، وأبناؤهم، وابن أُخت الزوجِ، وغيرهم أي تقريباً الأقرباء غير المحارم، ابن العم، وابن الخال، وابن العمة، وابن الخالة، زوج الأخت، أخو الزوج، زوج الخالة، زوج العمة، ابن أخِ الزوج، عم الزوج، خال الزوج، وأبناؤهم، ابن أخت الزوج، وغيرهم، الحكم سهل جداً، قال: هؤلاء المحارم غير النسبيين كالأجانب تماماً، بل هناك قولٌ للنبيّ عليه الصلاة والسلام، لأن الأقارب يمكن أن يطرقوا الباب، هنا أخي؟ لا والله تفضل، أخو الزوج، زوج الأُخت صهري، أهلاً وسهلاً صهري، هذا زوج الأُخت، قال: الحرمة أشد، فلما سُئل عليه الصلاة والسلام عن الحمو قال:
(( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ))
[البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر]
لأن له مدخل، يوجد قرابة، هو أجنبيٌ تماماً، والخطر قائم وأشد.
لذلك مرة ثانية: الأقرباء غير المحارم: ابن العم، وابن العمة، وابن الخال، وابن الخالة، وزوج الأخت، وزوج الخالة، وزوج العمة، وأخو الزوج، وابن أخِ الزوج، وعم الزوج، وخال الزوج، وأبناؤهم، وابن أخت الزوج، وغيرهم، قال: لا يحل لهم أن يروا من المرأة شيئاً، كالأجانب تماماً، إلا للضرورة الشرعية، إذا ابن عمها طبيب، له الحق أن يرى وجهها وكفيها، طبيب، إلا أن يكون هناك ضرورة شرعية، وعند أمن الفتنة، شرطان: أمن الفتنة، والضرورة الشرعية.
وهؤلاء لا ينظرون من المرأة شيئاً، فإذا نظروا إليها لضرورةٍ شرعيةٍ، كأن يكون ابن عمها قاضياً، فينظرون إلى الوجه والكفين، أما ما لم تكن هناك ضرورةٌ شرعية فالنظر إلى وجه المرأة حرام، بشهوةٍ حرامٌ حُرمة شرعية، وبغير شهوةٍ مكروهٌ كراهة تحريمية، بغير شهوةٍ مكروهٌ كراهةً تحريمية، أي ترقى إلى الحرمة، أما بشهوة فحرامٌ مطلقاً.
وقال مؤلف الدّر، وهو كتابٌ في الفقه الحنفي: " وينظر من الأجنبية وجهها وكفيها فقط للضرورة الشرعية، فإن خاف الشهوة أو شكّ، امتنع نظره إلى وجهها وكفيها، فحِلُ النظر مقيدٌ بالضرورة وبعدم الشهوة وإلا فحرم"
الإمام السرخسي، وهو من أعلم علماء السادة الأحناف، وله موسوعة في الفقه، اسمها المبسوط للسرخسي، يقول: " وحرمة النظر إلى الوجه لخوف الفتنة، لأن خوف الفتنة في النظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها، ووجهها أشد فتنةٌ من أكثر سائر الأعضاء "
وفي الهدية العلائية: " تمنع المرأة من كشف وجهها خوف الفتنة " الأحاديث الواردة في تحريم النظر ووجوب غض البصر :
و الآن إلى الأحاديث الواردة في تحريم النظر، ووجوب غض البصر، لا تقولوا إنني أتشدد، أنا أُعطيكم الأدلة، أنا لا يوجد شيء من عندي إطلاقاً، لا يوجد إنسان عنده شيء أساساً، ليس أنا فقط، لا يوجد إنسان يسترجي أن يأتي بشيء من عنده، هذا شرع، ودين، هذا دين الله، هذه الأدلة، إذا ألقيتها على مسامعكم انتهت مُهمتي، أنتم أحرار بعدئذٍ، أنا لا ألزمكم بشيء، لكن أُبيِّن لكم.
يقول عليه الصلاة والسلام: القعدة

(( مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ ))
[ابن ماجة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ]
(( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله، فمن تركها خوفا من الله آتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه ))
[ أخرجه الحاكم وصحح إسناده من حديث حذيفة ]
وعن أبي أُمامة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلاوَتَهَا))
[أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (( لتغُضُن أبصاركم، ولتحفظُن فروجكم، أو ليكسفنّ الله وجوهكم ))
[ الطبراني عن أبي أمامة]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي ))
[ أحمد عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ]
(( عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ إِنَّ لَكَ كَنْزًا مِنَ الْجَنَّةِ وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا فَلا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ))
[ أحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال عليه الصلاة والسلام: (( كل عينٍ باكيةٌ يوم القيامة، إلا عيناً غضت عن محارم الله، وعيناً سهرت في سبيل الله، وعينأ خرج منها مثل رأس الذباب، من خشية الله ))
[البيهقي عن أبي هريرة]
وعن جريرٍ رضي الله تعالى عنه قال: سألت النبي عليه الصلاة والسلام، عن نظر الفجأة، فقال: (( عَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ ))
[مسلم وأبو داود والترمذي عَنْ جَرِيرٍ ]
الخلاصة: وجه المرأة ليس بعورة في الصلاة فقط، وعورةٌ بالنسبة للأجانب من حيث حرمة النظر إليه خارج الصلاة، خوف الفتنة، وهي في هذا الزمان متحققة، الفتنة متحققة، والفتنة كلها في وجه المرأة، والدليل الخاطب إن لم يعجبه الوجه قلّما قبل بمخطوبته، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾
[ سورة الأحزاب: 53]
نساء النبي عليه الصلاة والسلام إذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب. المعاني المستفادة من الآية التالية :
وقال الله للمؤمنين عامةً:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
[ سورة النور: 30 ]
من أروع ما في هذه الآية، أن هذه المن للتبعيض، أي إذا نظرت إلى محارمك، فغُضّ من بصرك، كيف؟ أُمه، أُخته، ابنته، ابنة أخيه، ابنة أخته، عمته، خالته، لا تدقق في التفاصيل، لا تنظر نظرةً تفصيليةً، انظر بعض النظر، غضّ من البصر، لك أن تنظر شيئاً، أما التدقيق فلا يجوز، هذا معنى من أبصارهم.
والمعنى الثاني أنك إذا نظرت إلى امرأةٍ فجأةً فغض من بصرك، أي الثانية ليست لك.
المعنى الثالث أن هناك نساء لا يحلّ لك أن تراهنَ، فمرة الغض لنوعٍ من النساء، ومرة الغض لجزءٍ من المرأة، ومرة الغض لزمنٍ من النظر، واحدة للزمن، واحدة للجزء، واحدة للنوع ، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب : 59]
معاني قوله تعالى ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ :
الآية السابقة دقيقة جداً، وأدقُّ ما فيها قول الله عزّ وجل:

﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ﴾
[ سورة الأحزاب : 59]
بعض العلماء قال: ذلك أدنى ألا يعرفن، امرأةٌ تكشف عن وجهها، ألا تُعرف من هي؟ الوجه هوية، هذه فلانة، هذه بنت فلان، هذه زوجة فلان، فمن أجل ألا تُعرف يجب أن تستر الوجه، الوجه هوية، نريد الدليل، أنا الآية فسرتها سابقاً، فالقرآن حمّال أوجه.
المعنى الأول: أي هذا هو الحد الأدنى، الذي تعرف فيه المرأة أنها مؤمنة فإذا عرفت أنها مؤمنة، لم يطمع بها أحد، أية امرأةٍ تكشف عن محاسنها، لسان حالها يقول: اُنظروا إلي، أنا أظهر أمامكم بهذا المظهر، كي تنظروا إليّ، دعوةٌ صريحة، لكن ليست قوليةً، إنما هي عملية، أيما امرأةٍ تكشف عن مفاتنها، إنما تدعو الرجال، بل تدعو الذئاب من الرجال، إلى أن ينهشوها، إذاً من أجل أن تُعرف المرأة أنها مؤمنة، ومُسلمة، ولا تبتغي فتنةً، ولا تعرض نفسها على أحد، عليها أن تتحجب: ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ﴾
[ سورة الأحزاب : 59]
الحد الأدنى، الطالب ما حدّه الأدنى الذي يعرف فيه بين الناس أنه طالب مدرسة؟ إذا ارتدى ثياب الفتوة، هذا مستوى الطالب، أن يكون قوياً في اللغة العربية، والرياضيات، والتاريخ، والجغرافيا، والفيزياء، والكيمياء، والأخلاق، والمنطق، والتربية السلوكية، والأخلاقية، وحسن التهذيب، لكن الحد الأدنى الذي تعرف أن هذا طالب مدرسة هو ثيابه.
القعدة
فأقلُّ شيءٌ تعرف به المسلمة حجابها، بقي أدبها، بقي حياؤها، بقي ضبط لسانها، بقي أداؤها لواجباتها، بقي أداء ما عليها من حقوق زوجها، حسن رعاية أولادها، خدمة زوجها، أي هناك آلاف الصفات التي يجب أن تتصف بها المرأة المسلمة، لكن أدنى شيء تُعرف به أنها محجبة، وحينما تحجب كأنها تقول: أنا محجبة، أنا مسلمة، إياكم أن تطمعوا فيّ، هذا المعنى الأول: ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾
[ سورة الأحزاب : 59]
انظر دقة القرآن، أي الحد الأدنى، أقل شيء مقبول في المرأة المسلمة أن حجابها ينبئ عن إسلامها، وحجابها يُشير إلى عفَّتها، وإلى صونها.
المعنى الثاني: ذلك أدنى ألا يعرفن، قد يقول قائل: من أين جئت بهذا المعنى؟ الله قال: أدنى أن يُعرفن، أتيتكم بدليل من آية ثانية، استمعوا قال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
[ سورة المائدة : 19]
ما معنى أن تقولوا؟ لئلا تقولوا، فماذا نقدّر؟ العلماء قدروا المضاف قال: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترةٍ من الرسل كراهة أن تقولوا يوم القيامة، يوجد مضاف محذوف.
كذلك هنا، ذلك أدنى خوفاً أن يعرفن، أي لئلا يعرفن، روعة القرآن أنك إذا قرأت الآية، ذلك أدنى أن يعرفن، لها معنى راق جداً أي هذه المرأة حينما تحجب مفاتنها، هذا هو الحد الأدنى.
إذا إنسان وضع على صدره ميزاناً، ما المعنى؟ هذا محام، يا ترى فهمان؟ على كل حال معه ليسانس حقوق أقل شيء، وداخل في نقابة المحامين، ومعه إجازة، وله مكتب، هذا أقل شيء، أما محامي فهمان، متفوق، مستقيم، فهذا بحث آخر، أما أدنى شيءٍ يعرف به الإنسان أنه محام هذا الشعار.
دخلت إلى غرفة طبيب، رأيت دكتوراً في الطب، الإجازة معلقة توقيع وختم، هذه الشهادة هي الحد الأدنى أنه طبيب.
امرأةٌ محجبةٌ هذا هو الحد الأدنى الذي تُعرف فيه أنها مسلمة، لكن هل حجابها هو الإسلام؟ لا هذا أقل ما في الإسلام، أقل ما فيه، تماماً كالطالب، الحد الأدنى أنه طالب مدرسة ثيابه لونها أخضر، أي طالب ثانوي، وإذ كان لون ثيابه أزرق فهذا طالب جامعي، هذا الحد الأدنى، يا ترى يدرس، لا يدرس، يداوم، لا يداوم، فهمان، ليس فهماناً، ناجح بجهد، بالنقل، بالغش، بحث ثان، لكن الحد الأدنى أنه طالب، فهذه المرأة المحجبة هذا هو المظهر الذي يمثل الحد الأدنى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾
[ سورة الأحزاب : 95]
محجبة، إذاً لا تطمعوا فيّ إطلاقاً.
والمعنى الثاني، أدنى ألا يعرفن، من فلانة؟ لا أعرف، محجبة أما وجهها فمكشوف، هذه زوجة فلان، هذه فتون، سهام، سحر، ما دام الوجه مكشوفاً دخل الاسم، ذلك أدنى ألا يعرفن، هذا المعنى الثاني.
فالقرآن حمّال أوجه، أي إذا قلت: أدنى أن يعرفن، الحد الأدنى أنها معروفة أنها مسلمة مؤمنة، إذا قلت: أدنى ألا يعرفن، ألا تعرف من هي، محجبة، هذا هو المعنى. الله سبحانه أمر النساء بإرخاء الجلاليب لئلا يُعرفن :
و قال تعالى :
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾
[ سورة الأحزاب : 33]
قال: فسّر عبيدة السلماني هذه الآية، فقال فيما أخرجه ابن جرير في تفسيره بسنده، قال: " فلبسها عبيدة بعباءة، فتقنَّع بردائه، فغطَّى أنفه وعينه اليسرى، وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق، حتى جعله قريباً من حاجبه، أو على الحاجب"
قال: " ورجال هذا السند جبالٌ في الثقة والضبط" أو وضع حجابٍ غير صفيقٍ على الوجه، بحيث لا يمنع المرأة من رؤية الطريق التي تمشي فيها، يعد مثل ذلك في المعنى.
إما أن نبقي عيناً واحدة، لترى الطريق، أو حجاباً غير صفيق، أي غير رقيق ترى منه، ولا تُرى منه.
يقول عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس " أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلاليب، ويبدين عيناً واحدة"
هذا كله تفسير هذه الآية.
الجصاص في تفسيره: " في هذه الآية دلالةٌ على أن المرأة مأمورةٌ بستر وجهها، عن الأجنبيين وإظهار العفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن "
أحد العلماء يقول: " أمر سبحانه النساء بإرخاء الجلاليب لئلا يُعرفن، ثم قال: وقد ذكر عبيد السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلاليب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن، لأجل رؤية الطريق "
الآن يوجد أدلة أُخرى، قال ورد في الآثار الكثيرة: " أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام وعامة المسلمات كن يخفين وجوههن عن الأجانب، حتى في حالة الإحرام"
ويدل ذلك على لزوم ستر الوجه خشية الفتنة، ولو في حالة الإحرام، وفي سنن ابن داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ))
[أبو داود عَنْ عَائِشَةَ]
وفي الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى عن فاطمة بنت المنذر قالت: (( كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ))
[ مالك عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ]
وفي فتح الباري في شرح صحيح البخاري في كتاب الحج عن عائشة قالت: (( تسدل المرأة جلبابها، من فوق رأسها على وجهها ))
[البخاري عن عائشة]
وفي حديث عائشة الطويل، حديث الإفك تقول: (( أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ….))
[البخاري عن عائشة ]
ماذا رأى صفوان؟ سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ.
فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي كتب السيرة أن سبب غزوة بني قينُقاع، محاولة اليهود كشف حجاب امرأةٍ مسلمةٍ عن وجهها.
وأخرج الترمذي في الرَضاع، قال: ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ))
[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ]
تلخيص لما سبق :
المرأة كلها عورة فيجب سترها، هذه أدلة، من أقوال السلف، والخلف، في تفسير هذه الآيات والأحاديث، وكلها تؤكّد بشكل مختصر أن عورة المرأة بالنسبة إلى الرجل على أربع مستويات: زوجها لا عورة بينها وبينه، يحل له أن يرى منها كل شيء من فرقها إلى قدمها، بشهوةٍ وبغير شهوةٍ، لأنه لما جاز المس والغشيان جاز النظر من باب أولى، لكن النبي يوجد توجيه إرشادي ألا ينظر كل منهما إلى عورة الآخر، ومن فعل هذا فقد خالف الأولى.
النوع الثاني، نظر الرجل إلى المرأة من محارمه، المحارم؛ محارم نسب ومحارم رضاع، النسب: الأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت الأخِ، وبنت الأخت، أخت الزوجة، زوجة الأب، زوجة الأخ، أم الزوجة، هن قريبات بالنسب.
الرأس، شعر، وجه، أذن، عنق، أعلى الصدر، الساعد، الكف، الساق، القدم، ثياب الخدمة.
أما الأقارب غير المحارم فحكمهم حكم الأجانب، لا يجوز أن ينظرن إلى المرأة إطلاقاً، وهذه الآيات والأحاديث التي تؤكّد أن الوجه يجب أن يُستر، وهذا ما جاء في كتب الفقه، وإن شاء الله في درسٍ قادم، نتابع بعض الموضوعات الفرعية في هذا الدرس.
والحمد لله رب العالمين

جزاك الله خير

شكرا جزيلا على المرور الكريم اخي
بارك الله فيك
مع الاسف الواقع مغايير تماما بسبب البعد عن الدين و اخلاق الاسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.