– الحسيب(1):
قال المؤلف رحمه الله تعالى: "الحسيب: هو العليم بعباده، كافي المتوكلين، المجازي لعباده بالخير والشر بحسب حكمته وعلمه بدقيق اعمالهم وجليلها(2).
والحسيب بمعنى الرّقيب المحاسب لعباده المتولّي جزاءهم بالعدل، وبالفضل، وبمعنى الكافي عبده همومه، وغمومه، وأخص من ذلك أنه الحسيب للمتوكلين {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(3) أي كافيه أمور دينه ودنياه(4).
والحسيب أيضاً هو الذي يحفظ أعمال عباده من خير، وشر، ويحاسبهم إن خيراً فخير وإن شراً فَشَرٌّ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(5) أي كافيك وكافي أتباعك،
فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به في متابعة الرّسول ظاهراً وباطناً، وقيامه بعبودية الله تعالى"(6).
20- الحفيظ(7):
قال رحمه الله تعالى: "الحفيظ: الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات.
ولطف بهم في الحركات، والسّكنات، وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها(8).
والحفيظ يتضمن معنيين:
أحدهما: أنه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير، وشر، وطاعة، ومعصية، فإن علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها، وباطنها وقد كتب ذلك في اللّوح المحفوظ، ووكّل بالعباد ملائكة كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون،
فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد كلها ظاهرها، وباطنها، وكتابتها في اللوح المحفوظ، وفي الصحف التي في أيدي الملائكة، وعلمه بمقاديرها، وكمالها، ونقصها، ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بفضله، وعدله.
والمعني الثاني: من معنيي الحفيظ: أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون
وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص:
-حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها، وتمشي إلى هدايته، وإلى مصالحها بإرشاده، وهدايته العامة التي قال عنها: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}(9) أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته، كالهداية للمأكل، والمشرب، والمنكح، والسّعي في أسباب ذلك، وكدفعه عنهم أصناف المكاره، والمضار، وهذا يشترك فيه البر، والفاجر بل الحيوانات، وغيرها،
فهو الذي يحفظ السماوات، والأرض أن تزولا، ويحفظ الخلائق بنعمه، وقد وكل بالآدمي حفظة من الملائكة الكرام يحفظونه من أمر الله، أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا حفظ الله.
-والنوع الثاني: حفظه الخاص لأوليائه سوى ما تقدم، بحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشّبه، والفتن، والشهوات فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم،
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}(10) وهذا عام في دفع جميع ما يضرّهم في دينهم ودنياهم .
فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه،
وفي الحديث: "إحفظ الله يحفظك"(11) أي احفظ أوامره بالامتثال ونواهيه بالاجتناب، وحدوده بعدم تعديها، يحفظك في نفسك ودينك ومالك وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله"(12).
****************************** **************
– الحــق(13):
قال رحمه الله تعالى:"الحقّ: في ذاته، وصفاته، فهو واجب الوجود كامل الصّفات والنّعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلاّ به.
فهو الذي لم يزل، ولا يزال بالجلال، والجمال، والكمال، موصوفاً.
ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً.
فقوله حقّ، وفعله حقّ، ولقاؤه حقّ، ورسوله حقّ، وكتبه حقّ، ودينه هو الحقّ، وعبادته وحده لا شريك له هي الحقّ، وكل شيء إليه فهو حقّ {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}(14) {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}(15) { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ}(16) {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}(17)"(18).
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} (النساء: 6).
(2) التفسير (5/625).
(3) الطلاق (3).
(4) توضيح الكافية الشافية (ص126و 127).
(5) الأنفال (64).
(6) الحق الواضح المبين (ص78).
(7) لم أقف على دليل يدل على اسميته لله تعالى وإنما ورد بصيغة الصفة كما قال تعالى: { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (سبأ: 21).
(8) التفسير (5/625).
(9) طه (50).
(10) الحج (38).
(11) أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/263) والترمذي (4/667) كتاب صفة القيامة وقال: حديث حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر في المسند (3/2671) وصححه الألباني في المشكاة (3/1459).
(12) الحق الواضح المبين (ص59 إلى 61) وتوضيح الكافية الشافية (ص122).
(13) ودليل هذا الاسم قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (الحج: 62).
(14) الحج (62).
(15) الكهف (29).
(16) يونس (32).
(17)الإسراء (81).
(18)التفسير (5/631 و632).
[ الصفحات: من 182 إلى بداية 185 ]
****************************** ***************