وبعد .
فان مما ابتلي به كثير من العباد قولهم أن السنة لا فرق بين فعلها أو تركها و هذا عين الجهل متتبعين نهج القرآنيين الذين يحرمون ما حرم الله ويحلون ما أحل الله في القرأن فقط ويغضون الطرف عن السنة و هي وحي كذلك وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء في قوله صلى الله عليه وسلم"
مما أمرت به أو النهي مما نهيت عنه، فيقول: ما أدري؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)
وفي لفظ (يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يُحدَّث بحديثي، فيقول:
بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه،
ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرّم الله) (1) .
والشاهد من الحديث (ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) .
(1) أخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي.
انظر: المسند: 4/132. والمستدرك على الصحيحين.
فبعد هذا نرد على هؤلاء و بعض من لا علم له بأن السنة جاءت مبينة ومفسرة لكتاب الله عز وجل فان قال أحدهم لم أجد هذه المسألة في الكتاب قلنا له فلتصلى الظهر ركعة واحدة لأنه ليس في القرآن تفصيل لعدد ركعات الصلوات و هذا قليل من كثير الحجج و البراهين .
وقد ترسخ في ذهن العوام ان معنى السنة ما لا يعاقب تاركه وقد
– قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِيالأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء:59] .
– قوله عزّ من قائل:
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْفِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}
[النساء:65] .
– قوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَانَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر:7]
فان ما أمر رسول الله به أمته لابد من فعله و كف عما نهى عنه لأنه صلى الله عليه وسلم مشرع لقوله عز وجل "
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
أما ما لا يعاقب تاركه من قول النبي أو فعله فهو ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم مع وجود قرينة تصرفه للندب و الاستحباب
و في الأخير نتمنى أن تتغير نظرة العباد الأن للسنة على انها ما لا يعاقب على تركه فكفانا تفريطا على تفريطنا و الله المستعان
و الحمد لله
أخوكم محمد السلفي المالكي
.