تخطى إلى المحتوى

لما كان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا سرا وعلنا عقيدة وعملا وخلقا وأدبا نالوا بركته وسادوا به العا 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
( وما أبرك من هذا القرآن ؟
لما كان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا ، سرا وعلنا ، عقيدة وعملا ، وخلقا وأدبا ، نالوا بركته وسادوا به العالم ، وجاهدوا به أعداء الله ، ولما تخلفوا عنه نزعت بركة القرآن منهم وصاروا يعظمون القرآن تعظيم طقوس ، لا تعظيم عمل به ، يكتبونه في الجدران وفي الاحراز والحجب ، وما أشبه ذلك ….
تعظيم القرآن هو العمل به تصديقا بأخباره وعملا بأحكامه ، ليدبروا آياته : كل الآيات سواء طالت أم قصرت ، فمثلا يجب علينا أن نتدبر آية الدين في سورة البقرة ، وهي أطول آية في القرآن ، وكذلك قوله تعالى : – { ثم نظر } – [المدثر/21] ، وهي من الآيات القصار في القرآن ؛ يجب أن نعرف من الذي نظر ؟ وهل نظر بفكره أم بعينه ؟ لابد أن نعرف هذا ، وقوله : وليتذكر أولوا الالباب .. أولوا العقول ، يتعظون بالقرآن .

ولذلك فاعلم أنه إذا لم تتعظ بالقرآن فإنه لا عقل لك ، لأنه لا يتذكر بالقرآن إلا أهل العقول ، وقال تعالى : – ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) – [محمد/24] ، والاستعلام هنا للتوبيخ ، (أم) هنا منقطعة ، بمعنى بل أي : " بل على قلوب أقفالها " ووجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بيّن أن الحكمة من إنزال القرآن مبارك أن يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها ،
والتدبر والتأمل في الالفاظ ، للوصول إلى معانيها وإذا لم يكن كذلك فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها ، ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه ، ووجه الدللالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبّخ أؤلئك الذين لا يتدبرون القرآن وأشار إلى ذلك من الاقفال على قلوبهم وعدم وصول الخير اليهم ، وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .
تعلموا القرآن أي ألفاظه والعلم يعني معانيه ، والعمل أي العمل بما فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : ( والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ) ، وصدق – رحمه الله – ، الإنسان إذا قرأ كتابا لابد أن يفهم معناه ، وإلا لم يستفد منه ، لو قرأت كتابا بالنحو كالآجرومية مثلا ، هل تستفيد منها بدون معرفة المعنى ؟ لا ؛ فكيف بكلام الله عز وجل ؟ .
ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) (آل عمران: الآية 187) ، وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه .
إذن طريقة السلف في القرآن أنهم يتعلمون ألفاظه ، ومعانيه ويعملون به .

ــــــــــ
شرح كتاب / أصول في التفسير [ الشرح الثاني ] .
للشيخ الإمام / محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – .
منقول

كلام من ذهب لإمام لا يخفى علمه بالتفسير و تبحره في علوم الدين.
رحمك الله ياشيخي رحمة واسعة و جعل مقامك الفردوس الأعلى مع النبيين و اللصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.
أرى أن أفضل مكان لهذا الموضوع يكون في قسم علوم القرأن.
حفظكم الله ابا الليث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.