سبق المأموم إمامه في الصلاة عمدا
الإنسان من طبعه العجلة (وكان الإنسان عجولا) الإسراء/11، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (التأني من الله والعجلة من الشيطان) رواه البيهقي في السنن الكبرى 10/104 وهو في السلسلة 1795. وكثيرا ما يلاحظ المرء وهو في الجماعة عددا من المصلين عن يمينه أو شماله بل ربما يلاحظ ذلك على نفسه أحيانا مسابقة الإمام بالركوع أو السجود وفي تكبيرات الانتقال عموما وحتى في السلام من الصلاة وهذا العمل الذي لا يبدو ذا أهمية عند الكثيرين قد جاء فيه الوعيد الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " رواه مسلم 1/320-321 .
وإذا كان المصلي مطالبا بالإتيان إلى الصلاة بالسكينة والوقار فكيف بالصلاة ذاتها وقد تختلط عند بعض الناس مسابقة الإمام بالتخلف عنه فليعلم أن الفقهاء رحمهم الله قد ذكروا ضابطا حسنا في هذا وهو أنه ينبغي على المأموم الشروع في الحركة حين تنقطع تكبيرة الإمام فإذا انتهى من (راء) الله أكبر يشرع المأموم في الحركة لا يتقدم عن ذلك ولا يتأخر وبذلك ينضبط الأمر وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم في غاية الحرص على عدم استباق النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أحدهم وهو البراء بن عازب رضي الله عنه إنهم كانوا يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رفع رأسه من الركوع لم أر أحدا يحني ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض ثم يخر من وراءه سجدا) رواه مسلم رقم 474 ط. عبد الباقي.
ولما كبر النبي صلى الله عليه وسلم وصار في حركته نوع من البطء نبه المصلين خلفه فقال (يا أيها الناس إني قد بدنت فلا تسبقوني بالركوع والسجود..) رواه البيهقي 2/93 وحسنه في إرواء الغليل 2/ 290، وعلى الإمام أن يعمل بالسنة في التكبير إذا صلى وهو ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع.. ثم يكبر حين يهوي ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس) رواه البخاري رقم 756 ط. البغا، فإذا جعل الإمام تكبيره مرافقا ومقترنا بحركته وحرص المأموم على الالتزام بالكيفية السابق ذكرها صلح أمر الجماعة في صلاتهم.
بارك الله فيك على هكذا تذكير
جزيت خيرا
+
وإسمحلي أخي أن اضيف هاته الفتوى
السؤال: من اليمن باعثها المستمع يحي بن علي يقول في رسالته ما حكم الشرع في نظركم يا فضيلة الشيخ في مسابقة الإمام وأيضاً مسبل إزاره خيلاء نرجو إفادة بذلك؟
الجواب
الشيخ: هذا السؤال تضمن سؤالين السؤال الأول في مسابقة الإمام فمسابقة الإمام محرمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول صورته صورة حمار أو يجعل رأسه رأس حمار وهذا يدل على التحريم ثم إن السبق يختلف فإن كان السبق بتكبيرة الإحرام فإنه الصلاة لا تنعقد لأن الصلاة لا تنعقد إلا إذا كانت تكبيرة المأموم بعد انتهاء الإمام من تكبيرة الإحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإن كان السبق بركن آخر ففيه تفصيل عند بعض أهل العلم والراجح عندي أنه لا تفصيل في ذلك وأن المأموم متى سبق الإمام بالركن أو إلى الركن فإن صلاته تبطل إذا كان عالماً بالنهي أما إذا كان جاهلاً فإنه معذور ولكن عليه أن يتعلم أحكام دينه حتى يعبد الله على بصيرة وكذلك لو نسي فسبق إمامه فإنه لا تبطل صلاته وعليه أن يرجع ليأتي بما سبق إمامه بعده وبهذه المناسبة أود أن أبين أن للمأموم مع إمامه أربع حالات متابعة وموافقة ومسابقة وتخلف فأما المتابعة فهي الحال الوحيدة التي دلت السنة على الحث عليها والأمر بها وهي أن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه بدون تأخر وقد دل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد والحال الثانية الموافقة بأن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة مع إمامه لا يتقدم عنه ولا يتأخر وهذه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر أهل العلم أنه إذا كانت الموافقة في تكبيرة الإحرام فإن الصلاة لا تنعقد وعلى المأموم أن يعيدها بعد ذلك والثالث أو الحال الثالثة المسابقة وهي أن يأتي بأفعال الصلاة قبل إمامه فإن كان ذلك في تكبيرة الإحرام فصلاته لم تنعقد وإن كان في غيرها ففيها تفصيل عند أهل العلم بل فيها تفصيل على المشهور من مذهب الإمام أحمد والراجح أن الصلاة تبطل بذلك إذا كان الإنسان عالماً ذاكراً الراجح أن الصلاة تبطل بذلك إذا كان الإنسان عالماً ذاكراً والحال الرابعة التخلف وهي خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يتخلف عن الإمام فلا يبادر بمتابعته فهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله إذا كبر فكبروا ومعلوم أن المشروط يتبع الشرط ويليه فليكن تكبيرك تلو تكبيرة الإمام وركوعك تلو ركوع الإمام وسجودك تلو سجود الإمام وهكذا فلا تتخلف عنه لكن لو تخلف الإنسان لعذر مثل أن لا يسمع صوت الإمام أو يكون ساهياً ففي هذه الحال متى زال ذلك العذر تابع الإمام يعني أتى بما تخلف عن الإمام حتى يلحقه إمامه إلا أن يصل الإمام من الركن الذي هو فيه فإنها تلغى الركعة التي حصل فيها التخلف وتقوم الركعة الثانية مقامها مثال ذلك لو كنت واقفاً مع الإمام أول ركعة ثم ركع الإمام وسجد وقام إلى الثانية وأنت لم تعلم به حتى وصل إلى القيام وأنت الآن قائم على أنها الركعة الأولى والإمام قام إليها على أنها الثانية فإنك تبقى معه وتكون الركعة الثانية للإمام ركعة لك أولى فإذا سلم أتيت بركعة بعده أما لو علمت به وهو ساجد بأن ركع ورفع وأنت لم تعلم ثم لما ركع للسجود سمعته فإنك تركع وترفع وتسجد وتتابع الإمام أما السؤال الثاني فهو مسبل إزاره وإسبال الإزار حرام ويقع إسبال الإزار على وجهين الوجه الأول أن يسبله بدون خيلاء فهذا عقوبته إن ما أسفل من الكعبين ففي النار هذه هي عقوبته و الوجه الثاني أن يكون خيلاء فعقوبة هذا أن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه ولا يكلمه وله عذاب أليم كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم كررها ثلاث مرات فقال أبو ذر من هم يا رسول الله خابوا وخسروا فقال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب وأما من جر ثوبه لغير خيلاء فقد ثبت في الصحيح إن ما أسفل من الكعبين ففي النار ولا يجوز أن يحمل هذا على الأول لاختلاف العقوبتين وإذا اختلفت العقوبتان في عمل فإنه لا يمكن أن يحمل أحدهما عن الآخر للتناقض والتضاد لأن تلك العقوبة غير تلك وإذا كانت غيرها فإننا إذا حلمنا العمل على ما كانت عقوبته تلك صار هناك تناقض في الحديث وقد ذكر أهل العلم أنه إذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل أحد النصين على الآخر و مثلوا لذلك بقوله تعالى في التيمم (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) ولم يقيد الأيدي بالمرافق وفي آية الوضوء قال (فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق) فلا تحمل آية التيمم على آية الوضوء وذلك لاختلاف الحكم بين الطهارتين فإن طهارة التيمم في عضوين فقط وطهارة الوضوء في أربعة أعضاء وطهارة التيمم لا يختلف فيها الحدث الأكبر والأصغر وطهارة الوضوء الماء يختلف فيها الحدث الأصغر والأكبر فهكذا هذان الحديثان ما أسفل من الكعبين ففي النار ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه لا يحمل أحدهما على الآخر وقد دل على ذلك ما أخرجه مالك من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إزرة المؤمن إلى نصف ساقه وما أسفل من الكعبين ففي النار ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من جر ثوبه خيلاء وبين ما نزل عن الكعبين.
https://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_4811.shtml