تخطى إلى المحتوى

لتصفية والتربية منهج الاسلام الحق

التصفية والتربية من كتاب مدارك النظر للشيخ الجهبذ عبد المالك رمضاني، حفظه الله و أيده بنصره.

إذا تبيَّنا أن رفعة الأمة مرهونة بالعلم والعمل، وأن الأمة قد اختلفت فيهما اختلافاً كثيراً، وأنه قد علق بالإسلام ما ليس منه، وأنه لا سبيل إلى التخلص من الذل المضروب علينا من قرون إلا بالرجوع إلى الدين الصحيح، كما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلَّط الله عليكم ذلا لاينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ([1])،وجب المسارعة إلى تحقيق ما يرفع عنا الذل، وهو الرجوع إلى صفاء الوحيين: الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح: أهل القرون الثلاثة الأولى.
وإذ قد امتدت يد التحريف إلى صفاء الإسلام حتى لوَّثته، وإلى جماله حتى شوَّهته، كانت تصفيته من كل دخيل من أوجب الواجبات، ما دام الحق الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه و سلم مضمون البقاء إلى يوم تبدل الأرض والسماوات، بضمان الله القائل: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وإذا دبّ التحريف إلى قوم، وشحَّت مناهجهم عن التصفية، أصابتهم حيرة لا يفرّقون معها بين حلال وحرام، كما روى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ذات يوم في خطبته: ألا إن ربي أمرني أن أُعلِّمكم ما جهلتم مما علَّمني يومي هذا: كل مالٍ نَحَلْتُه عبدا حلالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجْتالتهم عن دينهم، وحرَّمَت عليهم ما أحللْتُ لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم: عربَهم وعجمَهم، إلا بقايا من أهل الكتاب .
ولما كانت الجاهلية على هذا الوصف الذي في الحديث، بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم مخلِّصا لها دينها من الشوائب، ومربيا لها على الإسلام الذي ارتضاه لها ربها، وعلى قاعدة (التصفية والتربية) وإن شئت قل (التخلية والتحلية) كانت دعوة الإسلام، ففي التوحيد لا يتربى المرء عليه سليما حتى يتخلص من رواسب الشرك، ولذلك قال الله تعالى:{فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ويُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لها}، وفي التشريع لا يتربَّى المرء عليه سليماً حتى يتخلَّص من البدع، ولذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم في كل خطبة جمعة يأمر بلزوم الدين الصحيح المتمثل في الكتاب والسنة ويحذّر مما يَغشُّه ويُكَدِّر صفاءه وهو البدع؛ فقد روى مسلم عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش، يقول:
صبّحكم ومسّاكم ، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ، وتكراره لهذه الجملة دليل تأصيلها وشدّ العناية إليها. وخلاصة هذه القاعدة أنها تعني تصفية الإسلام من كل دخيل، وتربية الناس على هذا الإسلام الأصيل؛ أي تصفية التوحيد من الشرك، والسنة من البدعة، والفقه من الآراء الحادثة المرجوحة، والأخلاق من سلوك الأمم الهالكة المقبوحة، والأحاديث النبوية الصحيحة من الأحاديث المكذوبة المفضوحة … وهكذا.

([1]) رواه أبو داود وهو صحيح، انظر الصحيحة للألباني رقم (11).

متابعون كل موضوع راقي ومفيد للأستاذ الفاضل…………قد قرأنا واستفدنا فدعونا لكم بجنة عرضها السماوات والأرض
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بالقرآن نحيا القعدة
القعدة
القعدة
متابعون كل موضوع راقي ومفيد للأستاذ الفاضل…………قد قرأنا واستفدنا فدعونا لكم بجنة عرضها السماوات والأرض
القعدة القعدة

أستاذ، هذا وصف أن دونه بكثير، و الحمد لله أنك أسفدت أيتها الفاضلة، و جزاك الله كل خير على دعائك الطيب.
نسأل الله أن يرزقنا دوما من يدعوا لنا في حياتنا و بعد وفاتنا.

جزاك الله خير
و اياك بارك الله فيك.
جزاكم الله خيرا

و اياك بارك الله فيك.
مشكور على الموضوع
و جزاك الله كل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.