المرأة المسلمة بين التقاليد الوافدة و الحاضرة
استوقفني هذا الجزء
– المرأة فى عصور الانحطاط
فى دراستى للمجتمع العربى قبيل البعثة الشريفة وكنى مطلع الدعوة الإسلامية وجدت وضع المرأة أوضح وأرسخ من وضعها أيام انحلال الأمة فى عصور الهزيمة والاضمحلال الأخيرة.
ولنترك مأساة وأد الأنثى فى بعض القبائل أو فى مسالك الجاهلين الشاذين، ولننظر إلى الوعى العام للمرأة،
ونضج شخصيتها،
ومشاركتها لنى شئون الحرب والسلم،
وقدرتها على بلوغ الصفوف الأولى فى مواجهة الأحداث التاريخية الكبرى، إننا نرى ما يستحق التسجيل!.
لقد شاركت المرأة فى بيعة العقبة الكبرى، وشاركت فى بيعة الرضوان تحت الشجرة!
ومن المؤكد أنها كانت ستمنع من مثل هذه المبايعات فى تاريخ المسلمين الأخير، وسيقال لها : امكثى فى بيتك!
وروى أحمد عن أنس بن مالك أن أبا طلحة ـ قبل أن يسلم ـ خطب أم سُليْم ـ وهى مسلمة ـ فقالت له المرأة الراشدة: يا أبا طلحة!
ألست تعلم أن إلهك الذى تعبد نبت من الأرض؟
قال: بلى!
قالت: أفلا تستحى تعبد شجرة؟
إن أسلمت فإنى لا أريد منك صداقاً غير الإسلام.!
قال لها: دعينى حتى أنظر فى أمرى…
فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقالت لابنها أنس ـ راوى الحديث ـ يا أنس زوِّج أبا طلحة!!
فزوَّجه من أمه.!
أى مجتمع هذا؟
إننى بقدر ما أعجب من ذكاء المرأة وإخلاصها لدينها أعجب لسلامة الفطرة وانتفاء الريبة وسهولة الحلال وسرعة إقراره..
وروت أم عطية أنه حين قدم رسول الله المدينة جمع نساء الأنصار فى بيت ثم أرسل إليهن عمر بن الخطاب، فقام على الباب فسلّم عليهن!
فرددن السلام، فقال: أنا رسول رسول الله إليكن فقلنا: مرحبا برسول الله، وبرسول رسول الله!
فقال عمر: تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن، ولا تزنين، ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين فى معروف؟
قلن: نعم!
فمدّ عمر يده من خارج الباب ومددن أيديهن من داخل، ثم قال: اللهم اشهد!.
ولم يجعل عمر البيعة مصافحة باليد، وهذه هى السنة،
تنزيها لجوِّ التديُّن من الشبهات التى عرفت فى أديان أخرى.
وللكهان فى هذا المجال دسائس محظورة من الخير تحصين الإسلام منها، فلا نريد أن يكون بيننا أشباه راسبوتين..
وأنا إذ أسوق الخبر الأخير أذكر أن أحد العلماء المسئولين عتب على أنى حين أدخل للتدريس بين الطالبات ألقى عليهن السلام!
قلت: وما الحرج فى أن يسلم أستاذ على تلميذاته؟
قال: هذا لا يجوز!
قلت له إن البخارى روى جواز هذا ووقوعه!
فقال: لكن العلماء لم يأخذوا بروايته قلت: أى علماء؟
إن الجهال هم الذين يقولون فى الإسلام بغير علم، ويرجحون تقاليد آبائهم على تعاليم الإسلام
طيب الله اوقاتكم