هذا الحديث دليل على فضل تفطير الصائم ، وإن في ذلك أجراً عظيماً ، وهو مثل أجر الصائم وهذا والله أعلم ؛ لأنه صائم يستحق التعظيم ، وإطعامه صدقة ، وتعظيم للصوم وصلة بأهل الطاعات . وهذا أمر اعتاده المسلمون لإدراكهم الثواب الجزيل المرتب على ذلك ، فإن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء .
وتفطير الصائم له مجالات متعددة من إطعام الفقير ما يأكل أو دفع مال له يشتري به طعاماً ، على أن ذلك غير خاص بالفقير .
وللجود في شهر رمضان شأن عظيم ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، وذلك لشرف وقته ومضاعفة أجره ، وإعانة الصائمين والعابدين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجورهم .
والجود هو سعة العطاء وكثرته ، ويدخل فيه الصدقة وجميع أبواب البر والإحسان ويستفاد من هذا الحديث على الجود في كل وقت ، والزيادة في رمضان .
فينبغي للإنسان أن يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم فيبذل ويتصدق ليواسي الفقراء والمحتاجين ، ويتفقد الجيران ويصل ذوي الأرحام ، ويساهم في مشاريع الخير .
ولعل مما يحرك داعي الإنفاق أن يتذكر الإنسان بالصوم نعم الله عليه والنعمة لا تُعرف إلا بفقدانها ، فيشكر نعمة الله عليه حيث يسر له الحصول على ما تشتهي مما أباح الله له ، ويتذكر إخوانه الفقراء الذين لا يتيسر لهم ما يحتاجون فيجود عليهم بالصدقة والإحسان .
والجمع بين الصيام وإطعام الطعام أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم إذا انضم إلى ذلك قيام الليل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : " ألا أدلك على أبواب الخير ؟
الصوم جُنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يحرصون على إطعام الطعام وتفطير الصائمين ، ويقدمون ذلك على كثير من العبادات سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح ..