من أروع ما قرأتهـا أتمنى أنكم ما تهملونهاـ وتقرونهـا للأخير
كيف تموت الملائكة ؟
قال تعالى في محكم التنزيل ((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) كل من على الدنيا هالك لا محالة إلا الله عز وجل لا اله إلا هو سبحانه …فسأذكر لكم أحبتي في الله عن كيفيه موت الملائكة عليهم السلام … كما نقل في كتاب ابن الجوزي رحمة الله
( بستان الواعظين ورياض السامعين)
مقدمة:
بعدما ينفخ اسرافيل عليه السلام في الصور النفخة الأولى تستوي الأرض من شدة الزلزلة فيموت أهل الأرض جميعا وتموت ملائكة السبع سموات والحجب والسرادقات والصافون والمسبحون وحملة العرش وأهل سرادقات المجد والكروبيون ويبقى جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام .
موت جبريل علية السلام يقول الجبار جل جلاله :يا ملك الموت من بقي؟ _ وهو أعلم_ فيقول ملك الموت :سيدي ومولاي أنت أعلم بقي إسرافيل وبقي ميكائيل وبقي جبريل وبقي عبدك الضعيف ملك الموت خاضع ذليل قد ذهلت نفسه لعظيم ما عاين من الأهوال . فيقول له الجبار تبارك وتعالى: انطلق إلى جبريل فأقبض روحه فينطلق إلى جبريل فيجده ساجدا راكعا فيقول له : ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين قد مات بنو ادم وأهل الدنيا والأرض والطير والسباع والهوام وسكانالسموات وحملة العرش والكرسي والسرادقات وسكان سدرة المنتهى وقد أمرني المولى بقبض روحك ! فعند ذلك يبكي جبريل علية السلام ويقول متضرعا إلى الله عز وجل :يا الله هون علي سكرات الموت ( يا الله هذا ملك كريم يتضرع ويطلب من الله بتهوين سكرات الموت وهو لم يعصي الله قط فما بالنا نحن البشر ونحن ساهون لا نذكر الموت إلا قليل )
فيضمه ضم ة فيخر جبريل منها صريعا فيقول الجبار جل جلاله : من بقي يا ملك الموت_ وهو أعلم_ فيقول: مولاي وسيدي بقي ميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت
موت ميكائيل علية السلام (الملك المكلف بالماء والمطر )
فيقول الله عز وجل انطلق الى ميكائيل فأقبض روحه فينطلق الى ميكائيل فيجده ينتظر المطر ليكيله على السحاب فيقول له : ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك ! ما بقي لبني ادم رزق ولا للأنعام ولا للوحوش ولا للهوام , قد مات أهل السموات والارضين وأهل الحجب والسرادقات وحملة العرش والكرسي وسرادقات المجد والكروبيون والصافون والمسبحون وقد أمرني ربي بقبض روحك , فعند ذلك يبكي ميكائيلويتضرع إلى الله ويسأله أن يهون عليه سكرات الموت , فيحضنه ملك الموت ويضمه ضمةيقبض روحه فيخر صريعا ميتا لا روح فيه ,فيقول الجبار جل جلالة : من بقي_وهو أعلم _ ياملك الموت؟ فيقول مولاي وسيدي أنت أعلم بقي إسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت . موت إسرافيل عليه السلام ( الملك الموكل بنفخ الصور )
فيقول الجبار تبارك وتعالى :انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه . فينطلق كما أمره الجبار إلى إسرافيل (واسرافيل ملك عظيم ) , فيقول له ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك! قد ماتت الخلائق كلها وما بقي أحد وقد أمرني الله بقبض روحك , فيقول إسرافيل: سبحان من قهر العباد بالموت, سبحان من تفرد بالبقاء ,ثم يقول مولاي هون علي مرارة الموت .فيضمه ملك الموت ضمه يقبض فيها روحه فيخر صريعا فلو كان أهل السموات والأرض في السموات والأرض لماتوا كلهم من شدة وقعته .موت ملك الموت عليه السلام ( الموكل بقبض الأرواح )
فيسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت؟ _ وهواعلم _فيقول مولاي وسيدي أنت اعلم بمن بقي بقي عبدك الضعيف ملك الموت فيقول الجبار عز وجل : وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومت , فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك وتعالى أمات الخلائق لماتوا عن أخرهم من شدة صيحته فيموت . ثم يطلع الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فيقول :يا دنيا أين أنهارك أين أشجارك وأين عمارك؟ أين الملوك وأبنا ء الملوك وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري,لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد فيرد الله عز وجل فيقول الملك لله الواحد القهار
سبحان الواحد القهار سبحان الفرد الصمد سبحان الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفءً احد
بارك الله فيك
فإن الملائكة يموتون كما يموت غيرهم من الأحياء، ويدل لذلك كما قال القرطبي وابن حجر قول الله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ {القصص: 88}
وقال المناوي في "فيض القدير": وأما الملائكة فيموتون بالنص والإجماع، ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت، ويموت ملك الموت بلا ملك الموت
ولا يبعد أن يعانوا من سكرات الموت كما يعاني منها غيرهم يقول الله تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ {ق: 19}
وفي البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات
وفي المستدرك عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول: اللهم أعني على سكرات الموت والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي
وأما ما ذكر ابن الجوزي في وصف موت الملائكة الأربعة فإنه لم يثبت فيه نص، ولكن وردت آثار ضعيفة الأسانيد، كما قال البيهقي في شعب الإيمان، وابن كثير في البداية تفيد موت هؤلاء الملائكة الأربعة، ولم تذكر التفاصيل التي ذكر ابن الجوزي
وليعلم أن أهم ما يتعين الاعتناء به هو تذكرنا للموت واستعدادنا له وتوظيف أوقاتنا وطاقاتنا فيما يرضي الله تعالى حتى نلقاه وهو راض عنا
والله أعلم