الحمد لله رب العالمين.
خلقنا لعبادته، وأمرنا بتوحيده وطاعته، وهو غني عنا ونحن المحتاجون... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
أرسل رسله داعية إلى التوحيد وإخلاص الدين... {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره المشركون.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا، والذين آووا ونصروا، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد...
فلما كان توضيح العقيدة الصحيحة والدعوة إليها هو أهم الأمور وآكد الواجبات؛ لأنها الأساس الذي تنبني عليه صحة الأعمال وقبولها؛ كان اهتمام الرسل صلوات الله وسلامه عليهم واهتمام أتباعهم بإصلاح العقيدة أولا عما يناقضها أو ينقصها، وكان نصيب هذا الجانب من سور القرآن وآياته النصيب الأوفر، وكان نصيبه من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم واهتمامه النصيب الأكبر؛ فقد مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدع إلى التوحيد وإخلاص العقيدة، ولما فتح الله عليه مكة؛ كان أول ما بدأ به هدم الأصنام والقضاء عليها والأمر بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له.
ولما كان جانب العقيدة بهذا القدر الجليل من الأهمية، كان من المتأكد على كل مسلم غيور على دينه يقصد رضا ربه على وجه فيه إخلاص نيته وإصلاح عبادته، كان لابد لمن كان هذا شأنه أن يميز التوحيد من الشرك و الإخلاص من الرياء بمعرفة كل منهما، مع السعي في مجاهدة النفس مجاهدة محكمة بالعلم وحسن الفهم على أن تكون مخلصة موحدة فتفوز برضا رب العالمين وتدخل بفضله جنة النعيم، وعلى أن لا تكون مشركة مرائية تريد بعملها حطام دنيا فانية عن قريب، وعندها تجد السراب بعد مفارقة الأحباب، حينها لا ينفع المرء إلا ما قدم من صواب يريد به وجه رب الأرباب؛ قال تعالى{ ولتنظر نفس ما قدمت لغد} وقال {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} وقال أيضا{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) } وقال جلا جلاله {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)}
ولأجل إحقاق الحق في هذا الميدان الفسيح والذي ضل فيه أكثر الناس مع وضوح الحق فيه أعني بذلك توحيد رب العالمين، ( إذ منهم من عبد البقر ومنهم من عبد الشجر بل وحتى الحجر، ناهيك عن ما يقع من استغاثات وتقديم قربات وكثير من العبادات عند قبور من مات على نحو ما كان عليه الحال مع صنمي العزى واللات)، لأجل ذلك كانت هذه السلسلة النافعة إن شاء الله تعالى، والمقتبسة من كتاب (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد) لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان، قسمتها إلى أجزاء يسيرة حتى لا يملها القارئ، مع وضع عنوان مناسب لكل منها وذلك لتسهيل الطريق أمام إخواني الأفاضل وأخواتي الفضليات للمضي قدما في سبيل رضا رب العالمين ذي الملكوت والجبروت، والله المسئول وحده أن يوفقنا إلى المقصود، وحتى لا أطيل عليكم، أترككم مع بداية السلسلة.
العقيدة الإسلامية
العقيدة الإسلامية هي التي بعث الله بها رسله وأنزل كتبه وأوجبها على جميع خلقه الجن والإنس؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
فكل الرسل جاءوا بالدعوة إلى هذه العقيدة، وكل الكتب الإلهية نزلت لبيانها وبيان ما يبطلها ويناقضها أو ينقصها، وكل المكلفين من الخلق أمروا بها، وإن ما كان هذا شأنه وأهميته لجدير بالعناية والبحث والتعرف عليه قبل كل شيء، خصوصا وأن هذه العقيدة تتوقف عليها سعادة البشرية في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}.
ومعنى ذلك: أن من أفلت يده من هذه العقيدة؛ فإنه يكون متمسكا بالأوهام والباطل؛ فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} ، وبالتالي يكون مصيره إلى النار وبئس القرار.
والعقيدة معناها: ما يصدقه العبد ويدين به.
وإن كانت هذه العقيدة مخالفة لما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه؛ فهي عقيدة توجب لأصحابها العذاب والشقاء في الدنيا والآخرة.
· والعقيدة السليمة الصحيحة تعصم الدم والمال في الدنيا وتحرم الاعتداء عليهما وانتهاكهما بغير حق؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله؛ فإذا قالوها؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقها) . وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل) . رواه مسلم.
· وهي أيضا تنجي من عذاب الله يوم القيامة؛ فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئا؛ دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا؛ دخل النار) . وفي "الصحيحين"من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله؛ يبتغي بذلك وجه الله) .
· والعقيدة الصحيحة السليمة يكفر الله بها الخطايا؛ فقد روى الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة). وقراب الأرض: ملؤها أو ما يقارب ملأها. فشرط حصول هذه المغفرة سلامة العقيدة من الشرك؛ كثيره وقليله، صغيره وكبيره، ومن كان كذلك؛ فهو صاحب القلب السليم الذي قال الله فيه: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. قال العلامة ابن القيم رحمه الله في معنى حديث عتبان: "ويعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك؛ فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بالله شيئا ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا؛ أتاه بقرابها مغفرة، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده؛ فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب؛ لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض؛ فالنجاسة عارضة، والدافع لها قوي..."انتهى.
· والعقيدة السليمة تقبل معها الأعمال وتنفع صاحبها؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وعلى العكس من ذلك؛ فالعقيدة الفاسدة تحبط جميع الأعمال؛ قال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(38,65,65)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
· والعقيدة الفاسدة بالشرك تحرم من الجنة والمغفرة وتوجب العذاب والخلود في النار؛ قال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(3,48,48)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وقال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(4,72,72)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
· والعقيدة الفاسدة تهدر الدم وتبيح المال الذي يملكه صاحب تلك العقيدة، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ، وقال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} .
وبالتالي؛ فالعقيدة السليمة لها آثار طيبة في القلوب والسلوك الاجتماعي والنظام العمراني.
فهناك فريقان كل منهما بنى مسجدا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فريق بنى مسجده بنية صالحة وعقيدة خالصة لله عز وجل، وفريق بنى مسجده لهدف سيئ وعقيدة فاسدة، فأمر الله نبيه أن يصلي في المسجد الذي أسس على التقوى، ونهاه أن يصلي في المسجد الذي أسس على الكفر والمقاصد السيئة؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ . أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
خلقنا لعبادته، وأمرنا بتوحيده وطاعته، وهو غني عنا ونحن المحتاجون... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
أرسل رسله داعية إلى التوحيد وإخلاص الدين... {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره المشركون.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا، والذين آووا ونصروا، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد...
فلما كان توضيح العقيدة الصحيحة والدعوة إليها هو أهم الأمور وآكد الواجبات؛ لأنها الأساس الذي تنبني عليه صحة الأعمال وقبولها؛ كان اهتمام الرسل صلوات الله وسلامه عليهم واهتمام أتباعهم بإصلاح العقيدة أولا عما يناقضها أو ينقصها، وكان نصيب هذا الجانب من سور القرآن وآياته النصيب الأوفر، وكان نصيبه من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم واهتمامه النصيب الأكبر؛ فقد مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدع إلى التوحيد وإخلاص العقيدة، ولما فتح الله عليه مكة؛ كان أول ما بدأ به هدم الأصنام والقضاء عليها والأمر بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له.
ولما كان جانب العقيدة بهذا القدر الجليل من الأهمية، كان من المتأكد على كل مسلم غيور على دينه يقصد رضا ربه على وجه فيه إخلاص نيته وإصلاح عبادته، كان لابد لمن كان هذا شأنه أن يميز التوحيد من الشرك و الإخلاص من الرياء بمعرفة كل منهما، مع السعي في مجاهدة النفس مجاهدة محكمة بالعلم وحسن الفهم على أن تكون مخلصة موحدة فتفوز برضا رب العالمين وتدخل بفضله جنة النعيم، وعلى أن لا تكون مشركة مرائية تريد بعملها حطام دنيا فانية عن قريب، وعندها تجد السراب بعد مفارقة الأحباب، حينها لا ينفع المرء إلا ما قدم من صواب يريد به وجه رب الأرباب؛ قال تعالى{ ولتنظر نفس ما قدمت لغد} وقال {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} وقال أيضا{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) } وقال جلا جلاله {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)}
ولأجل إحقاق الحق في هذا الميدان الفسيح والذي ضل فيه أكثر الناس مع وضوح الحق فيه أعني بذلك توحيد رب العالمين، ( إذ منهم من عبد البقر ومنهم من عبد الشجر بل وحتى الحجر، ناهيك عن ما يقع من استغاثات وتقديم قربات وكثير من العبادات عند قبور من مات على نحو ما كان عليه الحال مع صنمي العزى واللات)، لأجل ذلك كانت هذه السلسلة النافعة إن شاء الله تعالى، والمقتبسة من كتاب (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد) لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان، قسمتها إلى أجزاء يسيرة حتى لا يملها القارئ، مع وضع عنوان مناسب لكل منها وذلك لتسهيل الطريق أمام إخواني الأفاضل وأخواتي الفضليات للمضي قدما في سبيل رضا رب العالمين ذي الملكوت والجبروت، والله المسئول وحده أن يوفقنا إلى المقصود، وحتى لا أطيل عليكم، أترككم مع بداية السلسلة.
العقيدة الإسلامية
العقيدة الإسلامية هي التي بعث الله بها رسله وأنزل كتبه وأوجبها على جميع خلقه الجن والإنس؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
فكل الرسل جاءوا بالدعوة إلى هذه العقيدة، وكل الكتب الإلهية نزلت لبيانها وبيان ما يبطلها ويناقضها أو ينقصها، وكل المكلفين من الخلق أمروا بها، وإن ما كان هذا شأنه وأهميته لجدير بالعناية والبحث والتعرف عليه قبل كل شيء، خصوصا وأن هذه العقيدة تتوقف عليها سعادة البشرية في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}.
ومعنى ذلك: أن من أفلت يده من هذه العقيدة؛ فإنه يكون متمسكا بالأوهام والباطل؛ فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} ، وبالتالي يكون مصيره إلى النار وبئس القرار.
والعقيدة معناها: ما يصدقه العبد ويدين به.
فإن كانت هذه العقيدة موافقة لما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه؛ فهي عقيدة صحيحة سليمة تحصل بها النجاة من عذاب الله والسعادة في الدنيا والآخرة.
وإن كانت هذه العقيدة مخالفة لما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه؛ فهي عقيدة توجب لأصحابها العذاب والشقاء في الدنيا والآخرة.
· والعقيدة السليمة الصحيحة تعصم الدم والمال في الدنيا وتحرم الاعتداء عليهما وانتهاكهما بغير حق؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله؛ فإذا قالوها؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقها) . وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل) . رواه مسلم.
· وهي أيضا تنجي من عذاب الله يوم القيامة؛ فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئا؛ دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا؛ دخل النار) . وفي "الصحيحين"من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله؛ يبتغي بذلك وجه الله) .
· والعقيدة الصحيحة السليمة يكفر الله بها الخطايا؛ فقد روى الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة). وقراب الأرض: ملؤها أو ما يقارب ملأها. فشرط حصول هذه المغفرة سلامة العقيدة من الشرك؛ كثيره وقليله، صغيره وكبيره، ومن كان كذلك؛ فهو صاحب القلب السليم الذي قال الله فيه: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. قال العلامة ابن القيم رحمه الله في معنى حديث عتبان: "ويعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك؛ فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بالله شيئا ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا؛ أتاه بقرابها مغفرة، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده؛ فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب؛ لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض؛ فالنجاسة عارضة، والدافع لها قوي..."انتهى.
· والعقيدة السليمة تقبل معها الأعمال وتنفع صاحبها؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وعلى العكس من ذلك؛ فالعقيدة الفاسدة تحبط جميع الأعمال؛ قال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(38,65,65)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
· والعقيدة الفاسدة بالشرك تحرم من الجنة والمغفرة وتوجب العذاب والخلود في النار؛ قال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(3,48,48)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وقال تعالى: <a href="https://javascript:openquran(4,72,72)” target=”_blank” rel=”nofollow”>{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
· والعقيدة الفاسدة تهدر الدم وتبيح المال الذي يملكه صاحب تلك العقيدة، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ، وقال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} .
وبالتالي؛ فالعقيدة السليمة لها آثار طيبة في القلوب والسلوك الاجتماعي والنظام العمراني.
فهناك فريقان كل منهما بنى مسجدا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فريق بنى مسجده بنية صالحة وعقيدة خالصة لله عز وجل، وفريق بنى مسجده لهدف سيئ وعقيدة فاسدة، فأمر الله نبيه أن يصلي في المسجد الذي أسس على التقوى، ونهاه أن يصلي في المسجد الذي أسس على الكفر والمقاصد السيئة؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ . أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
يا اخوان لا تغفلوا عن التوحيد فهو أهم ماأمرتم به و أول ما يكون من سؤل الملكين السؤال عن التوحيد، ويوم القيامة لا ينفع العباد والاماء شيئ مثل التوحيد فتنبهو يرعاكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
::
شكــــ و بآرك الله فيــك ــــــــــرآ
جعلهـ الله في ميزآن حسنآنكــ
لآ اله الا الله …..
تحيآتي
::
شكــــ و بآرك الله فيــك ــــــــــرآ
جعلهـ الله في ميزآن حسنآنكــ
لآ اله الا الله …..
تحيآتي
بارك الله فيك…….. وجعله الله في ميزان حسناتك
و فيكم بارك الله ، أسأل الله أن يرزقنا الرشاد وأن يهدينا إلى صحيح الاعتقاد.
شكــــ و بآرك الله فيــك ــــــــــرآ
جعلهـ الله في ميزآن حسنآنكــ
جعلهـ الله في ميزآن حسنآنكــ
تحيآتي
وفيك بارك الله.