القاضي حسام عدنان الشحنة
إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن من الواسع توقعها وترتب على حدوثها أن الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد
الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك ..المادة 148 مدني سوري و147 مدني مصري وكذلك معظم القوانين العربية والقوانين العالمية حتى , وعلى ما يبدو فأن اصل هذا المبدأ القانوني أي مبدأ دور القاضي في أعادة التوازن المالي للعقد جراء نظرية الظروف الطارئة هو من الفقه الاسلامي حيث تم النص عليه في تقنين التشريع الاسلامي في فقه المعاملات وفق المذهب الحنفي في مجلة الاحكام العدلية العثمانية في المواد 17 وما بعدها
( إن من استأجر ما تكون منفعة اجارته لعامة الناس مثل الحمام والفندق فنقصت المنفعة لخوف أو حرب أو تحول سلطان فإنه يحط عن المستأجر من الاجرة بقدر ما نقص من المنفعة ) .
مختصر الفتاوى : ابن تيمية
لقد تواترت الفتاوى الشرعية ثم الاجتهادات القانونية المبنية على مبدأ إعادة التوازن المالي للعقد والمستمد أصله الشرعي ثم العالمي من الامر الالهي العدل: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ).
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولاضرار .
إنه وتحقيقا للعدل الواجب بين طرفي العقد ومنعا للضرر المرهق لأحد المتعاقدين لسبب لا يد له فيه كان تدخل القاضي بناء على الطلب لإعادة التوازن :
(وما جعل الله عليكم في الدين من حرج )
ولما كانت الحرب من الظروف الطارئة ومبدأ إعادة التوازن من النظام العام فإنه ولإعمال المبدأ ولأهميته يتوجب توسيع الدراسات القانونية عنه وعن المبادئ القانونية المتداخلة معه والتأكيد على الخبرة الفنية في التقدير ودور القاضي الواسع في علاقة الظروف الطارئة و عملية الموازنة ومن ثم تجديد الالتزامات العقدية وفق أقل الأضرار والمنطق والعدل .