السـؤال:
ما حكم استعمال المرأة للولب تقصدًا لمنع الحمل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاللولبُ عبارةٌ عن جهازٍ مصنوعٍ من البلاستيك، يُوضع داخلَ الرحمِ لمنع الحملِ، وهو معدودٌ من وسائلِ منعِ الحملِ المؤقتةِ الحديثةِ التي تقابلهَا الوسائلُ المؤقتةُ الطبيعيةُ كالعزلِ والرضاعةِ والجماعِ في أوقاتٍ دوريةٍ مؤقتةٍ.
ولا يخفَى أنَّ تنظيمَ النسلِ والتباعدَ بين الولاداتِ بَلْهَ تحديدِ النسل أمرٌ ينافي مقاصدَ الشريعةِ من تكثيرِ النسلِ، وعمارةِ الأرضِ، وتكثيرِ سوادِ المسلمينَ، وقد وردَ الحضُّ على ذلكَ في السنةِ النبويةِ فقال صلَّى الله عليهِ وآلهِ وَسلَّمَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ»(١). ووردت النصوص القرآنية مبينةً أنَّ كثرةَ نسلِ الأمَّةِ سببٌ لعزَّتها وقوَّتها حيثُ امتنَّ الله عزَّ وجلَّ علَى بني إِسرائيلَ بذلكَ فقَال: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ [الإسراء: ٦]، وقالَ تعَالى -فيمَا قَالَه شعيبٌ عليهِ السلامُ لقومِهِ-: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٦]، ولاَ يُعدلُ عَن هذَا الأصلِ المقاصدِيِّ إلاَّ عندَ تَعذُّر تحصيلِه لوجودِ مسوِّغٍ شرعيٍّ.
فإن أضحَت مسوغاتُ تنظيمِ النسلِ المؤقت واضحةً بالظهورِ أو بتقريرٍ طبيٍّ يُفصِحُ عن مرضِ المرأةِ أو ضعفِ بدنها أو بتحققِ تضرُّرها بالحملِ أو عجزِها عن تحمُّل الوضعِ حيث يُشكِّل حملُها -في الجملةِ- خطرًا على النفسِ أو ضررًا بالبدنِ، وقد تعذَّر عليهَا تناولُ حبوبِ منعِ الحملِ لعدمِ جدواها أو لتحققِ الآثارِ الجانبيةِ والمخاطرِ الصحيةِ التي لا تتلاءَمُ معَ طبيعةِ بدنِِها فيحصلُ لها الضررُ مِن جرَّاءِ تناوُلها(٢)، فإنَّه يجوزُ -والحالُ هذِه- اللَّوْلَبُ النحَاسِيُّ وهُو أولى مِن اللَّوْلَبِ المحتوِي عَلى هُرمُونِ الأُنوثَةِ (البروجِسْتِرُون)، وقدِ احتَل اللّولبُ النحاسِيُّ هذِه الأوْلوية لأنَّه أَحْوَطُ مِن جَانِبِ مَنْعِه لعمليةِ تلقيحِ البويضةِ ابْتدَاءً، كَمَا يَعمَلُ منْ جِهةٍ أُخْرى عَلَى منعِ تَعشِيشِ البويضةِ إِنْ تَعَرَضَت للتلقيحِ، بيْنَمَا طَريقَةُ اللَّولبِ المحتوِي على «البروجسترون» فإنَّه يعملُ على منعِ عُلوق البويضةِ الملَقحَةِ في جِدارِ الرحمِ كيْ لاَ تَتَحَوَّلَ إِلى نُطفةٍ وتَنمُو بالأطوارِ المذكورةِ في الآية(٣) والحديث(٤)، فإنَّ هذه الطريقةَ الأخيرةَ تُعدُّ نَوعًا مِن الإجهاضِ المبكرِ جدًّا يمنعُه المالكيةُ والظاهرِيةُ وبعضُ الشافعيةِ(٥) حيثُ يَروْنَ أنَّ الرحِمَ إذَا قَبضَ المني لم يَجُز التعرُّضُ لَهُ.
علمًا أَنَّ هذِه الوسائلَ المانعةَ من الحملِ لاَ يَجوزُ استخْدَامُها مؤبدًا، فإذَا عَادَتِ المرْأَةُ إلى طبيعتِها وَسلامَة بدنِها، أوْ عُوفِيت مِنْ مَرَضِها انْتَفَت بِذلكَ مُسوِّغات تَنظيمِ النسْلِ، وَعَادَ الأصْلُ الأَوَّلُ إلى الحكْمِ عَمَلاً بقاعدةِ: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ» و«إِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ».
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في:٨ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ
المـوافق ﻟ:أول جـوان ٢٠٠٩م
فضيلة الشيخ ابي عبد المعز محمد علي فركوس
جزاكي الله خيرا على الموضوع أختي
منع الحمل ولا إجهاض مبكر؟؟؟؟؟؟؟
شيء لا يدخل العقل