{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}
[إبراهيم:14]
فأعظم ما يتم به النصر في الدنيا والآخرة الخوف من مقام الله، وما فاز من فاز من العباد الصالحين بسعادة الدنيا والآخرة إلا بالخوف من الله، والسعادة التي لا تظهر في مال أو في جاه أو في غير ذلك من متاع الدنيا إنما يشعرون بها في قلوبهم إذا وقفوا بين يدي الله .. في الصلوات وفي السجود وفي التسبيح وفي الذكر، وفي أي مكان وجدوا يشعرون بلذة الإيمان في قلوبهم.
هذا الأمر إنما وجدوه لما وقر في قلبهم الخوف من مقام الله تبارك وتعالى.
ورتب الله جلا وعلا على الخوف من مقامه أعظم الهبات، قال الله جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46].
وقال: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }
[النازعات:40-41].
وتزكية الإنسان لنفسه ليست التزكية اللفظية التي معناها أن يمدح نفسه، بل معناها أن يعمل من الصالحات التي يشعر بها نفسه أنه يخاف من مقام الله جل وعلا، فإذا ذكر بالله تذكر، وإذا قيل له اتق الله تراجع، وإذا خوف بالله خاف.
هذا هو الخوف من مقام الرب تبارك وتعالى، أما أن يقولها الإنسان بلسانه ثم يذكر بالله ويخوف به ويقال له: اتق الله فيصر على معصيته، ويمضي في سلوكه، ولا يعبأ ولا يبالي بشيء من الأمر، هذا لم يهب ولم يخف من مقام الله جل وعلا حق الخوف وحق الخشية:
{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }
إبراهيم:14].