وصف الجنة
خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الاولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن الله جل وعلا لم يخلقنا عبثا خلقنا ليأمرنا وينهانا فمن آمن به ووحده وأخلص الدين له وأدى أوامره واجتنب نواهيه فإن له جنة عرضها كعرض السماء والأرض ومن أشرك به غيره وعطل أوامره وارتكب نواهيه (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)، والله جل وعلا بين لنا في كتابه صفات أهل السعادة ورغبنا في ذلك ورتب الفوائد العظيم والعطاء الجزيل وبين لنا طريق الشقاء وصفات الأشقياء وحذرنا من أخلاقهم وأعمالهم وأخبرنا عما رتب على ذلك من العذاب الأليم وأخبرنا أن الناس فريقان فريق في الجنة وفريق بالسعير والله جل وعلا يدخل أولياءه الجنة بفضله ورحمته ويعاقب بالنار أعدائه بكمال عدله.
أيها المسلم، وإن الله جل وعلا بين لنا في كتابه الجنة وأوصافها وصفات أهلها ونعيمهم وما أعد لهم من الثواب العظيم وبين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما أعد لأولياءه فقال صلى الله عليه وسلم: "قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، اقراوا إن شئتم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وإن الإيمان بالجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم من الأمور العظيمة فإنها من الإيمان بالغيب ولهذا في حديث عبادة بن الصامت من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبد الله ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمل.
أيها المسلم، وللجنة في كتاب الله عدة أسماء فقد سماها الله الجنة (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً)، ووصفها بأنها دار السلام (لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، ووصفها بأنها دار الخلد (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)، ووصفها بأنها دار المقامة (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ)، ووصفها بأنها جنة المأوى كما قال جل وعلا: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)، ووصفها بانها جنات عدن كما قال جل وعلا: (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْن)، ووصفها بأنها دار الحيوان الدار الباقية (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، وسماها الفردوس في قوله جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً)، ووصفها بأنها المقام الأمين إن المتقين في مقام أمين وسماها أيضا مقعد صدق بقوله جل وعلا في كتابه العزيز: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر)، وسماها بقدم الصدق: (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
أيها المسلمون، وقد جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاف هذه الجنة فبين لنا صلى الله عليه وسلم بناها فقال: "لبنة من ذهب ولبنة من فضة ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابهما الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفني شبابهم"، وبين صلى الله عليه وسلم غرف الجنة فقال: "إن في الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام"، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم عن درج الجنة وما بين درجاتها من البعد فقال: "إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فأسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن"، وبين لنا ربنا جل وعلا عن أبواب الجنة وسعتها فقال جل وعلا: (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ)، وفي الحديث "في الجنة ثمانية أبواب منها باب يقال له الريان يدخل منه الصائمون"، وفي الحديث الآخر: "أنتم توافون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله وإن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عام وليأتين عليه يوم وهو كظيظ".
أيها المسلم، ووصف لنا نبينا أهل الجنة فقال: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على هيئة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون ولا يبصقون أمشاطهم الذهب ﻣﺠﺎﻣﺮﻫﻢ ﺍﻷﻟﻮﺓ رشحهم المسك"، وبين لنا أيضا آنية أهل الجنة يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون وبين لنا ربنا لباس أهل الجنة فقال جل جلاله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً* أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً)، وقال جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ* وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيد)، وبين لنا ربنا خدم أهل الجنة فقال: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً* وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)، وقال: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ)، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن سوق أهل الجنة فقال: "إن في الجنة سوقا يأتيه أهل الجنة كل جمعة فتهب عليهم الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالا فيعودون إلى أهليهم ويقولون قد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا"، وأخبر عن نساء الجنة وأنهن الحور العين قال جل وعلا: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)، وقال: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً* عُرُباً أَتْرَاباً* لأَصْحَابِ الْيَمِينِ)، وأخبرنا عن حدائق أهل الجنة وجناتهم وبساتينهم فقال: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ* وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ* وَظِلٍّ مَمْدُودٍ* وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ* وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَة)، وأعظم نعيمهم كون الله يرضى عنهم فقال جل وعلا: (وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وأعظم ذلك وأجله نظرهم إلى وجه ربهم في دار كرامته قال صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعد يريد أن ينجزكموه فيقولون ألم يبيض وجوهنا ألم يدخلنا الجنة ألم ينجنا من النار قال بلا فيكشف الحجاب فينظرون إلى وجه ربهم فما أعطوا نعيما فوق هذا النعيم".
أيها المسلم، إنها دار النعمة والخير إنها المقام الأمين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)، أمنوا الموت وأمنوا الفقر وأمنوا الرحيل وأمنوا تغير الأحوال (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ)، (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ)، آمنين من انقطاعها وآمنين من أضرارها بل هم في نعمة عظيمة وخير من الله إنهم يتذكرون في دار كرامة الله نعم الله عليهم فاسمع الله يخبر عنهم إذا دخلوا الجنة يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)، واسمع الله يخبر عنهم قال جل وعلا: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)، وأخبر الله عنهم بقوله أنهم يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)، وأخبر الله عنهم أنهم يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ).
أيها المسلم، إنها دار النعمة ودار الخير إن من نظر إلى الدنيا وتغير أهلها وأحوالها علم حق ما لهذي الدار العظيمة من الفضل العظيم فشباب الدنيا مآله الهرم وقوة الإنسان مآلها إلى الضعف وحياته مآلها إلى الموت وقوته إلى الضعف أما دار النعيم فنعيم دائم وخير مستمر وعطاء جزيل (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ* وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ* لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ* نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، الله الله في الاجتهاد في صالح العمل وسؤال الله ذلك النعيم العظيم فخير سؤال تسأله ربك أن يمنحك خاتمة حميدة وأن يبوءك تلك الجنة العظيمة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ* وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ* يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ)، يرفع الله درجات الأبناء للآباء إكراماً للأباء وقد يرفع الله درجات الآباء إكراما للأبناء إذا كان الكل مؤمنا فأسأل الله من فضله وكرمه فإنها بيده يتفضل بها على من شاء من عباده ولكن الأعمال الصالحة سبب لحصولها (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن الله جل وعلا لم يخلقنا عبثا خلقنا ليأمرنا وينهانا فمن آمن به ووحده وأخلص الدين له وأدى أوامره واجتنب نواهيه فإن له جنة عرضها كعرض السماء والأرض ومن أشرك به غيره وعطل أوامره وارتكب نواهيه (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)، والله جل وعلا بين لنا في كتابه صفات أهل السعادة ورغبنا في ذلك ورتب الفوائد العظيم والعطاء الجزيل وبين لنا طريق الشقاء وصفات الأشقياء وحذرنا من أخلاقهم وأعمالهم وأخبرنا عما رتب على ذلك من العذاب الأليم وأخبرنا أن الناس فريقان فريق في الجنة وفريق بالسعير والله جل وعلا يدخل أولياءه الجنة بفضله ورحمته ويعاقب بالنار أعدائه بكمال عدله.
أيها المسلم، وإن الله جل وعلا بين لنا في كتابه الجنة وأوصافها وصفات أهلها ونعيمهم وما أعد لهم من الثواب العظيم وبين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما أعد لأولياءه فقال صلى الله عليه وسلم: "قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، اقراوا إن شئتم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وإن الإيمان بالجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم من الأمور العظيمة فإنها من الإيمان بالغيب ولهذا في حديث عبادة بن الصامت من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبد الله ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمل.
أيها المسلم، وللجنة في كتاب الله عدة أسماء فقد سماها الله الجنة (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً)، ووصفها بأنها دار السلام (لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، ووصفها بأنها دار الخلد (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)، ووصفها بأنها دار المقامة (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ)، ووصفها بأنها جنة المأوى كما قال جل وعلا: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)، ووصفها بانها جنات عدن كما قال جل وعلا: (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْن)، ووصفها بأنها دار الحيوان الدار الباقية (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، وسماها الفردوس في قوله جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً)، ووصفها بأنها المقام الأمين إن المتقين في مقام أمين وسماها أيضا مقعد صدق بقوله جل وعلا في كتابه العزيز: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر)، وسماها بقدم الصدق: (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
أيها المسلمون، وقد جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاف هذه الجنة فبين لنا صلى الله عليه وسلم بناها فقال: "لبنة من ذهب ولبنة من فضة ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابهما الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفني شبابهم"، وبين صلى الله عليه وسلم غرف الجنة فقال: "إن في الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام"، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم عن درج الجنة وما بين درجاتها من البعد فقال: "إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فأسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن"، وبين لنا ربنا جل وعلا عن أبواب الجنة وسعتها فقال جل وعلا: (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ)، وفي الحديث "في الجنة ثمانية أبواب منها باب يقال له الريان يدخل منه الصائمون"، وفي الحديث الآخر: "أنتم توافون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله وإن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عام وليأتين عليه يوم وهو كظيظ".
أيها المسلم، ووصف لنا نبينا أهل الجنة فقال: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على هيئة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون ولا يبصقون أمشاطهم الذهب ﻣﺠﺎﻣﺮﻫﻢ ﺍﻷﻟﻮﺓ رشحهم المسك"، وبين لنا أيضا آنية أهل الجنة يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون وبين لنا ربنا لباس أهل الجنة فقال جل جلاله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً* أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً)، وقال جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ* وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيد)، وبين لنا ربنا خدم أهل الجنة فقال: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً* وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)، وقال: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ)، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن سوق أهل الجنة فقال: "إن في الجنة سوقا يأتيه أهل الجنة كل جمعة فتهب عليهم الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالا فيعودون إلى أهليهم ويقولون قد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا"، وأخبر عن نساء الجنة وأنهن الحور العين قال جل وعلا: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)، وقال: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً* عُرُباً أَتْرَاباً* لأَصْحَابِ الْيَمِينِ)، وأخبرنا عن حدائق أهل الجنة وجناتهم وبساتينهم فقال: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ* وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ* وَظِلٍّ مَمْدُودٍ* وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ* وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَة)، وأعظم نعيمهم كون الله يرضى عنهم فقال جل وعلا: (وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وأعظم ذلك وأجله نظرهم إلى وجه ربهم في دار كرامته قال صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعد يريد أن ينجزكموه فيقولون ألم يبيض وجوهنا ألم يدخلنا الجنة ألم ينجنا من النار قال بلا فيكشف الحجاب فينظرون إلى وجه ربهم فما أعطوا نعيما فوق هذا النعيم".
أيها المسلم، إنها دار النعمة والخير إنها المقام الأمين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)، أمنوا الموت وأمنوا الفقر وأمنوا الرحيل وأمنوا تغير الأحوال (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ)، (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ)، آمنين من انقطاعها وآمنين من أضرارها بل هم في نعمة عظيمة وخير من الله إنهم يتذكرون في دار كرامة الله نعم الله عليهم فاسمع الله يخبر عنهم إذا دخلوا الجنة يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)، واسمع الله يخبر عنهم قال جل وعلا: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)، وأخبر الله عنهم بقوله أنهم يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)، وأخبر الله عنهم أنهم يقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ).
أيها المسلم، إنها دار النعمة ودار الخير إن من نظر إلى الدنيا وتغير أهلها وأحوالها علم حق ما لهذي الدار العظيمة من الفضل العظيم فشباب الدنيا مآله الهرم وقوة الإنسان مآلها إلى الضعف وحياته مآلها إلى الموت وقوته إلى الضعف أما دار النعيم فنعيم دائم وخير مستمر وعطاء جزيل (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ* وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ* لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ* نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، الله الله في الاجتهاد في صالح العمل وسؤال الله ذلك النعيم العظيم فخير سؤال تسأله ربك أن يمنحك خاتمة حميدة وأن يبوءك تلك الجنة العظيمة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ* وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ* يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ)، يرفع الله درجات الأبناء للآباء إكراماً للأباء وقد يرفع الله درجات الآباء إكراما للأبناء إذا كان الكل مؤمنا فأسأل الله من فضله وكرمه فإنها بيده يتفضل بها على من شاء من عباده ولكن الأعمال الصالحة سبب لحصولها (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن العمل الصالح سبب لدخول الجنة بفضل الله وبرحمته والعمل الصالح المطلوب هو العمل الموافق لشرع الله والذي أخلص فيه عامله لله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)، وهو خير زاد يتزوده العبد بالدنيا (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، وهو خير لباس (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)، فتزود من الأعمال الصالحة في شبابك أشغله بطاعة الله وفي صحتك وغناك واستغل وجودك في هذه الدنيا بأعمال صالحة فيما بينك وبين الله أخلصها لله من صلاة وصدقة وأعمال خيرة ترجوا بها ثواب ما عند الله (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً* إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً* فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً* وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً)، فلنتق الله في أنفسنا ولنعلم أن الأعمال الصالحة سبب لرحمة الله لدخول الجنة فلا بد من جد واجتهاد يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة"، إذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار أوتي بالموت على هيئة كبش أملح فيقال: يا أهل الجنة فيشرئبون ويطلعون فيقول: تعرفوا هذا فيقول هذا الموت ثم ينادى أهل النار فينظرون ويقال ما هذا فيقال هذا الموت فيأمر به فيذبح بين الجنة والنار ثم ينادي المنادي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت فنسأل الله بأسماءه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا لكل ما يحبه ويرضاه وأن يبلغنا جنات النعيم ووالدينا وجميع المسلمين وأن يجعلنا من يلتقي فيها بإخواننا هناك في رحمة أرحم الراحمين إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة؛ ومن شذ شذ في النار، وصلوا رحمكم الله على عبدالله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أأمتنا وولاة أمرنا وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير، اللهم أمده بالقوة والنشاط، اللهم كن له عوناً ونصيراً في كل ما أهمه، اللهم انصر به دينك وأعلي به كلمتك واجمع به كلمة الأمة على الخير والهدى، اللهم شد أزره بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز وبارك له في عمره وعمله إنك على كل شيء قدير، ووفق النائب الثاني لكل خير واجعلهم جميعا أئمة هدى وقادة خير إنك على كل شيء قدير، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثتنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن العمل الصالح سبب لدخول الجنة بفضل الله وبرحمته والعمل الصالح المطلوب هو العمل الموافق لشرع الله والذي أخلص فيه عامله لله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)، وهو خير زاد يتزوده العبد بالدنيا (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، وهو خير لباس (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)، فتزود من الأعمال الصالحة في شبابك أشغله بطاعة الله وفي صحتك وغناك واستغل وجودك في هذه الدنيا بأعمال صالحة فيما بينك وبين الله أخلصها لله من صلاة وصدقة وأعمال خيرة ترجوا بها ثواب ما عند الله (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً* إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً* فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً* وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً)، فلنتق الله في أنفسنا ولنعلم أن الأعمال الصالحة سبب لرحمة الله لدخول الجنة فلا بد من جد واجتهاد يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة"، إذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار أوتي بالموت على هيئة كبش أملح فيقال: يا أهل الجنة فيشرئبون ويطلعون فيقول: تعرفوا هذا فيقول هذا الموت ثم ينادى أهل النار فينظرون ويقال ما هذا فيقال هذا الموت فيأمر به فيذبح بين الجنة والنار ثم ينادي المنادي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت فنسأل الله بأسماءه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا لكل ما يحبه ويرضاه وأن يبلغنا جنات النعيم ووالدينا وجميع المسلمين وأن يجعلنا من يلتقي فيها بإخواننا هناك في رحمة أرحم الراحمين إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة؛ ومن شذ شذ في النار، وصلوا رحمكم الله على عبدالله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أأمتنا وولاة أمرنا وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير، اللهم أمده بالقوة والنشاط، اللهم كن له عوناً ونصيراً في كل ما أهمه، اللهم انصر به دينك وأعلي به كلمتك واجمع به كلمة الأمة على الخير والهدى، اللهم شد أزره بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز وبارك له في عمره وعمله إنك على كل شيء قدير، ووفق النائب الثاني لكل خير واجعلهم جميعا أئمة هدى وقادة خير إنك على كل شيء قدير، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثتنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
يا سلااااااااااااااااام اللهم ارزقنا الجنة اللهم ارزقنا الجنة اللهم ارزقنا الجنة شكرا جزيلا لكي اختي الفاضلة وجزاك الله الف خير ان شاء الله .
امين و اياك و جميع المسلمين
جـزاك الله الــف خـــير
وجــعـــله في مــوازيـــن حــســنـــاتــــك
امين و اياك