كُنا قد سمعنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه " يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر" [رواه الترمذي] .
لكن هل استشعرنا الموقف مرة ؟!
لذا فإن تشبيهه صلى الله عليه وسلم في مكانه .
لماذا إذاً المتمسك بالدين والقابض عليه كالقابض على الجمر ؟
في أيِّ زمانٍ نحن !
وما الواجب علينا فعله فيه , ومما علينا أن نحذر ؟!
وإلى متى ؟
لنذهب معاً في جولة مفيدة بإذن الله في تأمل معاني هذا الحديث ..~
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر »
هذا الحديث يقتضي خبرا وإرشادا كما قال العلامة ابن سعدي رحمه الله ..~
أما الخبر :، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يقل الخير وأسبابه ، ويكثر الشر وأسبابه ، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل ، وهذا القليل في حالة شدة ومشقة عظيمة ، كحالة القابض على الجمر ، من قوة المعارضين ، وكثرة الفتن المضلة ، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد ، وفتن الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنيا وانهماكهم فيها ، ظاهرا وباطنا ، وضعف الإيمان ، وشدة التفرد لقلة المعين والمساعد .
ولكن المتمسك بدينه ، القائم بدفع هذه المعارضات والعوائق التي لا يصمد لها إلا أهل البصيرة واليقين ، وأهل الإيمان المتين ، من أفضل الخلق ، وأرفعهم عند الله درجة ، وأعظمهم عنده قدرا .
وأما الإرشاد: ، فإنه إرشاد لأمته ، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة ، وأن يعرفوا أنه لا بد منها ، وأن من اقتحم هذه العقبات ، وصبر على دينه وإيمانه – مع هذه المعارضات – فإن له عند الله أعلى الدرجات ، وسيعينه مولاه على ما يحبه ويرضاه ، فإن المعونة على قدر المؤونة .
~~~~~~~~~~~
وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، إيمان ضعيف ، وقلوب متفرقة ، وحكومات متشتتة ، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين ، وأعداء ظاهرون وباطنون ، يعملون سرا وعلنا للقضاء على الدين ، وإلحاد وماديات ، جرفت بخبيث تيارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبان ، ودعايات إلى فساد الأخلاق ، والقضاء على بقية الرمق .
ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا ، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم ، وأكبر همهم ، ولها يرضون ويغضبون ، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة ، والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا ، وتدمير الدين واحتقاره والاستهزاء بأهله ، وبكل ما ينسب إليه ، وفخر وفخفخة ، واستكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها وشررها وشرورها قد شاهده العباد .
فمع هذه الشرور المتراكمة ، والأمواج المتلاطمة ، والمزعجات الملمة ، والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة – مع هذه الأمور وغيرها – تجد مصداق هذا الحديث .
ولكن مع ذلك ،
فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله ، ولا ييأس من روح الله ، ولا يكون نظره مقصورا على الأسباب الظاهرة ، بل يكون متلفتا في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب ، الكريم الوهاب ، ويكون الفرج بين عينيه ، ووعده الذي لا يخلفه ، بأنه سيجعل له بعد عسر يسرا ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلول المفظعات .
حسناً .. ماذا نقول في هذه الأحوال ؟ وما دورنا ؟؟
المؤمن/
" لا حول ولا قوة إلا بالله " و" حسبنا الله ونعم الوكيل . على الله توكلنا . اللهم لك الحمد ، وإليك المشتكى . وأنت المستعان . وبك المستغاث . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
** ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة .
** ويقنع باليسير ، إذا لم يمكن الكثير .
**وبزوال بعض الشر وتخفيفه ، إذا تعذر غير ذلك : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } [ الطلاق : 2 ، 3 ، 4 ]
وجودنا في زمان كذا ليس عبثاَ .. بل لابد من حكمة ..~
هناك مهمة أراد الله أن نقوم بها .. فلننظر فيها , هل أديناها على أكمل وجه ؟؟!
وفقنا الله وإياكم لمايُحبُّهُ ويرضاه
والحمد لله رب العاليمن ..~
بارك الله فيك
وأنار قلبكم..ويسر دربكم…
ووهبكم من عرشه عزة…
ومن خزائنه رزقا… ومن
نبيه شفاعة… ومن جناته
فسحه ومقام… ومن قلبي معزه
وتقدير