تخطى إلى المحتوى

هل يتمُّ الحساب يوم القيامة في يوم واحد لكافّة الخلائق‏؟‏ 2024.

الســــلام عليــكم و رحمة الله وبــركاتـــه

أنا فتاة مؤمنة بالله تعالى، أحاول جاهدة أن التزم بتعاليم الإسلام، ولكن كثيرًا ما تُراودني أفكار عن المصير والحساب يوم القيامة، والسؤال‏:‏ هل يتمُّ الحساب يوم القيامة في يوم واحد لكافّة الخلائق‏؟‏ أم ماذا‏؟‏ أم لا يجوز لنا أن نفكِّرَ في هذا‏؟‏
العلّامة صالح الفـــوزان – حفظه الله تعالى –
هذا السؤال المقدَّمُ من هذه المرأة فيه إشكال يحتاج إلى الجواب كما قالت‏.‏
وفيه أنّ المرأة أثنت على نفسها خيرًا؛ بكونها مؤمنة بالله تعالى، وتحاول تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا الثّناء على النّفس‏:‏ إن أراد به الإنسان التّحدُّث بنعمة الله عز وجل، أو أن يتأسَّى به غيره من أقرانه ونظرائه؛ فهذا لا بأس به، وإن أراد به الإنسان تزكية نفسه، وإدلاله بعمله على ربّه عز وجل؛ فإنّ هذا فيه شيء من المنّة، وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 17‏.‏‏]‏‏.‏ وأما إذا كان المراد به مجرَّد الخبر؛ فلا بأس به، لكنّ الأولى تركُه‏.‏
فالأحوال في ثناء المرء على نفسه أربع‏:‏
1ـ أن يريد بذلك التّحدُّث بنعمة الله عليه بما حباه به من الإيمان والثّبات‏.‏
2ـ أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظرائه على مثل ما كان عليه‏.‏
وهاتان الحالان محمودتان؛ لما يشتملان عليه من النّيّة الطّيّبة‏.‏
3ـ أن يريد بذلك الفخر والتّباهي والإدلال على الله عزّ وجلّ بما هو عليه من الإيمان والثّبات، وهذا غير جائز؛ لما ذكرنا من الآية‏.‏
4ـ أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثّبات؛ فهذا جائز، والأولى تركُه‏.‏
أمّا المشكلة الثانية التي ذكرتها في السؤال، وهي‏:‏ هل يومُ الحساب يومٌ واحدٌ أو أكثر‏؟‏
فالجواب أنّ يوم الحساب يوم واحد، ولكنّه يوم مقداره خمسون ألف سنة؛ كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{ ‏سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ، مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ‏ }‏ ‏[‏المعارج‏:‏ 1-4‏.‏‏]‏؛
أي أنّ هذا العذاب يقع للكافرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‏.‏ وفي ‏"‏صحيح مسلم‏"‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ما من صاحب ذهبٍ ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها؛ إلا كان يوم القيامة؛ صُفِّحت له صفائح من نار، وأُحمي عليها في نار جهنّم، فيُكوى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلّما بردت؛ أُعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد‏)‏ ‏[‏رواه مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏2/680‏)‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولهذا الحديث بقية‏.‏‏]‏‏.‏
وهذا اليوم الطويل هو يوم عسير على الكافرين؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{ ‏وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 26‏.‏‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{ ‏عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ‏}‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 10‏.‏‏]‏،

ومفهوم هاتين الآيتين هو أنَّ هذا اليوم يسيرٌ على المؤمنين‏.‏
وهذا اليوم فيه من الأمور العظيمة ما يجعل الولدان شيبًا؛ قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَومَئِذٍ زُرْقًا، يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُم إن لَّبِثْتُمْ إلاَّ عَشْرًا، نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُم طَرِيقَةً إن لَّبِثْتُُمْ إلاَّ يَوْمًا، وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا، فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا، لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا، يَومَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتٍ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إلاَّ هَمْسًا، يَومَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَولاً‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 102-109‏.‏‏]‏‏.‏
والتفكير والتعمُّقُ في مثل هذه الأمور الغيبيّة هو من التّنطّع الذي قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه‏:‏ ‏(‏هلكَ المُتنطِّعُونَ، هلكَ المُتنطِّعُونَ‏)‏ ‏[‏رواه مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏4/2055‏)‏ من حديث عبد الله رضي الله عنه‏.‏ ‏(‏قالها ثلاثًا‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏
وواجب الإنسان في هذه الأمور الغيبيّة التسليم وأخذُ الأمور على ظاهر معناها دون أن يتعمّق أو يحاول المقايسة بينها وبين الأمور في الدُّنيا؛ فإنّ أمور الآخرة ليست كأمور الدُّنيا، وإن كانت تشبِهُها في أصل المعنى، لكن بينهما فرق عظيم‏.‏
وأضرب لك مثلاً فيما ذكره الله تعالى في الجنّة من النَّخل والرُّمان والفاكهة ولحم الطّير والعسل والماء واللبن وما أشبه ذلك، مع قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏ }‏ ‏[‏السجدة‏:‏ 17‏.‏‏]‏، وقوله في الحديث القدسيِّ‏:‏ ‏(‏أعددتُ لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏)‏ ‏[‏رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏6/21‏)‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏‏]‏؛ فهذه الأسماء التي لها مسمَّياتٌ في هذه الدُّنيا لا تعني أنَّ المسمَّى كالمسمَّى به، وإن اشتركا في الاسم وفي أصل المعنى؛ فكلُّ الأمور الغيبيَّة التي تشارك ما يشاهد في الدُّنيا في أصل المعنى لا تكون مماثلةً له في الحقيقة‏.‏
فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه القاعدة، وأن يأخذ أمور الغيب بالتَّسليم، وما يقتضيه ظاهرها من المعنى، وأن لا يحاول شيئًا وراء ذلك‏.‏
ولمّا سُئِلَ الإمام مالك رحمه الله عن قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 5‏.‏‏]‏؛ كيف استوى‏؟‏ أطرقَ رحمه الله برأسه، حتى علاه الرُّحَضاءُ؛ أي‏:‏ العرقُ، وصار يتصبَّبُ عرقًا، وذلك لعظم السؤال في نفسه، ثم رفع رأسه، وقال قولَتَه الشهيرة التي كانت ميزانًا لجميع ما وصف الله به نفسه؛ قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏الاستواءً غيرُ مجهولٍ، والكيفُ غيرُ معقولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسُّؤالُ عنه بدعةٌ‏)‏ .‏
فالسؤال المتعمِّقُ في مثل هذه الأمور بدعةٌ؛ لأنّ الصّحابة رضوان الله عليهم – وهم أشدُّ الناس حرصًا على العلم وعلى الخير – لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسئلة، وكفى بهم قدوة‏.‏
وما قلته الآن بالنسبة لليوم الآخر يجري بالنسبة لصفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه من العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام وغير ذلك؛ فإنّ مسمّيات هذه الألفاظ بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ لا يماثلُها شيء ممّا يشاركُها في هذا الاسم بالنسبة للإنسان؛ فكلُّ صفةٍ تابعةٌ لموصوفها؛ فكما أنّ الله لا مثيل له في ذاته؛ فلا مثيل له في صفاته‏.

وخلاصة الجواب‏:‏ أنّ اليوم الآخر يومٌ واحد، وأنه عسير على الكافرين، ويسير على المؤمنين، وأنّ ما ورد فيه من أنواع الثّواب والعقاب أمر لا يُدرك كنههُ في هذه الحياة الدُّنيا، وإن كان أصل المعنى فيه معلومًا لنا في هذه الحياة الدُّنيا‏.‏
المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى

بارك الله فيكم اخي الكريم ونفع بكم
موضوع طيب حفظكم الله
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلفي والحمد لله القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيكم اخي الكريم ونفع بكم
موضوع طيب حفظكم الله
القعدة القعدة

وبارك الله فيك وفى اهلك ومالك

جزاك الحمان خيرا دنيا وآخرة على مجهوداتك القيمة

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة angel القعدة
القعدة
القعدة

جزاك الحمان خيرا دنيا وآخرة على مجهوداتك القيمة

القعدة القعدة

وجزاكى الله خيرا ونفع بك

القعدة
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة crazy of mydz القعدة
القعدة
القعدة
القعدة
القعدة القعدة

شكراااا

آلســلآم عليكم

ومنك نزيد ونستفيد

بآركت الله فيك وجعله الله في ميزآن حسنآتك

جـوزيت الجنهـ إن شآء الله

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة றĭṩṤ❤Ṡoşσ القعدة
القعدة
القعدة

آلســلآم عليكم
ومنك نزيد ونستفيد
بآركت الله فيك وجعله الله في ميزآن حسنآتك
جـوزيت الجنهـ إن شآء الله

القعدة القعدة

وعليكم السلام
شكرااا وبار ك الله فيك وفى اهلك
جزاكم الله خيراا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.