تخطى إلى المحتوى

هل هناك علاج للعنوسة في الإسلام؟ 2024.

هل هناك علاج للعنوسة في الإسلام؟ وهل عولجت العنوسة في أيام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟

القرضاوي
في الواقع أنه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الناس يشكون لا من عنوسة الإناث ولا من عزوبة الشباب، لأن الزواج كان سهلاً وميسراً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول

"أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ولم يكن الناس يعسِّرون في هذه الأمور، النبي عليه الصلاة والسلام زوَّج سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب بمهر عبارة عن درع اسمه "الحطمية" فالمرأة ماذا تفعل بالدرع ولكنه أشبه بشيء رمزي، فهل تبيعه! أو تتزين به! كانت الأمور ميسرة والإنسان كان يعرض أحياناً ابنته، فسيدنا عمر عرض على سيدنا أبي بكر حينما أصبحت حفصة بغير زوج فقال له: هل لك في حفصة ابنتي ـ أي هل تتزوجها ـ فلم يرد عليه، ثم ذهب إلى عثمان وسأله: هل لك في حفصة؟ فلم يرد عليه، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله عرضت حفصة على كل من أبي بكر وعثمان فلم يردا علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يزوج الله حفصة خيراً من عثمان ويزوج الله عثمان خيراً من حفصة"، وفعلا تزوج عثمان ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم الثانية، فكان الأمر سهلاً لم يكن الناس يعسرون، الآن نحن عندما نريد أن نتزوج اخترع الناس هدية أو شيء سموها الشبكة ثم يعمل حفلة للخطوبة، ثم حفلة عقد القِران، وحفل الزواج ويا ليته مثل السابق، كان الشخص يذبح خروفين ويدعي عليه الناس، إنما الناس الآن أصبحت تعمل حفلات زواجها في الشيراتون أو الهيلتون أو الفنادق الأخرى، وتتكلف أضعاف مضاعفة، والهدايا في فترة ما قبل الزفاف والولائم والأثاث، تأثيث البيوت والمفاخرة والرياء الاجتماعي، كل واحد يحب أن يباهي الآخرين ويكلِّف نفسه ما لا يقدر عليه لماذا كل هذا؟ المفروض كما يقولون "على قدر لحافك مد رجليك" (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) إنما الشخص يريد أن يفاخر ويباهي ويشتري من الأثاث ما لا يستطيع فكل هذه التكاليف تعرقل الزواج وتعوق خطواته، في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كان الأمر سهلاً وما كانوا ينظرون إلا إلى دين الشخص وخلقه "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وبالنسبة للمرأة أيضا "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أن نهتم ونركز على الدين والخلق سواء بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لمن يريد أن يخطبها ويتزوجها وكانوا يقولون إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فهي كسبانة كسبانة، ويقول الإمام الشعبي وهو من أئمة التابعين: من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها. فهذه كانت أمور الزواج في الحياة النبوية، وكانت المرأة تتزوج بسهولة والرجل يتزوج بسهولة مثلاً الرجل استشهد ونحن نعرف أن عصر النبوة عصر جهاد فالنبي عليه الصلاة والسلام غزا سبعاً وعشرين غزوة شهدها بنفسه وبعث بضعة وخمسين سرية بعث فيها الصحابة وكان هذا في تسع سنوات فكانت الحياة بهذه الصورة، وهذه الحروب أدت إلى شهداء والشهداء وراءهم أرامل، هؤلاء الأرامل كن يتزوجن بسهولة بعد استشهاد أزواجهن أحياناً، الآن نجد أن المرأة إذا مات زوجها لا تتزوج وكأن الزواج عيب، أضرب لكم مثلاً أسماء بنت عميث رضي الله عنها كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ولقد استشهد زوجها في مؤتة وهو أحد القواد الثلاثة الذين استشهدوا في مؤتة فانتهت عدتها وتزوجها أبو بكر رضي الله عنه، وبعد أبو بكر الذي عاش بعد جعفر سنتين ونصف، عندما توفي أبو بكر فخطبها علي بن أبي طالب وتزوجها وكان عندها أولاد من جعفر وأولاد من أبي بكر وأولاد من علي وكان أولادها يأتي كل واحد يقول للآخر: أنا أبي خير من أبيك، وحينما تحتد بينهم المنافسة يحتكمون إلى الأم فكانت تحل المشكلة بفطنة وحكمة تقول لهم: أبو بكر سيد الشيوخ، وجعفر سيد الكهول، وعلي سيد الشباب وترضي الجميع، فأنا أقول أن الحياة كانت فطرية والأمور سهلة ولذلك لم تكون العنوسة مشكلة ولا العزوبة مشكلة في هذا المجتمع المسلم الذي يعتبر نموذج المجتمعات.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.