من الأمور التى شاعت خلو القرآن من ذكر منكرى الألوهية الذين يطلق عليهم خطأ الملحدون وهو كلام قيل بلا دليل وقد ذكر الله التالى عنهم :
عندما تحدث الله عن خلق الناس وضع الاحتمالات التالية :
1- الخلق من غير شىء وهو إنكار وجود خالق نهائيا
2- أن الناس خلقوا أنفسهم فهم الخالقون
3- الله هو الخالق
وفى هذا قال تعالى بسورة الطور "أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون "
فهنا ذكرت طائفة الدهرية أو منكرى وجود الله
قال تعالى بسورة الأنعام ""وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين "المعنى وقالوا إن هى إلا معيشتنا الأولى نتوفى ونعيش وما نحن بمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا ردا على البعث :إن هى إلا حياتنا الدنيا والمراد لا نعيش سوى معيشة واحدة هى معيشتنا الأولى أى نموت ونحيا والمراد نتوفى ونعيش الحياة الواحدة وما نحن بمبعوثين أى وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى وهذا يعنى تكذيبهم بالبعث بعد الموت فى البرزخ وفى القيامة .
وقال تعالى بسورة المؤمنون"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "المعنى أيخبركم أنكم إذا توفيتم وكنتم غبارا وفتاتا أنكم عائدون محال محال الذى تخبرون إن هى إلا معيشتنا الأولى نتوفى ونعيش وما يدمرنا إلا الزمان ،يبين الله للنبى(ص) أن السادة سألوا الضعاف :أيعدكم أنكم إذا متم والمراد هل يخبركم أنكم إذا توفيتم وكنتم ترابا وعظاما أى رفاتا وفتاتا مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أنكم مخرجون أى أنكم مبعوثون للحياة مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإنا لمبعوثون "هيهات هيهات والمراد مستحيل مستحيل ما توعدون أى تخبرون وهذا يعنى أنهم يطلبون منهم التكذيب بالبعث دون أى حجة أو برهان وهو ما يعنى أن يطيعوا كلامهم مع أنهم ناس مثل الرسول الذى نهوهم عن طاعته وقالوا للضعاف إن هى إلا حياتنا الدنيا أى معيشتنا الأولى والمراد ليس لنا سوى حياة واحدة هى حياتنا فى الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين والمراد نتوفى ونعيش فى الدنيا وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى وهذا يعنى أنهم يقولون أنهم يعيشون ثم يموتون وبعد ذلك ليس هناك حياة أخرى بعد الموت والذى يهلكهم فى رأيهم هو الدهر أى الزمن فهم يرون الدهر وهو الزمن هو من يميت الكائنات
وهنا الأساس الثانى لمنكرى الخالق فما دام ليس هناك إله فليس هناك بعث أخروى ومن ثم لا ثواب ولا عقاب وهو اعتقاد يشارك فيه منكرى الخالق الكثير من فرق الكفار فهم يقرون بكون المهلك ليس الله وإنما الدهر لكونهم ينكرون وجود الله ومن ثم نسبوا الحياة والوفاة للدهر وهو تعبير غامض فهو لا يعنى الزمن وحده وإنما يعنى ما تعنيه كلمة الخلق أى الطبيعة
قال تعالى بسورة الأنعام "وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو "المعنى وما المعيشة الأولى إلا لهو أى شغل ،يبين الله للنبى(ص)أن الكفار قالوا من ضمن ما قالوا أن الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى فى رأيهم لعب أى لهو والمراد إنشغال بالأموال والأولاد مصداق لقوله بسورة الحديد" أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وتفاخر بينكم وتكاثر بينهم فى الأموال والأولاد
قال تعالى بسورة يونس ""إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "المعنى إن الذين لا يريدون جزاءنا وقبلوا المعيشة الأولى أى ركنوا لها والذين هم عن أحكامنا ساهون أولئك مقامهم جهنم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن الذين لا يرجون لقاء الله أى لا يريدون مقابلة الله والمراد الذين يكذبون اليوم الآخر مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله"وهم الذين رضوا بالحياة الدنيا وهم الذين قبلوا متاع المعيشة الأولى وتركوا متاع الآخرة وفسر هذا بأنهم اطمأنوا بها والمراد ركنوا للتمتع بمتاع الدنيا وفسرهم الله بأنهم الذين هم عن آيات الله غافلون والمراد الذين هم عن أحكام الله معرضون مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين "أى مخالفين لأحكام الله ويبين لنا أن مأواهم النار أى "مأواهم جهنم"كما قال بسورة آل عمران والمراد مقامهم هو الجحيم والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون"
وفى الآيات السابقة فى سورتى الأنعام ويونس نرى الأساس الثالث الذى يقوم عليه دين منكرى الخالق وهو أن الدنيا لعب ولهو والمراد فوضى وهو أساس يتفق عليه كل الكفار عدا قلة نادرة