عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها
، فلا ينبغي للمسلم أن ينام قبل صلاة العشاء والمُشاهد أن
غالب الذين ينامون قبل العشاء يمضون بقية ليلتهم في خمول
وكدر وحال تشبه المرضى .
ولا ينبغي كذلك أن يتحدث بعد صلاة العشاء ، وقد بين أهل
العلم سبب كراهية الحديث بعدها فقالوا : لأنه يؤدي إلى
السهر ، ويُخاف من غلبة النوم عن قيام الليل ، أو عن صلاة
الصبح في وقتها الجائز أو المختار أو الفاضل .
والمكروه من الحديث بعد صلاة العشاء كما قال الشراح : هو
ما كان في الأمور التي لا مصلحة راجحة فيها ، أما ما كان
فيه مصلحة وخير فلا يكره ، كمدارسة العلم ، ومعرفة سير
الصالحين وحكايتهم ، ومحادثة الضيف ، ومؤانسة الزوجة
والأولاد وملاطفتهم ، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم
وأنفسهم ، إلى آخر ذلك من الأسباب المباحة . فما الحال إذا
تفكرنا فيما يسهر من أجله كثير من الناس اليوم من المعاصي
والآثام إذن فعلى المسلم أن ينام مبكراً ، ليستيقظ
نشيطاً لصلاة الفجر ، وأن يحذر السهر الذي يكون سبباً في
تثاقله عن صلاة الفجر مع الجماعة .
حقاً إن الناس يتفاوتون في الحاجة إلى النوم ، وفي
المقدار الذي يكفيهم منه ، فلا يمكن تحديد ساعات معينة
يُفرض على الناس أن يناموا فيها ، لكن على كل واحد أن
يلتزم بالوقت الكافي لنوم يستيقظ بعده لصلاة الفجر
نشيطاً ، فلو علم بالتجربة والعادة أنه لو نام بعد
الحادية عشر ليلاً مثلاً لم يستيقظ للصلاة ، فإنه لا يجوز
له شرعاً أن ينام بعد هذه الساعة .. وهكذا .
2- الحرص على الطهارة وقراءة الأذكار التي قبل النوم ،
فإنها تعين على القيام لصلاة الفجر .
3- صدق النية والعزيمة عند النوم على القيام لصلاة الفجر
، أما الذي ينام وهو يتمنى ألا تدق الساعة المنبهة ،
ويرجو ألا يأتي أحد لإيقاظه ، فإنه لن يستطيع بهذه النية
الفاسدة أن يصلي الفجر ، ولن يفلح في الاستيقاظ لصلاة
الفجر وهو على هذه الحال من فساد القلب وسوء الطوية .
4- ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة ، فإن بعض الناس
قد يستيقظ في أول الأمر ، ثم يعاود النوم مرة أخرى ، أما
إذا بادر بذكر الله أول استيقاظه انحلت عقدة من عُقد
الشيطان ، وصار ذلك دافعاً له للقيام ، فإذا توضأ اكتملت
العزيمة وتباعد الشيطان ، فإذا صلّى أخزى شيطانه وثقل
ميزانه وأصبح طيب النفس نشيطاً .
5- لا بد من الاستعانة على القيام للصلاة بالأهل
والصالحين ، والتواصي في ذلك ، وهذا داخل بلا ريب في قوله
تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وفي قوله ( والعصر إن
الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
فعلى المسلم : أن يوصي زوجته مثلاً بأن توقظه لصلاة الفجر
، وأن تشدد عليه في ذلك ، مهما كان متعباً أو مُرهقاً ،
وعلى الأولاد أن يستعينوا بأبيهم مثلاً في الاستيقاظ ،
فينبههم من نومهم للصلاة في وقتها ، ولا يقولن أب إن
عندهم اختبارات ، وهم متعبون ، فلأدعهم في نومهم ، إنهم
مساكين ، لا يصح أن يقول ذلك ولا أن يعتبره من رحمة الأب
وشفقته ، فإن الرحمة بهم والحدَبَ عليهم هو في إيقاظهم
لطاعة الله : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليهم ) .
وكما يكون التواصي والتعاون على صلاة الفجر بين الأهل ،
كذلك يجب أن يكون بين الإخوان في الله ، فيعين بعضهم
بعضاً ، مثل طلبة الجامعات الذين يعيشون في سكن متقارب
ومثل الجيران في الأحياء ، يطرق الجار باب جاره ليوقظه
للصلاة ، ويعينه على طاعة الله .
6- أن يدعو العبد ربه أن يوفقه للاستيقاظ لأداء صلاة
الفجر مع الجماعة ؛ فإن الدعاء من أكبر وأعظم أسباب
النجاح والتوفيق في كل شيء .
7- استخدام وسائل التنبيه ، ومنها الساعة المنبهة ،
ووضعها في موضع مناسب ، فبعض الناس يضعها قريباً من رأسه
فإذا دقت أسكتها فوراً وواصل النوم ، فمثل هذا يجب عليه
أن يضعها في مكان بعيد عنه قليلاً ، لكي يشعر بها فيستيقظ
.
ومن المنبهات ما يكون عن طريق الهاتف ، ولا ينبغي للمسلم
أن يستكثر ما يدفعه مقابل هذا التنبيه ، فإن هذه نفقة في
سبيل الله ، وأن الاستيقاظ لإجابة أمر الله لا تعدله
أموال الدنيا .
8- نضح الماء في وجه النائم ، كما جاء في الحديث من مدح
الرجل الذي يقوم من الليل ليصلي ، ويوقظ زوجته ، فإن أبت
نضح في وجهها الماء ، ومدح المرأة التي تقوم من الليل
وتوقظ زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء رواه الإمام
أحمد في المسند 2/250 وهو في صحيح الجامع 3494 .
فنضح الماء من الوسائل الشرعية للإيقاظ ، وهو في الواقع
منشط ، وبعض الناس قد يثور ويغضب عندما يوقظ بهذه الطريقة
، وربما يشتم ويسب ويتهدد ويتوعد ، ولهذا فلا بد أن يكون
الموقظ متحلياً بالحكمة والصبر ، وأن يتذكر أن القلم
مرفوع عن النائم ، فليتحمل منه الإساءة ، ولا يكن ذلك
سبباً في توانيه عن إيقاظ النائمين للصلاة . [على أن يكون
ذلك بالاتفاق بين الزوجين].
9- عدم الانفراد في النوم ، فلقد نهى النبي صلى الله عليه
وسلم أن يبيت الرجل وحده رواه الإمام أحمد في المسند 2/91
وهو في السلسلة الصحيحة رقم 60 . ولعل من حِكم هذا النهي
أنه قد يغلبه النوم فلا يكون عنده من يوقظه للصلاة .
10- عدم النوم في الأماكن البعيدة التي لا يخطر على بال
الناس أن فلاناً نائماً فيها ، كمن ينام في سطح المنزل
دون أن يخبر أهله أنه هناك ، وكمن ينام في غرفة نائية في
المنزل أو الإسكان الجماعي فلا يعلم به أحد ليوقظه
للصلاة ، بل يظن أهله وأصحابه أنه في المسجد ، وهو في
الحقيقة يغّط في نومه .
فعلى من احتاج للنوم في مكان بعيد أن يخبر من حوله بمكانه
ليوقظوه .
11- الهمة عند الاستيقاظ ، بحيث يهب من أول مرة ، ولا يجعل
القيام على مراحل ، كما يفعل بعض الناس الذين قد يتردد
الموقظ على أحدهم مرات عديدة ، وهو في كل مرة يقوم فإذا
ذهب صاحبه عاد إلى الفراش ، وهذا الاستيقاظ المرحلي فاشل
في الغالب ، فلا مناص من القفزة التي تحجب عن معاودة
النوم .
12- ألا يضبط المنبه على وقت متقدم عن وقت الصلاة كثيراً ،
إذا علم من نفسه أنه إذا قام في هذا الوقت قال لنفسه : لا
يزال معي وقت طويل ، فلأرقد قليلاً ، وكل أعلم بسياسة
نفسه .
13- إيقاد السراج عند الاستيقاظ ، وفي عصرنا الحاضر إضاءة
المصابيح الكهربائية ، فإن لها تأثيراً في طرد النعاس
بنورها .
14- عدم إطالة السهر ولو في قيام الليل ، فإن بعض الناس قد
يطيل قيام الليل ، ثم ينام قبيل الفجر بلحظات ، فيعسر
عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وهذا يحدث كثيراً في رمضان
، حيث يتسحرون وينامون قُبيل الفجر بقليل ، فيضيعون صلاة
الفجر ، ولا ريب أن ذلك خطأ كبير ؛ فإن صلاة الفريضة مقدمة
على النافلة ، فضلاً عمن يسهر الليل في غير القيام من
المعاصي والآثام ، أو المباحات على أحسن الأحوال ، وقد
يزين الشيطان لبعض الدعاة السهر لمناقشة أمورهم ثم
ينامون قبل الفجر فيكون ما أضاعوا من الأجر أكثر بكثير
مما حصلوا .
15- عدم إكثار الأكل قبل النوم فإن الأكل الكثير من أسباب
النوم الثقيل ، ومن أكل كثيراً ، تعب كثيراً ، ونام
كثيراً ، فخسر كثيراً ، فليحرص الإنسان على التخفيف من
العشاء .
16- الحذر من الخطأ في تطبيق سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر
، فربما سمع بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم : (
إذا صلّى أحدكم فليضجع على يمينه ) رواه الترمذي رقم 420
وهو في صحيح الجامع 642 .
وما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى سنة
الفجر يضطجع ، ثم يُؤذنه بلال للصلاة ، فيقوم للصلاة ،
وربما سمعوا هذه الأحاديث ، فعمدوا إلى تطبيق هذه السنة
الثابتة ، فلا يحسنون التطبيق ، بحيث يصلي أحدهم سنة
الفجر ، ثم يضطجع على جنبه الأيمن ، ويغط في سبات عميق حتى
تطلع الشمس ، وهذا من قلة الفقه في هذه النصوص ، فليست هذه
الاضطجاعة للنوم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يؤذنه بلال للصلاة وهو مضطجع ، وكان أيضاً كما في الحديث
الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان إذا عرس ( أقبل ) الصبح
وضع رأسه على كفه اليمنى ، وأقام ساعده . رواه أحمد في
المسند 5/298 وهو في صحيح الجامع رقم 4752 ، وهذه الكيفية في
النوم تمنع من الاستغراق ؛ لأن رأس النائم في هذه الحالة
يكون مرفوعاً على كفه وساعده ، فإذا غفا سقط رأسه ،
فاستيقظ ، زد على ذلك أن بلالاً كان موكلاً بإيقاظه صلى
الله عليه وسلم لصلاة الفجر .
17- جعل قيام الليل في آخره قبيل الفجر ، بحيث إذا فرغ من
الوتر أذن للفجر ، فتكون العبادات متصلة ، وتكون صلاة
الليل قد وقعت في الثلث الأخير – وهو زمان فاضل – فيمضي
لصلاة الفجر مباشرة وهو مبكر ونشيط .
18- اتباع الهدي النبوي في كيفية الاضطجاع عند النوم ،
بحيث ينام على جنبه الأيمن ، ويضع خده الأيمن على كفه
اليمنى ، فإن هذه الطريقة تيسر الاستيقاظ ، وخير الهدي
هدي محمد صلى الله عليه وسلم بخلاف النوم بكيفيات أخرى ،
فإنها تؤثر في صعوبة القيام .
19- أن يستعين بالقيلولة في النهار ، فإنها تعينه ، وتجعل
نومه في الليل معتدلاً ومتوازناً .
20- ألا ينام بعد العصر ، ولا بعد المغرب ، لأن هاتين
النومتين تسببان التأخر في النوم ، من تأخر نومه تعسر
استيقاظه .
21- وأخيراً فإن الإخلاص لله تعالى هو خير دافع للإنسان
للاستيقاظ للصلاة ، وهو أمير الأسباب والوسائل المعينة
كلها ، فإذا وجد الإخلاص الذي يلهب القلب ويوقظ الوجدان ،
فهو كفيل بإذن بإيقاظ صاحبه لصلاة الصبح مع الجماعة ، ولو
نام قبل الفجر بدقائق معدوادات .
:26:
اللهم بلغنا رمضان
بارك الله فيك
بارك الله فيك أخي على الموضوع القيم
جزاك الله خيــــــــــــــــــرا …