كان جدّي -رحمه الله-رجلا صالحا ميسور الحال،يكسب لُقمة عيشه من عرق جبينه،وبعد وفاته زارنا بائع لمحلّ المواد الغدائية ،يسكن في جوار بيت جدّي وأخبرنا عن جدّي فقال: هل تعرفون تلك العائلة الفلانية وتلك الأرملة الفلانية كان جدكم رحمه الله يزورني شهريا ليترك لي مبلغا من المال ،وأوصاني أن أعطيها ماتحتاجه من الأكل لها ولأولادها الصغار،وطلب مني عدم التكلم عن مايفعله حتى وفاته،فبوفاته لم يرد أن يبقى اليتامى ينتظرون رزقهم ولايجدونه،طلب مني أن أخبرها أني توفيت وكفى. وأنا قد خجلت من نفسي وصرت أقوم بما كان يقوم به لأنه قد علمني درسا ،رغم سنّه،وقلة ماله إلا أنه كفل يتامى واحتسب الأجر لله دون أن يجعلهم يعلمون بالأمر . لقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى اليتيم في أكثر من آية من كتابه الكريم فقال الله عز وجل: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) (النساء: من الآية36).
فإن كفالة اليتيم طريق إلى الجنة قصير ، كما قال الله عز وجل: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً.إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً). (الإنسان:8-12) . |