بداية اسمحي لي بهذه المقدمة البسيطة
أختي المسلمة …
كلما زادت خشية الله في القلب …
وكلما زاد الرجاء لرحمة الله في القلب …
وكلما زادت محبة الله في القلب …
وكلما زادت اللهفة على رضى الله في القلب …
< كلما زاد الحرص على تجنب كل ما يغضب الرب … وإن قيل أنه به شبهة أو شك أو ريب > .
أختي المسلمة …
إعلمي رحمك الله أنه ما وقع من وقع في معصية الله إلا بإحدى سببين أو كلاهما وهما ( الشهوات والشبهات ) .
–فعلاج الشهوات قوله تعالى :-
(( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا .)) الأحزاب 36
–وعلاج الشهوات قوله تعالى :-
(( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) . النساء 65
وقول الإمام مالك عليه رحمة الله :-
[ لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أمر أولها ] .
صوت من قلب مشفق ناداك
يقول حي على جنان الرحمات
ينادي .. يناجي الله في إخبات
أغثها إلهي في الحياة وبعد الممات
نعم.. حبيبتي في الله …….
من قلب مشفق ابعث لك رسالتي هذه وأنادي عليك من بعيد … أن ارجعي …
ارجعي قبل أن يلاحقك الخطر …..
ارجعي فأنت على مشارف الحفر .….
ارجعي قبل أن تبصري ما يسوؤك من قدر …..
ارجعي لحمى يحميك ويأويك من كل ضرر …..
ارجعي إلى ربك رب الجن والبشر …..
رب رحيم كريم جواد و بر …..
حليم كثير ال****ا حكيم القدر …..
ودود مجيب يقيل العثر …..
حبيبتي في الله…..
قد تكون رؤيتي لك من بعيد أوضح من رؤيتك لنفسك !! فإن الناظر لنفسه قد لا يرى ما يراه غيره من بعيد ……
ألا ترين أنك إذا أردت رؤية شئ ما بوضوح بعدت عنه قليلا لتتضح لك معالمه ….
فلعل الله أراني منك على بعدي عنك ما لم تريه أنت من نفسك … فتقبلي حبيبتي إخباري لك بما رأيت بصدر رحب فوالله ما رفعت قلمي لأكتب لك رسالتي هذه إلا لشفقتي البالغة عليكِ من أن يأتيك ملك الموت وأنت على هذا الحال ……
وتجاوزي أخيتي عن بعض القسوة التي قد تجدينها في كلامي فهي ايضا والله ما صدرت مني إلا لحرصي الشديد على سرعة نجاتك وفوزك برحمات الله عز وجل قبل أن تنتهي رحلتك في هذه الدنيا …..
نعم فقد أزف الرحيل !! فلم يعد الموت يفرق بين الصحيح والعليل .. ولا الشاب ولا الشيخ الجليل ..
وصار موت الفجأة في هذا الزمان ليس له مثيل ….
حبيبتي في الله: ما رأيت فيك وأردت إخبارك به يتمثل في ثلاث نقاط ….
* النقطة الأولى : *
رأيت أنك لم تعرفي الله حق المعرفة !!!
ولا تتعجلي أخيتي بقولك : بل أعرفه حق المعرفة فإني أخبرتك ابتداءً أن رؤية البعيد قد تكون أعمق من رؤية القريب …..
الأمارة الأولى :
أن تبلغ محبتك له سبحانه منتهاها فلا تساوي في محبته أحدا وهذا سيولد إيثارك رضاه على رضا كل ممن سواه ولو كانت نفسك ..
فهو سبحانه أهل لذلك لأنه سبحانه صاحب الفضل العظيم وحده فكما
أنعم عليك سبحانه وحده فردي له جميله له وحده …
الأمارة الثانية :
أن يكون رجاؤك كله فيه وحده … لأنه سبحانه أهل لذلك وحده … لأنه سبحانه مالك الملك … يتصرف فيما يشاء بما يشاء سبحانه ….
الأمارة الثالثة :
أن يكون خوفك كله منه وحده …. لأنه سبحانه القادر على أن يسلط عليك من يشاء بما يشاء سبحانه ….
فمالي لا أرى هذه الأمارات فيك حبيبتي ؟!!
أليس واقعك يؤكد هذه المعاني ؟!!
حبيبتي في الله … عفا الله عما سلف … فاطوي حياتك الماضية وهلمي إلى حياة جديدة …
بدؤها يكون بمعرفة الله تعالى حق المعرفة …..
* النقطة الثانية : *
رأيت أن توحيدك لله عز وجل لم يتم على الوجه الأكمل !!!
فتوحيدك لله عز وجل ايضا له امارات …….
الأمارة الأولى :
أن يكون سبحانه هو وحده الآمر الناهي لكِ دونا عن سائر خلقه …. وإن تعارض أمره ونهيه سبحانه مع أمر أو نهي من سواه فيقدم أمره ونهيه سبحانه مهما كان ذلك الآمر أو الناهي ……..
الأمارة الثانية :
أن يكون هو وحده سبحانه الذي تراقبيه في جميع حركاتك وسكناتك وتستشعري اطلاعه التام عليك وحده دون من سواه …..
الأمارة الثالثة :
أن يكون الله سبحانه هو كل شئ في حياتك . فمثلا لا تقولي الله رقم واحد في حياتك و …… رقم اثنان و …. رقم ثلاثة و …. بل قولي الله هو كل شئ في حياتي وكل شئ أتعامل معه وفيه بما يرضيه سبحانه …….
فمالي لا ارى هذه الأمارات فيك ؟؟ّ
* النقطة الثالثة : *
رأيت أنك لم تعلمي " حقيقة العبودية لله عز وجل " !!!
لأن علمك بحقيقة العبودية له أيضا أمارات …….
الأمارة الأولى :
أن تعلمي انك ما خلقتِ إلا لمهمة واحدة لا غير … وهي عبادة الله تعالى …. لقوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .
الأمارة الثانية :
أن تعلمي أن العبودية هي الإستسلام التام والإنقياد التام والخضوع التام لذلك المعبود الذي اخترتيه دونا عن سائر المعبودات …….
الأمارة الثالثة :
أن تعلمي معنى العبادة وهي : ( اسم جامع لكل ما يحب الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ) ……
الأمارة الرابعة :
أن تعلمي أنه لا سعادة ولا راحة في الدنيا ولا في الآخرة إلا في ظل عبوديتك لله عز وجل .
لقوله تعالى : " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " ……
الأمارة الخامسة :
أن تعلمي ان العبادة مهما كانت شاقة فنهايتها الراحة والسعادة الأبدية فهي مجرد ثمن لسلعة غالية وهي رضا الله تعالى والجنة …..
الأمارة السادسة :
أن تعلمي أن عبادتك لن تقبل مهما كثرت حتى يتوافر فيها شرطين :
1 – إخلاصك لله عز وجل فيها ………
2 – إتباعك للنبي صلى الله عليه وسلم فيها …….
فمالي لم أرى أخيتي تلك الأمارات عليك ؟؟ّ
فليكن لسان حالك أخيه……
((يا رب إياك أريد وفق ما تريد أنت لا وفق ما أريد أنا ))
فهذا كمال الإخلاص والإتباع ……… وتلك هي العبودية ……….
أخيتي…….
هذه النقاط الثلاث التي لفت لها بكِ الإنتباه تتمثل في قوله تعالى (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي)). طه 14
فكانت النقطة الأولى ….. معرفة الله تبارك وتعالى .
وكانت الثانية ….. توحيد الله تبارك وتعالى .
و الثالثة ….. عبادة الله تبارك وتعالى .
أسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكِ اتقان هذه النقاط الثلاثة ……. إنه نعم المجيبون ……..
أخيرا …….. أخيتي………
نعم … فد أكون لا اعرفك …. ولا أعرف اسمك …. أو شخصك ….. ولكني أعرف أنك مسلمة …….. وحقك علىّ كبير … نعم كبير جدا… حقك علىّ يجعلني لا استطيع رؤيتك تغرقين وأنا لا أبالي بغرقك لذلك نهضت فزعة لنجدتك وإغاثتك من هذا الغرق ……….
أسأل الله عز وجل أن يقر قلبي برؤيتك رافعة لراية إسلامك على قلبك وجميع جوارحك وأن يثبتك على ذلك أبدا ما حييتي حتى تلقيه وأنت على أكمل حال يرضيه …..
أخيتي……
إذا لم نلتقي يوما ..
وفرّق بيننا كاس المنون ..
فموعدنا غدا ان شاء الله في دار خلد ..
بها يحيا الحنون مع الحنون ..
ختاما
أختي المسلمة ….
أذكرك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما :-
(( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ……. )) . رواه البخاري ومسلم .
* فتأملي أختي المسلمة قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يعلمهن كثير من الناس " أي القلة هم الذين يعلمونها ولذلك مدح الله سبحانه القلة في اكثر من موضع في كتابه عز وجل …..
– فقال تعالى : (( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )) سبأ 13
– وقال تعالى : (( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ…. )) ص 24
فالحقي بركب القلة لتمدحي معهم وتكوني ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( طوبى للغرباء )
ولا تغتري اختي المسلمة بالكثرة وتقولي ( كل الناس خطأ وأنتم أيها القلة المتشددون الصواب ؟؟ )
فنقول لكِ أختي : أن الكثرة ما ذكرت إلا مذمومة
واخيرا اختي المسلمة :-
إعلمي أن الدنيا زائلة … زائلة لا محالة وإن طالت وقد تزول الآن … وقد تزول اليوم .. وقد تزول غدا … الله أعلم متى الزوال ؟؟ المهم انها ستزول إما عاجلا … وإما آجلا .. فمهما تمتعت بأمور قد لا أقول أنها محرمة ولكن اختلف العلماء في تحريمها فهي إلى زوال .
فاحرصي أختي العاقلة على ما يدوم وآثريه على ما يزول وإن كان مباحا .
واعلمي ايضا أنك محتاجة لرحمات الله عز وجل في الدارين وبقدر ورعك تنالين تلك الرحمات من رب الأرض والسماوات .
واحذري أن يلتبس عليكِ هذا المعنى مع قول الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا إختار ايسرهما . فإن ذلك كان في مباحات الأمور لا في الأمور الشرعية لأنه صلى الله عليه وسلم الذي قال :-
( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) .
الرسالة لي قبل انت تكون لكِ أخيتي اردت ان اشاركك ما أرسل لي فتقبليها مني بصدر رحب
جمعني الله واياك في جنات النعيم..
بارك الله فيك
جعله في ميزان حسناتك ان شاء الله
اللهم آمين وإياكم اخيتي
نفعنا الله واياكم بما نقرأ
في ميزان حسانتك
جزاك الله خيرا