قد أحسنت في نصيحته والاستمرار في ذلك، أما كونه استمر في مقاطعة الصلاة ولم يوفق لقبول النصيحة فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فعليك أن تدعو له كثيراً بالهداية، وهكذا الوالدة تدعو له بالهداية أن الله يهديه ويرده إلى الصواب في السجود في آخر الصلاة في أوقات الإجابة مثل آخر الليل مثل بين الأذان والإقامة لعل الله يهديه ولعل الله يستجيب دعاءك ودعاء الوالدة. أما المقاطعة فالواجب مقاطعته مادام لم يقبل فالواجب هجره ومقاطعته لعله يستفيد من هذا الهجر ولعل الله يهديه بذلك، ولا تتخذه جليساً يكون أكيلك أو شريبك، ولا تجب دعوته إذا كان في بيت آخر إذا دعاك بل تظهر له المقاطعة والبغضاء حتى يهديه الله عز وجل، وهكذا الوالدة عليها أن تنكر عليه وعليها أن تبغضه في الله وعليها أن تقاطعه حتى يهديه الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في الصحيح من قولي العلماء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) ويقول النبي أيضاً عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فالصلاة عمود الإسلام من أضاعها أضاع دينه، نسأل الله العافية، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الصلاة يوماً قال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، وهؤلاء من صناديد الكفار ومن أخبث الكفار فبين -صلى الله عليه وسلم- أن من ضيع الصلاة يحشر مع هؤلاء الكفرة، نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب عليك وعلى الوالدة النصيحة وقد بذلت منك النصيحة وعلى الوالدة أن تبذل النصيحة وبعد ذلك لا بد من المقاطعة ولا بد من إعلان البغضاء له حتى يعرف أنكما تبغضانه في الله، وأنكما تقاطعانه في هذا الأمر لعل الله يهديه ويمن عليه بالتوبة ولا مانع من النصيحة بعد ذلك بين وقت وآخر بالكلام أو بالتلفون أو بالبرقيات والكتابة ونحو ذلك لا مانع أن يستمر المؤمن في النصيحة، لكن مع البغضاء في الله ومع الهجر في الله كما قال الله عز وجل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) فترك الصلاة كفر وضلال، نسأل الله العافية، نسأل الله له الهداية، ونسأل الله أن يعينك والوالدة على كل خير، وأن ينفع بنصيحتكما وأن يقبل دعواتكما له حتى يهديه الله.
المصدر …موقع الشيخ ابن باز رحمه الله