سأل أحد الناس الامام الرضا ( عليه السلام ) فقال له : يبن رسول الله لم سمي النبي الأمي ؟
فقال عليه السلام : مايقول الناس ؟
فقال الرجل : يقولون أنه سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب
فقال عليه السلام : كذبوا عليهم لعنة الله ، كيف و الله يقول في محكم كتابه(( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)) ، فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟ والله لقد كان رسول الله يقرأ ويكتب بثلاث و سبعين لسانا ، وأنما سمي( الامي) لأنه كان من أهل مكة، ومكة من أمهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل ((ولينذر أم القرى ومن حولها))
سؤالي لكم هو عن الرسول محمد عليه الصلاة ولسلام، لماذا سمي بالنبي الأمي علماً أن الله سبحانه وتعالى قد أطلق على أهل الجزيرة العربية نفس التسمية (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمه وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) فبعض الناس يقولون أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام جاهل فكيف نرد عليهم؟؟ وجزاكم الله خيراً
الجواب
يخطئ كثير من الناس فهم معنى النبي الأمي الذي هو لقب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويظنون أن المقصود هو النبي الذي لا يقرأ ولا يكتب! مع أنه لقب عظيم شامل لجوانب كثيرة. فمن أهم جوانب معاني هذا اللقب ما يلي:
1-أميّ نسبة إلى الأمم من غير بني إسرائيل.
ووفقا لقواعد النسبة في صرف اللغة العربية، فإن النسبة تكون للمفرد لا للجمع بحذف التاء المربوطة إن وجدت وإضافة الياء. فلا يجوز القول نبي أممي فهذا غير مقبول لغويا. والمعنى هنا: أي هو النبي الذي يخرج من غير بني إسرائيل. وقد استخدم الكتاب المقدس هذه التسمية كما استخدمها القرآن الكريم لتعني من هم ليسوا من بني إسرائيل أو من أهل الكتاب جميعا حيث يقول تعالى:
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ آل عمران 21
كما قالت اليهود لتبرير ارتكابهم الخيانة في حق غيرهم ما سجله القرآن الكريم حيث يقول تعالى :
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ آل عمران 76
2-
نسبة إلى مكة والتي اسمها أم القرى. وحسب قواعد النسبة فإن الاسم المركب تركيبا إضافيا ينسب إلى شطره الأول. وهنا تعني النبي المكي، أي الذي من مكة.
3-نسبة إلى أمة المفردة، وعندها يعني ذلك هو النبي الذي ينشئ أمة جديدة واحدة متميزة فريدة. وهذا ما حدث بظهوره صلى الله عليه وسلم وظهور الإسلام.
4-نسبة إلى الأم أي الفطرة الإنسانية الأصيلة الصافية النقية. وذلك كما يقال اللسان الأم أو اللغة الأم والوطن الأم وغيرها.
أما عدم معرفته صلى الله عليه وسلم بالقراءة والكتابة فلم يكن متفردا في هذا بين العرب، بل كانت عدم معرفة القراءة شائعة، وكان لذلك خلفية لا بد من فهمهما. فلقد كان العرب يقيمون وزنا عظيما للأدب الشفوي، وكانوا يتميزون بصفاء الذهن بحيث كان بعضهم قادرا على حفظ مئات الأبيات من الشعر لمجرد سماعه. ورغم ذلك فقد كانت الكتابة معروفة عندهم، فقد ابتكروا الأبجدية العربية المتطورة وعرفت الحروف العربية منذ آلاف السنين بأشكال متنوعة متقاربة سواء في الجنوب في حمير أو في الشمال في بلاد الشام. وتوجد آثار قديمة تحمل نقوشا بهذه الحروف ما زالت ماثلة للعيان. وكما هو معروف، فقد علقوا في الجاهلية قصائد مميزة على جدار الكعبة تقديرا لجودتها؛ فلو لم يكن هنالك من يقرؤها، فماذا كان معنى وجودها. ولقد كانت الكتابة والقراءة أمرين متيسرين ليس من الصعب تعلمهما، بل كان يسهل تعلمهما في أيام معدودات. لذلك لم يكن كثير من الناس يشعرون بالحاجة إلى تعلمهما.
ومن الأدلة على يسر تعلم القراءة والكتابة هو ما جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من وسيلة لكي يفتدي بعض أسرى بدر أنفسهم؛ وذلك بأن يعلِّم كل من يعرف القراءة والكتابة منهم عشرة من المسلمين. فلولا أن الأمر كان سهلا متيسرا، لكانت مهمة التعليم تتطلب شهورا من العمل المضني، وخاصة من جانب كبار السن الذين لا يسهل تعليمهم، أو لكانت تلك مهمة مستحيلة.
كذلك فقد كانت الحروف العربية في السابق غير مشكلة ولا منقوطة وتم إضافة ذلك فيما بعد في العصور الإسلامية. وهذا لأن العرب كانوا قادرين على التمييز بين الحروف المختلفة في اللفظ المتشابهة في الرسم دون تمييزها بنقاط، كما كانوا قادرين على لفظها بشكل صحيح دون تشكيل. وعدم الحاجة للتشكيل والتنقيط دليل آخر على مدى سهولة تعلم القراءة والكتابة في ذلك الوقت، وهذا لأن القارئ العربي كان يفهم النص ولا يحتاج إلا إلى أدنى حد من الرسم لكي يعي المكتوب ويقرأه.
أما بخصوص عدم معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم للقراءة والكتابة، فهي إن صح تسميتها بالأمية فهذا نسبة إلى صفاء الفطرة ونقائها وسلامتها وعدم اختلاطها بما يعكرها، ولم يستخدم القرآن هذا التعبير (أي الأمي) لتبيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة والكتابة، حيث يقول تعالى:
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (العنكبوت 49)
لذلك يجب الحذر من هذا التعبير، فلا يصح تسمية مجرد عدم معرفة القراءة والكتابة بالأمية، فقد لا يستحق كثير ممن لا يعرف القراءة والكتابة هذه الصفة الراقية. فهذا التعبير يحكم على نقاء فطرة المرء وصفاء ذهنه، لا على عدم امتلاكه هاتين المهارتين.
ولقد استعار العرب مؤخرا لفظة أمي كمصطلح لعدم معرفة القراءة والكتابة من باب تكريم غير القارئين والكاتبين وتشجيعهم على التعلم. وهذا مستحسن بشكل عام ومقبول لغويا.
المهم، أن صفة الأمي للرسول صلى الله عليه وسلم تشير إلى معانٍ عظيمة كما أسلفنا، وهي صفات مدح وكمال لا نقص. فهو نبي الأمم المؤسس لأمة عظيمة جديدة وهو النبي الذي ليس من بني إسرائيل ولا من أهل الكتاب والذي هو نبي لهم أيضا ليجمعهم في أمته الواحدة، وهو النبي الفطري الذي جاء بدين الفطرة، وهو النبي المكي صلى الله عليه وسلم الذي جاء في أم القرى لكل القرى، وغير ذلك من المعاني الأخرى التي قد لا أكون ذكرتها في هذا الرد.
أرجو النشر
لتصحيح هذه المعلومة
عند الكثير من المسلمين
وجعله الله في ميزان حسناتك
كل الشكر
تقبل قرائتي
|
الله يجزيك كل خير يارب
حفظكم الله ورعاكم وسدد للخير خطاكم وحقق مناكم إن شاء الله
آآآآآآآآآآآآآآمين أجمعين يارب نحن وإياكم إن شاء الله