تخطى إلى المحتوى

مشكلة الشهوة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمةالله وبركاته

القعدة

لقد حدثتني كثيراً يا أبي عن جوانب مضيئة ومزايا لهذهالمرحلة، لكن أليس فيها مشكلات وصعوبات؟

نعم إنه سؤال له أهميته، فأنت تعلمأن الشيطان حريص على إغواء ابن آدم وإضلاله، وقد أقسم أمام ربه هذا القسم ((قَالَفَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمّ لاَتِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنشَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ )) (الأعراف 16-17) ولهذا يبدأالصراع على أشده بين الشيطان وبين الشاب حين يصل إلى مرحلة البلوغ والتكليف.

ومن حكمته تعالى أن جعل طريق الجنة طريقاً فيه مشقة وصعوبة، وجعل طريقالنار طريقاً مليئاً بالشهوات كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله" حُجِبَتِالنَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ".

ولهذاتبدأ هذه الشهوات بالبروز والظهور في هذه المرحلة؛ إذ بذلك يتضح المطيع من العاصي،فلو كان طريق الطاعة سهلاً ليناً مفروشاً بالورود لسلكه الجميع ولم يكن هناك ميزةللمطيعين.

وماذا عن هذه الشهوات أهي شهوة واحدة أم متعددة، وهل هي على درجةواحدة أم متفاوته؟

نعم يابني إنها شهوات كثيرة ومتعددة كما جاء في كتابالله تعالى ((زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَالْبَنِينَوَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَالْخَيْلِالْمُسَوّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدّنْيَاوَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ) (آل عمران 14).

أما تفاوتهاواختلافها، فهي تختلف من شخص لآخر، وبيئة لأخرى، لكن على وجه العموم تبقى شهوةالفرج – أو ما يسمى بالمصطلح المعاصر (شهوة الجنس)- من أشد هذه الشهوات وأخطرها علىالشاب وخاصة في هذا العصر بالذات، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ"وبقوله "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُالْجَنَّةَ"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلمعَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ "تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُالْخُلُقِ" وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ "الْفَمُ وَالْفَرْج ُ".

لقد لمست جرحاً ووضعت يدك على موضع الألم حينتحدثت عن هذه الشهوة فهل تأذن لي بمزيد من الأسئلة عن هذه القضية بالذات؟

نعم فاسأل عما بدا لك، وستجد صدراً رحباً بإذن الله.

قد يتساءل بعضالشباب قائلاً نعلم أن الله حكيم عليم، فهل من حكمة تظهر للمسلم من وراء ابتلاءالناس بهذه الشهوة؟

لتعلم يا بني أن المسلم لا يعترض على أوامر الله وشرعه،بل يجب عليه أن يسلم لكل ما جاء عن الله ويؤمن به، سواء علم الحكمة في ذلك أم لميعلم، ثم بعد ذلك إن علم بالحكمة ازداد إيماناً ويقيناً.

ومن حكم وجود هذهالشهوة أن تكون سبباً في بقاء العنصر البشري وعدم فنائه، ولهذا حبب إلى الناسالنساء والبنون ليسعوا لتحصيل ذلك.

ومن الحكم العظيمة الابتلاء والامتحانكما ذكرت لك قبل قليل فإذا كان طريق الطاعة فيه مشقة ويحتاج لمجاهدة النفس لم يسلكهإلا الصادقون، وإن كان غير ذلك سلكه الجميع.

أظن أن أول خطوة يتخذها العاقلفي ذلك أن يتعرف على الأسباب التي تجره إلى الوقوع في هذه الشهوة المحرمة فيتجنبها،حتى يقل الداعي والمثير في نفسه، أليس كذلك؟

بلى فالأمر كما قلت، إن من أهمما ينبغي على المرء أن يخفف مما يثير عليه الشهوات ويؤججها في نفسه.

وماأهم شيء في ذلك وأخطره؟

أهم شيء في ذلك وأخطره هو النظر الحرام، فالنظر هوالبريد للقلب، وهو أول خطوة يخطوها المرء نحو الوقوع في الحرام، ولذا حذر اللهتبارك وتعالى عباده من ذلك فقال ((قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْأَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَخَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )) (النور30)

ولخطورة النظر وعلم النبي صلى اللهعليه وسلم بعظيم أثره حذر أصحابه منه فقال "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَىالطُّرُقَاتِ" فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ؛ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُفِيهَا، قَالَ "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَحَقَّهَا" قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ"غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى،وَرَدُّ السَّلام،ِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَر ".

ولهذا قال الشاعر

كل الحوادث مبداها من النظــر ومعظم النار منمستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السـهام بلا قوس ولا وتر

أفهم من هذا الحديث أن المسلم عليه أن يحتاط ويحذر، فيبتعد عن المواطن التيقد يتعرض فيها للنظر الحرام، أليس كذلك؟

بلى يابني، فالنبي صلى الله عليهوسلم في هذا الحديث نهاهم ليس عن مجرد النظر الحرام، بل نهاهم عن الجلوس في الطريقالذي قد يكون سبباً في التعرض للنظر، مع أن طرقات المدينة إذ ذاك لم تكن كطرقاتالمسلمين اليوم مليئة بالتبرج والسفور، بل كانت النساء محتشمات متسترات، حتى إنهنليلتصقن بالحائط حين سيرهن في الطريق.

ولماذا كان النظر بهذه الدرجة منالخطورة؟

إنما كان كذلك لأنه يتبعه مابعده، فحين ينظر المرء نظرة محرمةترتسم الصورة في قلبه ويزينها الشيطان له، فيثيرها في كل موقف، وحين يخلو بنفسهويأوي إلى فراشه يعيد الشيطان الصورة في ذهنه فيتذكرها، ويفكر فيها، ثم يطول معهالتفكير، حتى يصبح ديدناً وشأناً له، فربما رأيت بعض الشباب يفكرون بهذه الشهواتحتى في صلاتهم، فماذا بقي لله تبارك وتعالى بعد ذلك؟

وحين يطول التفكيربصاحبه ويستولي عليه فقد يتطور به الأمر إلى التفكير بالفعل والممارسة، وتبدأالمسألة من كونها مجرد أفكار، إلى أن تتحول إلى نية، ثم إلى تخطيط وعزيمة، ثم إلىالوقوع ربما في الفاحشة والفساد، فإن لم يكن كذلك فقد يؤدي به ذلك إلى ممارسةالعادة السرية.

لي سؤال مهم يا أبي حول العادة السرية لكن سوف أؤخره لمابعد، فلدي سؤال حول النظر، فبعض الشباب يقع منه النظر فيتبع النظرة النظرة من خلالمجلة أو فيلم، أو نظرة مباشرة ويحتج بأنه يقتصر على ذلك دون الوقوع في الفاحشة أومقدماتها.

نعم، ماتقوله حق ولكن: مجرد النظر سيئة وأمر محرم بحد ذاته،فمادام قد نظر إلى ما لايحل النظر إليه فقد وقع في معصية بغض النظر عما يترتب علىذلك.

ولو افترضنا أنه لم يقع في الفاحشة، فانشغال قلبه بالشهوات ضرر كبيرعليه وإشغال له عن مصالح دينه ودنياه، وطالما حرم أمثال هؤلاء من لذة تدبر القرآنالكريم، ومن لذة مناجاة الله تبارك وتعالى والصلة به عز وجل.

وربما لم يقعفيها في المرة الأولى، لكن الشيطان يجره إلى التمادي في ذلك، ويحاول إثارته مرة بعدمرة، حتى يقع فيها ولو بعد حين، عندما تتمكن الشهوة من نفسه فلا يرده عنها راد.

إذاً فالعامل الأول -كما سمعت من حديثك- هو النظر الحرام، والذي يقودللتفكير، فهل التفكير بممارسة الشهوة أمر محرم؟

من رحمة الله تبارك وتعالىأنه لايعاقب عباده إلا بما اقترفته أيديهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّاللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْأَوْ تَتَكَلَّمْ"( ) .

لكن التفكير قد يطول بصاحبه ويستطرد معه فيشغل قلبهوفؤاده، وقد يكون طريقاً وسلماً بعد ذلك للوقوع في الحرام، فأنصحك وكل شاب ألا يشغلنفسه بالتفكير، وأن يحرص على التفكير فيما يفيده في الدنيا والآخرة فذلك خير لهوأولى.

وعليه أن يحرص على قطع مثل هذه الأفكار حين ترد إلى ذهنه، وأنيستبدلها بما هو خير منها.

وما العامل الآخر الذي يقود إلى إثارة الشهوة؟ألايمكن أن نقول: إنه جلساء السوء؟

بلى يابني، فجلساء السوء لهم أثر وخطرعظيم على الشاب كما سبق أن حدثتك عن ذلك.

إذاً عرفت ياأبي أن هذه بعضالأسباب والمثيرات، فعلي أن أجتنبها وأبتعد عنها، وأرى أن الشاب قد توجد لديه أسبابأخرى تثير لديه الشهوة غير ماذكر، فينبغي أن يكون على قدر من العقل، فيجتنب كل مايوقعه في الحرام.

والآن يا أبي بعد أن رأينا أن جانباً مهماً من الحل يتمثلفي اجتناب الأسباب المثيرة للشهوة الداعية للمعصية، فهل هناك حلول أخرى غير ذلك؟

نعم يابني، هناك جانب آخر من الحلول ألا وهو فعل الأمور التي تقوي المانعمن الشهوة، وأهمها قوة الإيمان بالله تبارك وتعالى، فالإيمان سلاح المؤمن في مواجهةمايضله من الشهوات والشبهات، فعليه أن يتعاهد إيمانه ويعتني به، وقد قال صلى اللهعليه وسلم : " إن الإيمان ليَخْلَقُ في جَوفِ أحدِكِمْ كَما يَخْلَقُ الثوب،فاسألوا الله تعالى أن يُجَدِّدَ إِيمانَكُم"( ) ، وكان معاذ رضي الله عنه يدعو أحدأصحابه ويقول: اجلس بنا نؤمن ساعة.

ولكن ما الأمور التي تزيد الإيمان؟

الإيمان يابني يزداد بالطاعة وينقص بالمعصية، فمن عوامل زيادة الإيمان فعلالطاعات بأنواعها، ومنها تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومنها المداومة على ذكرالله تبارك وتعالى بأنواع الأذكار، ومنها التفكر في مخلوقات الله عز وجل ودلائلعظمته.

وما العامل الثاني بعد تقوية الإيمان يا أبي؟

العامل الثاني يابني هو الخوف من الله تعالى، ومراقبته في السر والعلانية، فحين يعلم المؤمن أنالله تعالى بكل شيء محيط، وأنه لاتخفى عليه خافية، ولايعزب عنه مثقال ذرة كما قالتعالى {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَافِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَحَبّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍمّبِينٍ }(الأنعام:59)، وقال تبارك وتعالى {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلّأُنثَىَ وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلّ شَيْءٍ عِندَهُبِمِقْدَار. عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ. سَوَآءٌمّنْكُمْ مّنْ أَسَرّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍبِالْلّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنّهَار ِ} (الرعد:8-10)، إنهم سواء في علم الله تباركوتعالى، ذاك الرجل الذي يمارس الحرام علانية وجهراً أمام الناس في وضح النهار،والآخر الذي أغلق عليه بابه في ظلمة الليل، وحين يعلم المؤمن ذلك يخاف ربه ويخشاه،ويمتنع عن مواقعة معاصيه.

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعةالذين يظلهم في ظله يوم لاظل إلا ظله " وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُمَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ".

وما العامل الثالث ياأبي؟

هو أن يتذكر يوم وقوفه بين يدي الله تبارك وتعالى وأنه سيلقى اللهيوم تبلى السرائر، يوم لايخفى من الناس خافية، ويتذكر مايعاقب الله به أهل الفجورحين يلقونه فيختم تبارك وتعالى على ألسنتهم فتنطق جوارحهم بما عملوا {حَتّىَ إِذَامَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَاكَانُواْ يَعْمَلُون َ} (فصلت:20) وهل يمكن أن يفعل أحد المعصية وجوارحه غائبة عنه؟ {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَأَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـَكِن ظَنَنتُمْ أَنّ اللّهَ لاَ يَعْلَمُكَثِيراً مّمّا تَعْمَلُونَ } (فصلت:22)

ويحدثنا r عن هذا الموقف يومالقيامة فعن أنس -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي r فضحك، فقال: "هَلْ تَدْرُونَمِمَّ أَضْحَكُ؟" قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"مِنْمُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَالظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى: قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَىنَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَعَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُعَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ،قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًالَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِل ُ"( )

فحين يتأمل الشابيابني هذا الموقف يخاف الله ولا يقدم على ما حرمه تبارك وتعالى.

وهل ثمةعامل آخر يا أبي؟

نعم يابني، العامل الرابع هو أن يتذكر المؤمن البديل الذيأعده الله يوم القيامة لمن أطاعه وأعف نفسه عما حرم تبارك وتعالى، أتعرفه يابني؟

يبدو أنك يا أبي تعني الحور العين؟

نعم يابني، إنه الحور العيناللاتي وصفهن الله تبارك وتعالى في كتابه بقوله {إِنّا أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَاءً. فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً. عُرُباً أَتْرَاباً. لأَصْحَابِ الْيَمِينِ } (الواقعة:35-38) ووصفهن صلى الله عليه وسلم بقوله "وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْزَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ"( ).

وماذا بعد ذلك يا أبي؟

بعد ذلك يابني الدعاء والتوجه له تباركوتعالى، فقد ذكر الله لنا قصة يوسف عليه السلام حين تعرضت له النساء وحاولن فتنتهودعوته للسوء، فقال {رَبّ السّجْنُ أَحَبّ إِلَيّ مِمّا يَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِوَإِلاّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ وَأَكُن مّنَ الْجَاهِلِينَ }(يوسف: 33). فالجأ يابني إلى مولاك، وارفع كف الضراعة إليه، واعلم أنه لايخيب منأحسن الظن به، ولايرد من سأله وهو القريب المجيب.

والعامل السادس يابني -وهو عامل له أهميته-: تقوية الإرادة والعزيمة، بأن يعود الإنسان نفسه على الضبط،وألا يستسلم لنفسه في كل ماتريد وتشتهي وتدعوه إليه، وألا يستجيب لها إلا حين يعلمأن في ذلك خير له في الدين والدنيا، وهذا الضبط للنفس يحتاج لمجاهدة وتعوّد، وليعلمأنه في معركة حقيقية مع نفسه الأمارة بالسوء يساندها الشيطان الرجيم، وأنه بدون هذهالعزيمة لن يكون له نصر على هذا العدو اللدود.

وماذا بعد ذلك يا أبي؟

بقي عامل مهم تركته قصداً لعلك تعرفه أنت، لاسيما وقد أشار إليه النبي صلىالله عليه وسلم في حديثه.

نعم يا أبي، إنه الزواج والصيام، أليس كذلك؟

بلى يابني، وفقك الله، فالزواج هو الذي يتيح للمرء أن يمتع نفسه بما أحلالله فيصرفه ذلك عن الحرام، وإن كان اليوم الشاب الذي في سنك لايستطيع الزواج فعليهبالصيام، وأن يجعل لنفسه نصيباً من صيام النوافل، فيصوم الاثنين والخميس، أوالاثنين وحده، أو ثلاثة أيام من كل شهر، فيختار لنفسه ما يستطيع أن يحافظ عليه منالصيام؛ فالصيام سبب بإذن الله لتحقيق التقوى كما قال تبارك وتعالى {يَأَيّهَاالّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِنقَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُون َ} (البقرة:183)، وهو يقوي الإرادة والعزيمة ويعودالمرء على الانتصار على نفسه.

وماذا عن العادة السرية ياأبي، فكثير منالشباب يتساءل عنها؟

إنها يابني خصلة ذميمة وقبيحة ومحرمة، وقد دل علىتحريمها كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله r ، فمن الكتاب قوله تعالى {وَالّذِينَهُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } (المؤمنون:5-6)، فقد أخبر تبارك وتعالى أنهم يحفظون فروجهم إلا من هذين الطريقين، فدل هذا على تحريم ماسواهما، ثمقال في الآية التي تليها واصفاً من يمتعون أنفسهم بما سوى الزوجة وما ملكتاليمين{فَمَنِ ابْتَغَىَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْعَادُون َ} (المؤمنون:8).

ولممارسة هذه العادة أضرار طبية منها: ضعف العضو التناسلي،وقد يعجز صاحبها فيما بعد عن القيام بالوظيفة الزوجية، وتولد اضطراباً في آلةالهضم، وتضعف ماء من يمارسها فقد يؤثر على نسله، وتورث ضعفاً في الغدد المخية.

ولها أضرار نفسية منها: الهم والغم، فصاحبها إما أن يشعر بالذنب ويلوم نفسه فتورث لديه هماً لايطيقه، ويشغله ذلك ويصده عن كثير من أعمال الخير والصلاح، أو أنيزول عنه الشعور بالذنب وهذا أشد عليه وأخطر، وتؤدي إلى ذهاب المروءة والخجل.

وقد يمارسها الشاب في مكان لايستطيع فيه أن يغتسل فيضطر إما لتأخير الصلاة،أو للصلاة وهو على جنابه وهما أمران أحلاهما مر.

وهل من طريق يخلص منها؟

العلاج لذلك يابني هو ماسبق ذكره، وألخص لك ذلك في أمور: تقوية الإيمان والخوف من الله، تقوية الإرادة، غض البصر، اجتناب التفكير بالشهوة، اجتناب الخلوة وإشغال النفس بما يفيد، الاهتمام بالعلم والقراءة والاستفادة من الوقت فإنه يشغلذهن الشاب بأمور جادة، وأنصحك بعد ذلك بقراءة كتاب: (العادة السيئة، لمحمد المنجد) فهو من أحسن ما رأيته في هذا الموضوع.

القعدة

موضوع اعجبني فحبيت انقله

ثبتنا الله على صراطه المستقيم واعاننا على شهوات الدنيا وملذاتها
بوركت اخي الكريم
مشكلة عويصة جدا وهي كثيرة الحدوث اللهم قنا قتنتها يا رب

شكرا لك اخي اجمل تحية

تحياتي ……………

بارك الله فيكم وكل الشكر على المرور

اللهم ثبتنا على دينك و اغفر لنا خطايانا و ارحمنا يا ارحم الراحمين
موضوع مهم جدا خاصة في وقتنا الحالي
شكرا لك
جزاك الله كل خير

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هديل حمامة جيجل القعدة
القعدة
القعدة

اللهم ثبتنا على دينك و اغفر لنا خطايانا و ارحمنا يا ارحم الراحمين

موضوع مهم جدا خاصة في وقتنا الحالي
شكرا لك

جزاك الله كل خير

القعدة القعدة
اسعد الله اوقاتك بكل خير
وكل الشكر والتقدير على المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.