يرتبط إسم مراكش في الأذهان بصورة مدينةٍ عريقةٍ زاخرةٍ بالنشاط والحيوية. أسّسها البربر في موقعٍ رائعٍ داخل واحةٍ تتوسّط سهلاً خصبًا بجوار جبال الأطلس الشّاهقة.
تُعتبر مراكش التي مَنَحت المغرب اسمه القديم واحدةً من مُدُن المغرب الإمبراطورية الأربع، وهي لؤلؤة حقيقية وسط مدن شمال إفريقيا. وطالما اشتهرت مراكش بأسواقها المُزدحمة بالمتسوّقين وأكشاك الأطعمة الشعبيّة اللّذيذة، والحكواتية، والسَّحَرة، والبهلوانات والمُهرّجين الإستعراضيين والموسيقييّن وقُرّاء الكف.
ولعلّ ما يجذبُ أنظار الزائرين لمراكش قمم جبال الأطلس المكسوة بالثلوج والمطلّة على المدينة التي يحيط بها أسوار حمراء اللّون تعطيها ذلك اللون الورديّ الجميل، والتي بدورها تحيط بها أشجار النخيل الباسقة لتعطي منظرًا فنيًا طبيعيًا رائعًا يسرّ العيون.
تُحدّد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لمراكش سنة 1070م من قِبَل المرابطين، وهم مجموعة قبائل أمازيغيّة رُحَّل أتت من الصحراء. وقد تطوّرت هذه المدينة تحت حكم السلطان يوسف بن تاشفين (1061– 1107م) إلى حدٍ كبيرٍ من نتائج التّوسع المرابطي في إفريقية والأندلس لتصبح المركز السّياسي والثقافي للغرب الإسلامي.
بعد استتباب الأمر للموحّدين، عقب دخولهم المدينة سنة 1147م، اتّخذوها عاصمةً لحكمهم وأنجزوا فيها عدّة معالم تاريخيةٍ مازالت تُشكّل مفخرة عصرهم، كصومعة الكتبية بمسجديها والأسوار والأبواب والحدائق إضافة إلى قنطرةٍ على وادي تانسيفت ظلّت تُستَعمَل حتّى عهدٍ قريبٍ. هكذا عَرَفَت مراكش، تحت حكم الموحّدين، إشعاعًا كبيرًا جعل منها مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا وسياسيًا لا نظير له في الغرب الإسلامي.
أمام ضعف الموحدين، استولى المرينيون القادمون من الشرق سنة 1269م على المدينة. غير أنهم اتّخذوا فاس عاصمةً لَهُم لقرب هذه الأخيرة من موطنهم الأصلي، ممّا أدى إلى تراجع مدينة مراكش وتحولها لمركزٍ ثانويٍ. في سنة 1551م استعادت المدينة مكانتها كعاصمةٍ للسعدييّن (1589م– 1659م). فعلى عهدهم تمّ تشييد بناياتٍ ومنشآتٍ جديدةٍ، أهمّها قصر البديع ومجمع المواسين ومدرسة ابن يوسف وقبور السّعديين وعدد من السقايات.
ونظرًا لما تزخر به من إرثٍ حضاريٍ كبير، أصبحت مدينة مراكش قبلةً للسياحة العالمية ومقرًا للمؤتمرات الدولية ذات المستوى الرفيع، لتحتلّ بذلك مكانةً خاصةً في المغرب الحديث.
بارك الله فيك اختي على طرحك المميز
|
يعطيك الصحة خولة