السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر؛
تقول السائلة من السعودية: لدينا مادةٌ في الجامعة اسمها أصول التربية ذَكَرَ فيها الدكتور هذه العبارة: "الأصول الإعتقادية هي الأديان السماوية اليهودية والنصرانية والإسلام وأصلها وحيٌ من الله غير أنَّ اليهودية والنصرانية دخلهما التحريف" فما رأيكم في هذا – بارك الله فيكم-؟
الجواب:
كَذَبَ هذا الكاتب، وافترى على الله وعلى رُسُلِه وعلى إجماع المسلمين، فليست اليهودية ولا النصرانية ديانات سماوية، وليست هي وحي من الله – أعني اليهودية والنصرانية- فاليهودية: عَلَمٌ على فئةٍ من بني إسرائيل حَرَّفت التوراة الذي جاء به موسى – صلَّى الله عليه وسلَّم –، والنصرانية: عَلَمٌ على فئةٍ أُخرى من بني إسرائيل هم مُحَرِّفة الإنجيل، فموسى وعيسى – عليهما الصلاة والسلام – لم يأتِيَا بغير الإسلام الذي اتفقت عليه النبوات والرسالات بدءً من نوح – صلَّى الله عليه وسلَّم – وختمًا بمحمد – صلَّى الله عليه وسلَّم –، وصلَّى الله وسلَّم على جميع النبيين والمرسلين.
وقد جاء القرآن الكريم وصحيح السُّنة بالدلالة الصريحة على أنَّه لا دينَ إلَّا دين الإسلام؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، هذا هو ما اتَّفق عليه النبيون والمرسلون – عليهم الصلاة والسلام- فما جاء نَبِيٌّ ولا رسول إلَّا بالإسلام، وفي الحديث الصحيح: ((إنَّا معاشرَ الأَنْبِيَاء أولادٌ لعلَّات ديننا واحد وأمهاتنا شَتَّى)) أخرجه البخاري.
وفي المسند وغيره عن أنسٍ – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((يا أُبَيْ إِنَّ الله أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عليك القرآن، قال: وسَمَّاني لَكَ يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: وذُكِرْتُ عند رَبِّ العالمين؟ قال: نعم ، فقرأ رسول الله عليه: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ..﴾))، وفيه: إنَّ المِلَّة الحنيفية المسلمة لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ولا المشركين، فكيف يَجْرُؤُ هذا على تلقين المسلمين والمسلمات هذا الكَذِب والافتراء بل هو كُفر، من اعتقده كَفَر، من اعتقد أنَّ النصرانية واليهودية ديانات سماوية كَفَر لم يُنْزِلها الله – سبحانه وتعالى –، ما أنزل الله على نَبِيٍّ من الأنبياء – كما سُقْتُ من الأدلة وتركت الكثير – إلَّا الإسلام فقط.
والذي يظهرُ لي أنَّ هذا الكاتب من الإخوان المسلمين؛ والإخوان المسلمون إحدى الجماعات الدَّعَويّة الحديثة التي كُلُّها على ضلال، ومن خلال قاعدتهم الفاجرة الملعونة فتحت الباب على مصراعَيْه أمامَ كُلِّ نِحلةٍ ضالَّة، سواءً مُنتَسِبة إلى الإسلام كالرّافضة والباطنيّة، أو غير مُنتَسِبة إلى الإسلام كاليهوديَّة والنصرانية.
ثمّ هذا الكاتب المفتري الكذَّاب قال: "أصلها وحي من الله" لم تكن دينًا حتى يكون أصلها وحي! وحيُ الله إلى أنبيائه هو الإسلام، وعلى ذلك أجمع المسلمون.
وقد يقول قائل: كيف تصنعون بقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾؟
نقول: فَسَّرها الحَبرُ البَحرُ عبد الله بن عبَّاس – رضي الله عنهما – قال: سبيلٌ وسُنَّة، فشريعةُ جميع النبيّين والمرسَلين- عليهم الصلاة والسلام – هو الإسلام لا غيره، لكن لكلِّ نبيٍّ شِرعة خاصَّة به؛ هذا في الفروع، أمَّا الأصل هو التوحيد، الأصل الذي لم يختلف فيه النبيون والمرسلون كما سُقْتُ الآيات وما تَيَسَّر من الأحاديث، هو مُتّفقٌ عليه، لكن هناك شرائع خاصَّة، لكلِّ نَبِي شِرعته، فلا نستطيع أن نقول أنَّ حَجَّ موسى مثل حج محمد، أو حج مثلًا نوحٍ كحجّ محمد، لا نعلم، كذلك في الزَّواج، كلّ نبيّ له شِرعة خاصَّة، فيقولون أنَّ في شريعة يعقوب – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه يتزوج الأختين؛ الأخت الكبرى قبل الصغرى، والله أعلم، هكذا سَمِعْنَا.
والمقصود أنَّ هذه الديانات التي هي اليهوديّة والنصرانيّة نسبتُها إلى أنَّها دينٌ مُوحَى به على موسى وعيسى – عليهم الصلاة والسلام- هو كذبٌ وافتراء.
فلا تَغْتَرُّوا أيُّها المسلمون والمسلمات بمثل هذه العبارات المزخرفة. والله أعلم.
الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري