بكل بساطة نقول إن ظاهرة الكسوف تتعلق بثلاثة أجرام هي الشمس والقمر والأرض.
فالقمر يدور حول الأرض بفلك محدد. والأرض تدور مع قمرها بفلك محدد حول الشمس.
وهذا ما تحدث عنه القرآن بقوله تعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[يس: 40].
هذه المدارات تتشابك مع بعضها وعلى الرغم من ذلك يبقى كل جرم من هذه الأجرام محافظاً على مداره ولا يحدث أي صدام في هذه المنظومة الكونية العجيبة،
ولذلك قال الله تعالى يصف لنا هذا المشهد: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[يس: 40].
ولكن الذي يحدث أحياناً أن القمر يمرّ من أمام الشمس فيحجب ضوءها عنا وهذا ما يسمى بكسوف الشمس.
وإذا مرّ القمر بشكل كامل أمام الشمس فإن الشمس تختفي بشكل كامل وهنا يحدث الكسوف الكلي.
أما إذا مرّ القمر بشكل يحجب قسماً من ضوء الشمس فهذا ما يسميه العلماء بالكسوف الجزئي.
إن القمر جسم صخري بارد يبلغ قطره أقل بقليل من 3500 كيلو متر تقريباً. ويدور القمر حول الأرض دورة كل 29.5 يوماً، وخلال رحلة دورانه الشهرية يمر بعدة أطوار فيكون هلالاً ثم بدراً ثم يعود هلالاً وهكذا
بمعدل خسوفين لكل سنة.
ويمكن رؤية الخسوف في المناطق التي يكون فيها القمر فوق الأفق. وتحدث تلك الظاهرة عبر المراحل التالية
1- يبدأ القمر بدخول منطقة شبه ظل الأرض (penumbra) فيبدأ ضوءه بالخفوت دون أن يخسف (خسوف شبه الظل بالمصطلح الفلكي).
ومنطقة شبه الظل التي ينحجب فيها بعض ضوء الشمس عن القمر بسبب الأرض.
2- يبدأ القمر بدخول منطقة ظل الأرض (umbra) فيبدأ الخسوف الجزئي.
ومنطقة ظل الأرض هي المنطقة التي تنحجب فيها الشمس كاملة بسبب الأرض.
3- يخسف كامل قرص القمر عند اكتمال دخوله إلى منطقة ظل الأرض.
4- يبدأ القمر بالخروج من منطقة ظل الأرض فينتهي الخسوف الكلي.
5- يخرج القمر تماماً من منطقة ظل الأرض فينتهي الخسوف الجزئي.
6- يخرج القمر تماماً من منطقة شبه ظل الأرض فينتهي كامل الخسوف بالمعنى الفلكي.
أنواع الخسوف:
1- خسوف كلي(Umbral): ويحدث عندما يدخل القمر كله منطقة ظل الأرض، . وفي هذه الحالة ينخسف كامل قرص القمر.
2- خسوف جزئي( Partial): ويحدث عندما يدخل جزء من القمر منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف جزء من قرص القمر.
3- خسوف شبه الظل ( Penumbral): ويحدث عندما يدخل القمر منطقة شبه الظل فقط، وفي هذه الحالة يصبح ضوء القمر باهتاً من دون أن ينخسف.
ومنطقة شبه الظل هي المنطقة التي ينحجب فيها جزء من ضوء الشمس عن القمر أي أن المراقب للشمس من على سطح القمر يراها منكسفة جزئياً. ولا يصنف هذا النوع على أنه خسوف شرعي.
إذن لكي يحدث الخسوف الكلي فإنه لابد أن يحدث الخسوفان السابقان. وفي بداية الخسوف الكلي فإن لون القمر يميل للحمرة بسبب الأشعة الحمراء التي لايمكن امتصاصها من أعلى الغلاف الجوي للأرض.
ولكن لأن مستوى دوران القمر حول الشمس يميل بزاوية مقدارها خمس درجات تقريباً.
لذلك السبب لا يحدث الكسوف أو الخسوف إلا عندما تمر الشمس (بسبب دوران الأرض حول الشمس) في نقطة التقاء المستويين أو ما تسميان بالعقدتين.
وتمر الشمس مرتين كل سنة فيهما. لذلك تحدث تلك الظاهرة بمعدل مرتين كل سنة مثل ظاهرة خسوف القمر.
وتسمى الفترة التي تبقى الشمس في العقدتين بفترة الخسوف والكسوف حيث تبقى في كل عقدة أكثر من شهر وهو ما يجعل كل كسوف شمس يرافقه على الأقل خسوف قمر إما قبله أو بعده بنصف شهر والعكس صحيح.
وتستغرق الشمس فترة 346.62 يوم كي تعود إلى نفس العقدة وتلك الفترة تسمى السنة الكسوفية لذلك يتوقع بعد تلك الفترة أو نصفها حدوث خسوف وكسوف ما على سطح الأرض.
وبسبب الفرق بين السنة الكسوفية والسنة الشمسية فإن القمر يعود إلى نفس النقطة التي يحدث فيها الخسوف أو الكسوف بعد 18 سنة و 11.3 يوم أو ما تسمى بدورة الساروس للقمر والتي اكتشفها البابليون في عصور قبل الميلاد.
يوضح هذا الرسم كيف تقع الأرض بين الشمس والقمر مما يؤدي لحجب أشعة الشمس عن القمر وتحدث ظاهرة الكسوف الكلي للقمر.
وهذا يعني أنه في غضون الساعة والنصف وهي مدة الكسوف تقريباً يعاني سطح القمر من تغير في درجة حرارته بحدود 229 درجة مئوية! (3).
حقائق وأرقام
أطول كسوف كلي للقمر استمر ساعة و 40 دقيقة.
أما أطول كسوف كلي للشمس فلم يستمر أكثر من 7 دقائق و 40 ثانية.
الكسوف القمري يمكن أن يحدث ثلاث مرات كل سنة. أما كسوف الشمس فيمكن أن يحدث 5 مرات في سنة واحدة.
هل رؤية كسوف القمر آمنة؟
بعكس كسوف الشمس، فإن رؤية كسوف القمر آمنة تماماً! وبالتالي يمكن النظر مباشرة إلى كسوف القمر والاستمتاع بهذا المنظر الفريد،
ونحن كمؤمنين ينبغي علينا أن ندعو بالدعاء الذي علمنا الله تعالى: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)[آل عمران: 191-194].
كيف تناول النبي الكريم هذه الظاهرة؟
يقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح والمتفق عليه: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة) [رواه البخاري و مسلم وغيرهما].
ونتساءل: ما هو الجديد الذي يقدمه هذا الحديث الشريف؟ إذا علمنا أنه منذ 1400 سنة كانت الأساطير تملأ الجزيرة العربية فإن هذا الحديث يعتبر الأساس في علم الفلك الصحيح.
فقد حدد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن هذه المخلوقات من شمس أو قمر هي آيات من عند الله تعالى، لا تمثل حيوانات ولا آلهة بل تعمل بأمر خالقها عز وجل.
وأنه لا علاقة للشمس أو للقمر بأحد على الأرض فهي مخلوقات لا تضر ولا تنفع.
إذن نفى النبي جميع المعتقدات السائدة في عصره والتي لا تقوم على أساس علمي. وهذا سبق علمي أكرمه الله تعالى به يثبت أنه رسول الله وأنه لا ينطق عن الهوى.
لنتأمل عبارة (آيتان من آيات الله تعالى)ماذا تعني هذه العبارة؟ الآية في اللغة هي الدليل والبرهان والمعجزة، إذن الشمس والقمر هما دليلان على ماذا؟ إنهما دليلان على عظمة الخالق ودقة صنعه وإبداعه.
هذه الآيات ينبغي علينا أن نتدبرها ونتفكر فيها! ولا يكفي أن ننظر إلى الشمس أو القمر دون أن نشغّل عقولنا ونبحث في النظام الدقيق والقوانين المحكمة التي أودعها الله تعالى في هذين المخلوقين، فهو القائل: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)[الرعد: 2].
كما أكد البيان الإلهي أن للشمس والقمر نظام محسوب يمكن التعبير عنه بالحسابات والأرقام كما رأينا من خلال فقرات هذا البحث.
اللهم علمنا من لدنك علماً
يقول تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ)[الرحمن: 5].ولذلك جاء الحديث النبوي منسجماً مع النص القرآني وفي هذا دليل على أن الذي أنزل القرآن هو الذي علم الرسول صلى الله عليه وسلم.
حكمها ووقتها صلاة الكسوف سنة ، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا". وفعلها كصلاة العيدين، ووقتها من ظهور الكسوف فى أحد النيرين :الشمس أو القمر إلى التجلي، وإن وقع الكسوف في آخر النهار حيث تكرة النافلة كراهة شديدة، استبدل بالصلاة ذكر الله والاستغفار والتضرع والدعاء.
ما يستحب فعله في الكسوف يستحب الإكثار من الذكر والتكبير والاستغفار والدعاء والصدقة والعتق والبر والصلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا ".
كيفية صلاة الكسوف :
أن يجتمع الناس في المسجد بلا آذان ولا إقامة، ولا بآس أن ينادى لها بلفظ: الصلاة جامعة، فيصلى بهم الإمام ركعتين في كل ركعة ركوعان وقيامان، مع تطويل لكل من القراءة والركوع والسجود وإذا انتهى الكسوف أثناء الصلاة فلهم أن يتموها على هيئة النافلة العادية وليس فى صلاة الكسوف خطبة مسنونة وإنما للامام أن يذكر الناس ويعظهم ان شاء وهو حسن لقول عائشة رضى الله عنها: (خسفت الشمس فى حياة رسول الله صلى عليه وسلم فخرج رسول الله صلى عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه. فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا وهو أدنى من القراءة الأولى، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هى أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعا هو ادنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم سجد، ثم فعل فى الركعة الأخرى مثل ذلك حتى أستكمل أربع ركعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام، فخطب الناس، فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة). خسوف القمر الصلاة فى خسوف القمر (كالصلاة فى خسوف الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة)
انار الله طريقك
لا تحرمنا من مواصيعك
لك التحية
جزاك الله خيـــرا