—————————————–
عناصر الموضوع
1- المقدمة
2- المقصود بالدعوة إلى الله تعالى ؟ و لمن تكون ؟
3- أهمية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت .
4- ضوابط الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت .
5- كيفية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت وأبرز وسائلها .
6- أهم وأبرز المُشكلات التي تعترض عملية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت .
7- مُقترحات لتفعيل مهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت .
8- الخاتمة
—————————————–
1- المقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل في مُحكم التنزيل : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت . والصلاة والسلام على رسوله الأمين القائل : " فوالله لأن يَهدي الله بك رجُلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعم ".
وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن سار على دربهم ، واهتدى بهديهم ، ودعا بدعوة الإسلام إلى يوم الدين ؛ وبعد:
فإن الدعوة إلى الله تعالى فريضةٌ عظيمةٌ من الفرائض التي خص بها الأنبياء والرسل الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وجعلها من بعدهم مُهمة ورسالة التابعين لهم والآخذين بمنهجهم الذين عليهم أن يُبلغوا دين الله تعالى لبني البشر في كل زمانٍ ومكان إلى قيام الساعة تحقيقاً لقوله عز وجل : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف .
كما أن الدعوة إلى الله تعالى تُمثل عماد الخيرية التي وصف الله تعالى بها الأُمة المسلمة في قوله تعالى : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } (110) سورة آل عمران.
وعن طريق الدعوة إلى الله تعالى تحمل الأمة رسالة الإسلام الخالدة إلى مشارق الأرض ومغاربها صافيةً نقيةً لتُخرج الناس من الظُلمات إلى النور ، ولتهديهم طريق الحق وسبيل النجاة .
ونظراً لأنه قد تحقق في العصر الحديث كثيرٌ من المنجزات الحضارية المتطورة في مختلف المجالات والميادين ولاسيما مجال الاتصالات والتقنية ونقل المعلومات ؛ فإن الدعاة إلى الله تعالى مطالبون بالتفاعل الإيجابي مع هذه المُستجدات والمُنجزات العصرية التي يمكن تسخيرها والإفادة منها في مهمة الدعوة إلى الله تعالى ، ويأتي من أبرز وأهم هذه الوسائل المُستجدة ما يُعرف بشبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت Internet ) التي تُمكن مُستخدميها من الإفادة " من عشرات الخدمات المُختلفة ، والتخاطب مع المُستخدمين الآخرين ؛ فهي نافذة العالم بشعوبه وثقافاته وعلومه المختلفة ، ووسيلة اتصالٍ بين الباحثين ، ورجال الأعمال ، والدوائر ، والقطاعات ذات العلاقات المُشتركة "
—————————————–
2- المقصود بالدعوة إلى الله تعالى ، ولمن تكون
الدعوة إلى الله تعالى عبادةٌ عظيمةٌ ومنزلتها رفيعةٌ جداً بدليل أن الله تعالى اصطفى لها خير خلقه من الأنبياء والرسل ( عليهم الصلاة والسلام ) وأتباعهم الذين يقومون بدعوة أقوامهم وأُممهم إلى الدين الحق ، ويحرصون على إنقاذهم من الضلال ودلالتهم على سبيل الهداية انطلاقاً من قوله تعالى : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف.
ويُمكن تعريف الدعوة إلى الله تعالى ( كما أورد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ) بقوله :
" الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به ، وبما جاءت به رسله ، بتصديقهم فيما أخبروا به ، وطاعتهم فيما أمروا .. "
وجاء في موضعٍ آخر قوله ( رحمه الله تعالى ) :" الدعوة إلى الله تتضمن الأمر بكل ما أمر الله به ، والنهي عن كل ما نهى الله عنه ، وهذا هو الأمر بكل معروفٍ ، والنهي عن كل منكر "
وهناك من عرَّف الدعوة إلى الله تعالى بأنها :" إبلاغ الناس دعوة الإسلام في كل زمانٍ ومكان بالأساليب والوسائل التي تتناسب مع أحوال المدعوين " .
وانطلاقاً من ذلك فقد كان لزاماً على المسلمين الذين شرفهم الله تعالى بحمل هذه الأمانة وتبليغها ؛ أن يؤدّوا هذه الفريضة العظيمة خير أداءٍ ، وأن يُحسنوا تبليغها للناس أجمعين مستخدمين في ذلك ما يُناسب ظروف العصر من الوسائل والطرائق والكيفيات المختلفة والمتجددة .
ولأن مهمة الدعوة إلى الله تعالى مطلقةٌ وغير مُقيدةٍ بزمانٍ أو مكان ؛ فإن هذا يعني ضرورة " أن تنطلق الدعوة بموجب مُتطلبات العصر الذي تنطلق فيه ، والتركيز هنا ينصب على الوسائل التي تُستخدم للتبليغ . والوسائل تتجدد وتتطور وتتغير بحسب التطورات العلمية والتقانة ( التقنية ) التي تنطلق بسرعةٍ عجيبةٍ تستلزم المتابعة الدقيقة إذا ما أُريد للدعوة أن تؤثر في الناس ، وتتماشى مع مستوياتهم التفكيرية التي تُمليها عليهم ظروفهم التكوينية في التنشئة والتربية والتعليم " .
ولقد كان الدعاة فيما مضى يدعون إلى الله تعالى بطرقٍ مُختلفةٍ وأساليب مُتنوعة بدءً بالخطاب المباشر لجمعٍ من الناس في مكانٍ معين ، ثم بكتابة الكتب والرسائل والمؤلفات وإرسالها إلى مختلف الأماكن والأمصار، ومروراً بتسجيل الأحاديث عبر الإذاعة وأشرطة التسجيل ونشرها في مختلف الأجهزة المسموعة ، ثم إعداد البرامج الدعوية وتصويرها وبثها عبر أجهزة التلفاز والفيديو والمحطات الفضائية . وعندما انتشر استخدام الحاسب الآلي ظهرت البرامج الحاسوبية المعنية بهذا الشأن حاملةً الكثير من البرامج الدعوية المختلفة لخدمة الدعوة إلى الله تعالى .
وأخيراً ؛ ومع ظهور شبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت Internet ) في عصرنا الحاضر كان لا بُد أن تصبح هذه الشبكة العنكبوتية المُذهلة واحدةً من أحدث وأهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى لما لها من الأهمية والتأثير ، ولما يترتب على تسخيرها في هذا المجال من النفع العظيم والخير العميم متى أُحسن استخدامها لاسيما في هذا العصر الذي تطورت فيه العلوم التقنية تطوراً كبيراً مُذهلاً . وإلى ذلك يُشير أحد الباحثين بقوله :
" وهذه ( أي الإنترنت ) وسيلةٌ جديدةُ ينبغي استخدامها في إبلاغ الدعوة إلى الناس جميعاً بإنشاء المواقع ، وتجهيز المادة العلمية ، والاستعانة بأهل الفقه للدعوة ، والعارفين بأسرار الشريعة ، والقادرين على الرد على ما يوجه إليها من تساؤلاتٍ أو شبهات ، ويُمثل استخدامها في الوفاء بحاجات الدعوة واحداً من التحديات التي يجب أن ينهض بها المسلمون ، خاصةً وأن هذه الوسيلة ليست حكراً على أحد ، وليس هناك حظرٌ على استخدام المسلمين لها " .
أما لمن تكون الدعوة إلى الله تعالى ؛ فمن المعروف أنها تكون لكل إنسانٍ على وجه الأرض ؛ لأنها السبيل إلى حمل رسالة الإسلام وإيصالها إلى الناس أجمعين . إلا أن هناك تصنيفاً أورده أحد الكُتاب جاء فيه قوله :
" ومن المعروف أن مجال الدعوة إلى الإسلام يتمثل في مجموعتين من الناس :
الأولى / المسلمون أنفسهم ؛ حيث يسعى الدُعاة إلى تحسين التزام عامة المسلمين بالإسلام من خلال الوعظ والإرشاد والتعليم الذي يُبيِّن لهم محاسن الإسلام . وهذه الدعوة إلى الله تعالى بين المسلمين ضرورةٌ لحفاظ على المجتمع المسلم ، وإشاعة الفضيلة ، ومنع الرذيلة .
الثانية / هم غير المسلمين ممن يعيش أو يُجاور الأمة المسلمة . وهذه المجموعة تشمل كافة الناس الذين يُمكن أن تصلهم الدعوة خصوصاً في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم قريةً صغيرةً "
—————————————–
3- أهمية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت
نظراً لما تمتاز به شبكة الإنترنت من انتشارٍ واسعٍ ، وقُدرةٍ على الوصول إلى الملايين في كل مكان على سطح الأرض فإن الحاجة ماسةٌ للإفادة منها في الدعوة إلى الله تعالى على اعتبار أنها وسيلةٌ من الوسائل الحية في هذا العصر ، وأنها تحظى بقبولٍ جيدٍ ، وانتشارٍ كبيرٍ ، وتفاعلٍ إيجابيٍ من الملايين الذين يُقبلون عليها في أرجاء العالم . وليس هذا فحسب ؛ فإن أعداء الإسلام قد تنبهوا " إلى أهمية هذه الشبكة " الإنترنت " في نشر شُبهاتهم ، وبث أباطيلهم ، فاستغلوها استغلالاً واضحاً في غزوهم لنا فكرياً " .
لهذا فإن الواجب يُحتم علينا أن نُضاعف اهتماماتنا بهذا الشأن ، وأن نحاول اللحاق بالركب الحضاري الذي سُبقنا إليه في هذا المجال على الرغم من أننا أحق الناس به .
وتتمثل أهمية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت في الكثير من النقاط التي نشير إلى أبرزها فيما يلي :
1) أن الدعوة إلى الله تعالى واجبٌ دينيٌ على كل مُسلم قادرٍ من أبناء الأُمة المسلمة ،" ولما كان تبليغ الدعوة إلى الناس مما أخذ الله عز وجل عليه الميثاق من أهل العلم ؛ فإن إيصال هذا الدين الحق إلى مشارق الأرض ومغاربها بواسطة هذه الشبكة أمرٌ مطلوبٌ ، وهو من أعمال البرِّ والخير ، والمُنفق عليه مأجورٌ بإذن الله تعالى " .
2 ) أن هذه الوسيلة رغم حداثتها واسعة وسريعة الانتشار ، ويمكن من خلالها تبليغ الدعوة الصحيحة ، ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومبادئه السمحة إلى الملايين من الناس في كل مكانٍ على سطح الكرة الأرضية في زمنٍ قصيرٍ نسبياً ؛ لاسيما و أن هذه الشبكة جعلت من العالم قرية صغيرة يستطيع أن يتواصل من يعيش في أقصاها مع من يقطن في أدناها ؛ فكان لا بُد من الإفادة منها في مهمة الدعوة إلى الله تعالى ؛ وهو ما يُشير إليه أحد الباحثين بقوله :
" إن على الدعاة إلى الله عز وجل ألا يستهينوا بما جد من الوسائل والأساليب التي يستخدمها الناس في مجالات الحياة المختلفة ؛ بل إن عليهم أن يكونوا في طليعة المُنتفعين بها . وما دامت الدعوة فريضةً واجبةً فإن كل ما يُساعد على حُسن تبليغها يكون واجباً ،لأن ما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب "
3 ) أن الإنترنت وسيلةٌ دعويةٌ حرة ، يمكن للدعاة إلى الله تعالى من خلالها التواصل الدعوي المفتوح والمستمر مع أعدادٍ كبيرةٍ و أجناسٍ متنوعةٍ من البشر في شتى بقاع الأرض يبثون الخير في نفوسهم ، ويحثونهم على التمسك بالفضائل، ويهدونهم إلى طريق الله المستقيم دون الخضوع لأي سياساتٍ ، أو رغبات ، أو أنظمةٍ ، أو تعليمات ؛ وهو ما يُشير إليه أحد الباحثين بقوله :
" إن الإنترنت هي جهة الاتصال الوحيدة التي لا تتحكم فيها جهةٌ مُعينة تفرض عليها سياساتها وتُملي عليها رغباتها ، بل إن المُتحكم فيها هو من يستخدمها ؛ فله أن يبث من خلالها ما شاء ، ويستقبل ما يشاء دون رقيبٍ أو حسيب ، فكل مُشاركٍ في الإنترنت ناشرٌ ومُستقبل دون أن يكون تحت أي تأثيرٍ إلا ما يُملي عليه فكره واتجاهه " .
4 ) أن الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت غير مكلفة مادياً إذ إن " الإنترنت هو أرخص وسيلة للاتصال ، والإعلان ، والدعاية ، والنشر ؛ فلو قارنا بين إنشاء محطةٍ إذاعيةٍ أو تلفزيونية أو حتى إصدار جريدة أو مجلة للدعوة إلى الله فكم ستكون التكلفة ؟ "
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن في هذا مدعاةً لاغتنام هذه الوسيلة الحديثة ، وتكثيف الجهود الدعوية من خلالها قدر المُستطاع ، لاسيما وأن كثيراً من الخدمات الإنترنتية التي تقدمها بعض الشركات العالمية في هذا الشأن أصبحت مجانية .
5 ) أن في الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت تصحيحاً لكثيرٍ من المفاهيم الخاطئة والمعلومات غير الصحيحة التي تنتشر ( للأسف ) بين كثيرٍ من الناس الذين لا يعرفون من الإسلام إلا ما تتحدث به بعض الفرق الضالة والجماعات المُنحرفة إذ إن " هناك مواقع مشبوهة ومُنحرفة كثيرة تدعو إلى الإسلام مُنحرفةً بعيدةً كل البعد عن الدين الحق الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من عند الله ؛ فقد استطاعت طائفة الأحمدية مثلاً وهي طائفةٌ نشأت في الهند وباكستان وتتركز حالياً في بريطانيا استخدام واستغلال هذه التقنية وتلك الشبكات قبل أي دولةٍ إسلامية أُخرى ، ووضعت على الإنترنت صورةً للإسلام تُخالف تماماً ما ورد في الكتاب والسُنة ، وللأسف الشديد فقد اطلع العالم أجمع على الإسلام من خلال هذه المعلومات التي تُبث في شبكة الإنترنت " .
6 ) أن معظم مستخدمي شبكة الإنترنت ( في الغالب ) من الطبقة المثقفة والفئة المتعلمة الواعية كأساتذة الجامعات ، والطلاب ، وكبار المسئولين ، والمهنيين ، ورجال الأعمال ، وغيرهم من الفئات الذين يكون أفرادها ( في العادة ) أصحاب التأثير الفاعل في مجتمعاتهم ؛ فكان لا بد من استثمار هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله تعالى للوصول إليهم من خلالها ودعوتهم إلى دين الله الحق فلعل الله أن يهديهم إليه .
7 ) أن شبكة الإنترنت وسيلةٌ دعويةٌ مُتاحة للجميع في أي وقتٍ من الأوقات ؛ فهي غير مُحددةٍ بوقتٍ مُعينٍ أو زمنٍ مُحدد لأنها تعمل على مدى اليوم والليلة وطول أيام السنة ، ويُمكن للراغبين في الإفادة من الإنترنت الدخول إليه في أي ساعة من ليلٍ أو نهار .
8 ) إقبال الناس المتزايد على استخدام هذه الشبكة ، فقد أصبح الإنترنت اليوم مرجعًا لكل باحثٍ عن معلومةٍ معينة ، وملاذًا لكل طالب علمٍ ديني أو دنيوي . وإذا كان من الصعوبة في ما مضى الحصول على معلوماتٍ صحيحةٍ وشاملةٍ عن الإسلام في كثيرٍ من بلدان العالم ؛ فقد اختلف الوضع تمامًا في وقتنا الحاضر حيث أصبح دين الإسلام يصل بكل سهولةٍ ويُسرٍ إلى بيوت الناس ، وأماكن عملهم ، ومدارسهم ، ومعاهدهم ، وفي كل مكان يمكن أن يكونوا فيه .
9 ) سهولة استخدام هذه الوسيلة في الأغراض الدعوية ؛ حيث إن ممارسة مهمة الدعوة إلى الله تعالى وتعلم أساليبها عبر شبكة الإنترنت سهلةٌ جداً ، ولا تحتاج لكثير جهدٍ وطويل خبرة ، ويمكن لمن يرغب في ذلك تعلُم كيفية إنشاء الصفحات الخاصة بهذا الشأن ، أو الدخول في حواراتٍ دعويةٍ مع الآخرين وهو أمرٌ يمكن أن يتم في فترةٍ وجيزةٍ جداً .
لذلك كله؛ فإن استخدام هذه الشبكة في الدعوة إلى الله تعالى بات ضرورةً لازمةً للإفادة منها ومما تتميز به من خصائص وانتشار في تبليغ دين الله إلى الآخرين في كل مكان .
—————————————–
لا شك أن من أهم وأبرز وأولويات التعامل مع شبكة الإنترنت في الدعوة إلى الله تعالى التأكيد على حُسن توظيفها في هذا الشأن العظيم ، ومواكبة تطوراتها المُتسارعة ، والعمل الجاد على استثمارها الإيجابي والفاعل في هذا الشأن تبليغاً لهذا الدين ، وإيصالاً لرسالته الخالدة إلى الآخرين في كل مكان ، لاسيما وأن شبكة الإنترنت تُعد كما يقال :
( سلاحاً ذا حدين ، ووسيلًة ذات وجهين متعارضين )
ولعل ذلك راجعٌ إلى أن فيها عوامل الهدم وعوامل البناء ، وأسباب الهداية ودواعي الإغواء؛ فكان لابُد من توافر بعض الضوابط التي لا بد من مراعاتها عند القيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت ، إذ إن هناك بعض المفاهيم والآليات والمحددات والضوابط التي لا يمكن أن تنجح عملية تقديم هذه الدعوة إلى الله تعالى بدونها . ومنها ما يلي :
( 1 ) إخلاص النية أثناء القيام بعملية الدعوة إلى الله تعالى ، والحرص على أن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى ، بعيداً عن الأغراض الشخصية والخلافات المذهبية والعقائدية ، وخالياً من أي أهدافٍ أو غاياتٍ أُخرى تُفسده أو تؤثر على جديته واستمراريته تحقيقاً لما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنَّما الأعمالُ بالنّيَّات ، وإنما لكلِ امرئ ما نوى " .
( 2 ) الحرص أثناء القيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى على نفع الناس ، وحُب الخير لهم ، ودلالتهم على سبيل النجاة ؛ لما في ذلك من عظيم الأجر وجزيل الثواب فقد رُوي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من دعا إلى هدًى ، كان له من الأجر مثل أُجور من تبعه ، لا يُنقِصُ ذلك من أُجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالةٍ ، كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه ، لا يُنقِصُ ذلك من آثامهم شيئاً " .
( 3 ) الانطلاق في مهمة الدعوة إلى الله تعالى من منطلق أن دين الإسلام دينٌ مُسالم وشاملٌ ومُنفتحٌ على الآخرين ، فهو غير رافضٍ للحضارة ، أو المدنية ، أو التطور فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحقُ بها ، ولكنه يشترط في الحضارة أن تكون نافعةً للناس ، ومُنضبطةً بضوابط الدين الإسلامي الحنيف الذي يُعد" المنهج أو المذهب أو النظام الوحيد في العالم الذي مصدره كلمات الله وحدها ، غير مُحرفةٍ أو مُبدلةٍ ، ولا مخلوطةٍ بأوهام البشر ، وأغلاط البشر ، وانحرافات البشر " .
( 4 ) التأكيد على توافر المعلومات الصحيحة والكافية عن دين الإسلام على هذه الشبكة ؛ شريطة أن تكون صادرةً عن دعاةٍ موثوقين ، أو مؤسساتٍ دعويةٍ موثوقة ، إذ إن الحاجة ماسةٌ لأن تكون المعلومات عن الدين الإسلامي مُتيسرةً لكل من يطلبها أو يسأل عنها .
( 5 ) الاهتمام بحُسن اختيار الدعاة إلى الله تعالى من المؤهلين علمياً ومعرفياً ، وهو ما لا يُمكن أن يتحقق إلا بحُسن إعدادهم وتأهيلهم وتدريبهم لهذا الشأن ؛ فالدعوة في هذا العصر في حاجةٍ ماسةٍ إلى الداعية المُخلص والمؤهل علمياً وتقنياً ، بمعنى أن يكون مُلماً بالعلم الشرعي الصحيح ، وأن يكون في الوقت نفسه قادراً على استخدام مختلف الوسائل الحديثة ، والتعامل معها ، وتوظيفها لخدمة الدعوة ، وبذلك يمكن تبليغ الدعوة إلى الله تعالى وإيصالها إلى الآخرين في كل مكان بوسائل جذابة ، وأساليب مُقنعة ، وطرائق مختلفة .
( 6 ) أن يكون الخطاب الدعوي للآخرين ( ولاسيما عبر شبكة الإنترنت ) مناسباً لهم ، ومتوافقاً مع حاجاتهم ، ومراعياً لظروفهم ؛ فليس صحيحاً أن يُخاطب الناس كلهم بطريقةٍ واحدةٍ وأُسلوبٍ واحد ؛ إذ إن من المشكلات القائمة أن كثيراً من المواقع الدعوية الإسلامية التي في الساحة الآن " تُقدم الخطاب الإسلامي المعهود الذي كان مُستخدماً في الكُتب أو الصحف أو في المُحاضرات والدروس والخُطب ؛ ولم يتم توفير خطابٍ خاصٍ بالوسيلة الجديدة ( الإنترنت ) يُراعي خصوصيتها ، ويستفيد من إمكاناتها ، فلا يصح أن يُكتفى بوضع نسخةٍ كاملةٍ من كتاب تفسيرٍ أو حديثٍ أو ما شابه على الموقع ؛ لأن المطلوب هو توصيل الفكرة أو المعلومة باستخدام إمكانات الإنترنت الكبيرة والمتنوعة "
—————————————–
5- كيفية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت وأبرز وسائلها
هناك العديد من الكيفيات التي يمكن من خلالها الإفادة من هذه الشبكة العالمية ذات الآفاق الواسعة في الدعوة إلى الله تعالى ؛ إذ إن كل يومٍ تطلع شمسه كفيلٌ بتقديم الجديد والمُفيد في هذا المجال . وعلى الرغم من صعوبة تحديد كيفيةٍ مُحددةٍ لذلك؛ إلا أن هناك بعض المُحددات التي يمكن من خلالها وضع بعض التصورات العامة في هذا الشأن ، ومنها ما يلي :
( 1 ) أن تكون الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت مُلتزمةً بمنهج الإسلام الذي يحث دائماً على إتباع أُسلوب الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، تحقيقاً لقول الحق جل في عُلاه : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (125) سورة النحل.
( 2 ) أن تكون الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت مُراعيةً لآداب الدين الإسلامي الحنيف التي جاءت داعيةً ومؤكدةً على أن تكون الدعوة باللطف ، واللين ، وعدم الشدة مع المدعوين ؛ تحقيقاً لقوله تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران.
( 3 ) أن تكون الدعوة إلى الله تعالى مُسايرةً للعصر في خطابها الدعوي الذي يجب أن يكون خطاباً خاصاً بهذه الوسيلة الدعوية الحديثة ، وأن يكون مُراعياً لخصوصيتها ، ومُفيداً من إمكاناتها المختلفة في هذا المجال عن طريق تجديد الوسائل والأدوات المُستخدمة لهذا الشأن . وقد أشار إلى ذلك أحد الكُتّاب بقوله :
" إن الدعوة إلى الإسلام في هذا العصر – الذي نشطت فيه الدعوات إلى كل أنواع الضلال وبكافة الوسائل التي لم تُعرف من قبل – تحتاج إلى أن تُراجع وسائلها ، وتُجدد أدواتها لتكون في مستوى المنافسة في عرض رسالة الإسلام " .
والمعنى أن الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت لا تعني الاقتصار على عرض مئات الكُتب الشرعية ، والمراجع التراثية ، والفتاوى الفقهية ونحوها عبر شبكة الإنترنت؛ وإنما لا بُد من التفكير العميق في كيفية تطويعها إعلامياً وتقنياً حتى يمكن للمدعوين في أي زمانٍ ومكان الإفادة منها بشكلٍ إيجابيٍ فاعل ، وحتى يكون العرض في صورةٍ جميلةٍ وجذّابة .
( 4 ) أن تكون الجهود المبذولة في الدعوة إلى الله تعالى بعيدةً عن كل ما من شأنه حصول الفرقة والاختلاف بين المسلمين . وأن يحرص القائمون بهذه المهمة الجليلة على البعد عن النزاعات والخلافات المذهبية والعقائدية التي لا ينتج عنها إلا النتائج السيئة .
أما أبرز وسائل الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت فهي مُتعددة ومُتنوعة ؛ إلا أن هناك بعض الوسائل المُتميزة التي يمكن استثمارها في هذا الشأن ، ومنها :
1- إنشاء المواقع الدعوية الإسلامية ( Site ) .
2- استخدام البريد الإلكتروني ( E-mail ) .
3- المُشاركة الفاعلة والإيجابية في ساحات ومُنتديات الحوار ( Forums ) .
4- الحوار عبر غرف الدردشة ( Chat ) .
وفيما يلي مُحاولةٌ لتسليط الضوء على هذه الوسائل وكيفية استخدامها في الدعوة إلى الله تعالى :
( 1 ) إنشاء المواقع الدعوية الإسلامية ( Site ) :
وتُعد هذه المواقع من أبرز وأهم الوسائل التي يمكن من خلالها الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت ، وتكمن أهمية هذه المواقع الدعوية في كون " الموقع الإسلامي عبارة عن مكتبةٍ كبيرةٍ وغنيةٍ جداً بالمعلومات عن الإسلام معروضةٍ بالمجان للملايين من البشر وبلُغاتٍ مختلفةٍ يطلع عليها الناس في أي زمانٍ أو مكان " .
وتكمن أهمية هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله تعالى انطلاقاً من كون هذه المواقع الإسلامية تتضمن في محتواها مجموعةً هائلةً من المعلومات الصحيحة والموثقة عن الدين الإسلامي الحنيف ؛ فهناك في العادة ترجمات لمعاني آيات القرآن الكريم إلى كثيرٍ من اللغات العالمية ، وهناك الأحاديث النبوية الشريفة ، وهناك الكثير من الكُتب الدعوية والفقهية والشرعية ، كما أن هناك الفتاوى الشرعية المُتنوعة لعددٍ من كبار العلماء المسلمين ، إضافةً إلى الموضوعات الدعوية المُسجلة على الأشرطة الإسلامية بالصوت والصورة وبمختلف اللغات ، والحوارات الدعوية لكثير من العلماء و الدعاة في شتى الموضوعات والمجالات .
وهنا يجب مراعاة أنه عندما يتم إنشاء موقع دعوي إسلامي جديد فمن الأهمية بمكان عدم تكرار الموجود في المواقع الأُخرى ، والنظر في الجوانب المفتقدة للدعوة إلى الله تعالى على الإنترنت أو التي فيها بعض القصور ثم الحرص على استكمالها وبيانها في هذا الموقع طمعاً في تحقيق التكامل المطلوب . كما أن من الضرورة بمكان أن يعمل على الربط بالموجود في المواقع الأخرى دون أي تكرارٍ أو إعادةٍ أو اختلاف .
وقد أورد أحد المهتمين بالدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت بعضاً من المواصفات والشروط اللازمة للموقع الدعوي الناجح ذكر منها ما يلي :
" أن يكون اختيار اسم الموقع مناسباً وجذاباً ومُسجلاً رسمياً ، وأن يكون الموقع عملياً وذلك بعدم الإكثار من الصور والمقاطع الصوتية والمصورة والعمل على تسهيل عملية التنقل للزائر في الموقع ، وإنشاء سجل للزوار لغرض الإفادة من ملاحظاتهم وانتقاداتهم ، والبعد عن التقليد في تصميم الموقع ، والحرص على عمل دعاية مناسبة للموقع في الجهات المعنية ، والبعد عن المنكرات بجميع أنواعها ، والابتعاد في الموقع عن إثارة الخلافات والنزاعات الفرعية أو المذهبية ، والحرص على تطوير الخطاب الدعوي في الموقع بما يتلاءم مع أهمية الدعوة وكيفيتها " .
( 2 ) استخدام البريد الإلكتروني ( E-mail ) :
وتُعد هذه الوسيلة باباً واسعاً للدعوة إلى الله تعالى ؛ فهي من أكثر الخدمات التي تُقدمها شبكة ( الإنترنت ) شهرةً واستخداماً وفائدة ، لاسيما وأنه " يمكن بواسطته إرسال واستقبال رسائل كتابية أو مسموعة أو مُشاهد مرئية ، أو مزيج من أمور مقروءة ومسموعة ومرئية " .
والبريد الإلكتروني خدمةٌ عظيمة النفع متى تم استخدامها بحكمةٍ ودراية لاسيما وأنها سهلة الاستعمال وقليلة التكلفة وتوفر الكثير من الوقت والجهد ، وهي واسعة الانتشار بشكلٍ مُذهلٍ جداً فقد أشارت بعض المصادر إلى أن " متوسط الرسائل اليومية عبر الإنترنت في مُختلف المجالات نحو ( 8 ) مليارات رسالة ، وهو رقمٌ مُرشح للنمو باضطراد خلال الأعوام الثلاثة المُقبلة " .
وليس هذا فحسب ؛ فالبريد الإلكتروني " يتميز بالسرعة الفائقة ، فالرسائل تصل إلى المرسل إليهم في ثوانٍ معدودات فتوفر الجهد والوقت الذي تتطلبه الرسائل البريدية العادية " .
وإذا كان البريد الإلكتروني يُقدم هذه الخدمة العظيمة فإن الحاجة ماسةٌ جداً لاستخدامه في إرسال الرسائل الدعوية المختلفة إلى المدعوين على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم وجنسياتهم ؛ ومن ثم فتح باب التواصل معهم ، ومراسلتهم ، ومحاولة الرد على أسئلتهم واستفساراتهم عن أمور الدين والدنيا .
كما أنه يمكن الإفادة من هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله تعالى عن طريق مراسلة المشتركين في قوائم البريد الإلكتروني ( mailing lists ) الموجودة في المواقع المختلفة ؛ إذ إن هناك بعض الشركات التي لها قوائم بريدية تتجاوز أحيانًا الخمسين مليون عنواناً بريدياً ويتم الاتفاق مع هذه الشركات مقابل مبلغ معين لتوصيل رسائل دعوية متنوعة لهؤلاء المشتركين عن طريق الإنترنت ، وهذه وسيلةٌ جيدةٌ جداً متى أُحسن استخدامها والإفادة منها في هذا الشأن .
وقد أشار أحد الباحثين إلى إمكانية استخدام هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله تعالى بقوله : " لقد قام بعض المخلصين باستخدام هذه الوسيلة ( E-mail ) وأطلقوا عليها ( دليل المهتدين ) وهي تجربةٌ دعويةٌ ناجحة من حيث المبدأ ، خصوصاً إذا ما توافرت فيها العناصر الكافية . وهي فكرةٌ تقوم على الدعوة إلى الله عن طريق البريد الإلكتروني ؛ حيث يقوم بإرسال رسائل مُنتظمة إلى المشتركين في القائمة البريدية "
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا بُد من مراعاة بعض الأمور التي يمكن من خلالها ضمان نجاح الدعوة إلى الله تعالى من خلال البريد الإلكتروني ، ومنها ما يلي :
* أن تكون الرسائل الدعوية متنوعةً في موضوعاتها وطرحها حتى لا تكون مُملةً ومكررة .
* أن يكون إرسال الرسائل الدعوية باعتدال ، وفي فتراتٍ معقولة ، وبطريقةٍ غير مُزعجة أو مُكثفة .
* أن تكون الرسائل الدعوية مُختصرةً وغير مطولة في محتواها حتى لا تُمل أو تُهمل .
* أن تكون موضوعات الرسائل الدعوية مختارةً بعنايةٍ واهتمام ، وأن تكون ذات معلوماتٍ موثقةٍ وواضحة .
* أن تكون الرسائل الدعوية مناسبةً في موضوعاتها للظروف والمناسبات الزمانية والمكانية المُختلفة قدر الإمكان حتى يوافق المقال المقام .
* أن تكون الشركة التي يتم الاتفاق معها لتقوم بمهمة الإرسال عبر شبكة الإنترنت من الشركات الموثوقة في هذا المجال من حيث صحة العناوين التي ترسل إليها الرسائل ، ومدى التزامها بتنفيذ المهمة ، ونحو ذلك .
( 3 ) المُشاركة الفاعلة والإيجابية في ساحـات و مُنتديـات الـحوار( Forums ) :
وهذه الساحات أو المنتديات عبارة عن منابر ومنتديات خاصة بالحوارات والنقاشات المفتوحة بين المُشاركين من كل مكان ، والتي يمكن من خلالها المشاركة في أي ساحة موجودة على المواقع المختلفة ببعض المُشاركات الدعوية المتنوعة ، سواءً كانت المُشاركة بإنشاء قضايا جديدة ،أو المشاركة في قضايا موجودة من قبل .
وهناك العديد من البرامج الحاسوبية المعروفة التي يمكن من خلالها المخاطبة المباشرة لمجموعة من الناس في وقتٍ واحد ، كما أن هناك برامج يمكن أن يكون الحوار من خلالها بشكل إنفرادي . و يمكن من خلال هذه الوسيلة العمل على تعليم الناس أمور دينهم ، أو الدعوة للدخول إلى الإسلام .
* ساحات الحوار : وهي ساحاتٌ حواريةٌ على شبكة الإنترنت ، تُسمى بالإنجليزية ( Forums ) ، وتوجد في غالب شركات البحث الكبرى التي يمكن من خلالها التحاور مع الملايين من البشر عن كل ما قد يدور في الذهن من أمور دينيةٍ أ و دنيوية . وهي وسيلةٌ دعويةٌ يمكن من خلالها الوصول إلى الناس في أي مكان لتعليمهم أمور دينهم ، أو دعوتهم إلى الله تعالى .
* مجموعات الأخبار أو مجموعات النقاش ( News Groups ) : التي تُعرَّف بأنها " أداة اتصالٍ مُهمةٍ على الشبكة ، وهي مُشابهةٌ لقوائم مناقشة البريد الإلكتروني ، فهي مُنتدىً عام للمُناقشة لمن يشتركون في نفس الاهتمامات " .
من هنا فإنه يمكن من خلال هذه المجموعاتٌ إجراء الحوارات والنقاشات ، و تبادل الخبرات في مواضيع لا حصر لها ، ومنها- بلا شك – الجوانب الدينية والدعوية لكافة الديانات والمعتقدات والمذاهب . .وعادةً ما يكون في هذه الساحات الكثير من الحيارى والضائعين الذين يبحثون عن نور الهداية . كما أن فيها أيضًا من يتعرض لدين الله تعالى ( الإسلام ) بالكيد و الطعن من الكفار والمنافقين والمُشككين وأصحاب الأهواء والبدع وغيرهم ؛ فكان لا بُد من التصدي لهم والرد عليهم ، وبيان حقيقتهم وكشف نواياهم .
وهنا لابُد من مراعاة بعض الضوابط التي تكفل تحقيق المطلوب من هذه الوسيلة في خدمة الدعوة إلى الله تعالى ، ومنها :
* ضرورة التحلي بالحكمة والأناة والذكاء وعدم الاندفاع أو الحماس الزائد عند المشاركة في هذه الحوارات والنقاشات المفتوحة .
* أن تكون المشاركات مختصرةً ومركزةً في أنٍ واحد ، وبعيدةً عن الإطالة المملة التي ربما تجعل الكثيرون يعزفون عنها .
* أن يكون في المشاركة مجالٌ للنقاش والحوار الهادئ ، وسماع الرأي الآخر واحترامه .
* أن تكون المشاركات ، والطروحات ، والردود مُتسمةً بالعلمية القائمة على الإقناع بالدليل والبرهان . وأن تكون مناسبةً لمستوى المدعوين الذين قد يحتاجون إلى مخاطبة المنطق وإزالة الشكوك والأوهام ونحو ذلك .
( 4 ) الحوار عبر غرف الدردشة ( Chat ) :
وهو بابٌ واسعٌ للخير والدعوة إلى الله تعالى ، ولكنه في الوقت نفسه كثير الأخطار والمحاذير إذا لم يُحسن استخدامه وتوظيفه ؛ لاسيما وأن له أنواعاً مختلفة فهناك ( الحوار الصوتي ، والحوار المرئي ، والحوار الصوتي المرئي ) . و يمكن الإفادة من هذه الغرف الخاصة بالدردشة الإلكترونية عن طريق كتابة النصائح المختصرة والمواعظ المناسبة وعرضها للمدعوين . كما يمكن الإفادة منها في الحديث الخاص مع بعض الراغبين في النصح والتوجيه والإرشاد والمساعدة وغير ذلك .
وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة مراعاة أن تكون النصائح في غرف الدردشة مُختصرةً وغير طويلة ؛ كأن تكون عبارة عن بعض الآيات القرآنية المختارة ،أو الأحاديث النبوية المُنتقاة في موضوع معين مع إلحاقها بما يُناسب الحال من الوعظ الصادق ، والنصح اللين ، والإرشاد الجميل إلى فعل الخير والإقبال على الله تعالى . كما أنه يُنصح باستخدام أُسلوب اللين والرفق مع المدعوين ، والصبر على ما قد يحصل من عدم تجاوب بعضهم ، وعدم استعجال النتائج فالكلمة الطيبة تؤتي ثمارها ونتائجها ولو بعد حين .
—————————————–
6- أهم وأبرز المُشكلات التي تعترض عملية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت
نظراً لأن مهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت تعتمد اعتماداً كبيراً على المواقع الدعوية الإسلامية ( في الغالب )؛ فسوف يتركز الحديث عنها في هذه العُجالة ،حيث تُشير بعض المراجع المتخصصة إلى أن بداية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت لم تبدأ إلا منذ زمنٍ قصيرٍ نسبياً فقد" أوردت مجلة سعودي شوبر تقريراً فيه تاريخ الدعوة الإسلامية على الإنترنت حيث بيَّن أنها بدأت في مطلع التسعينيات عن طريق جمعيات الطلبة المسلمين في الولايات المُتحدة الأمريكية ، ومن ثم ظهرت المواقع الخاصة بالهيئات الإسلامية بغرض الإطلاع على الشُبهات الموجهة والرد عليها . ومن تلك الهيئات : اتحاد المسلمين في أمريكا الشمالية وجمعياتهم الرئيسية ، والمؤسسة الإسلامية ببريطانيا ، وكانت الأدوار تهتم بالنقل من الكُتب الإسلامية ، والتواصل بين المسلمين ، وفتح أبواب الحوار " .
وعلى الرغم من حداثة التجربة الدعوية في هذا الشأن ؛
إلا أن هناك العديد من المُشكلات والمعوقات التي تعترض سير عملية الدعوة إلى الله تعالى من خلال المواقع الدعوية على شبكة الإنترنت ،.ومن هذه المشكلات والمعوقات ما يلي :
( 1 ) محدودية اللُغات المستخدمة في الدعوة إلى الله تعالى من خلال المواقع الدعوية الحالية على شبكة الإنترنت ؛ حيث إن هذه اللُغات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في العادة ، وهو ما أشار إليه أحد الباحثين بقوله :
" فلا يكفي الاقتصار على اللغات المستخدمة عند المسلمين كالعربية والفارسية والأُردية ، بل يجب أن يُضاف إليها اللغات العالمية الكبرى ولاسيما اللغة الإنجليزية التي هي أكبر اللغات استخداماً في شبكة الإنترنت وفي العالم " .
وهذا يعني أن واقع الدعوة إلى الله تعالى يقتضي زيادة عدد اللُغات المستخدمة في هذا الشأن ، والعمل على تحري الدقة والموضوعية في نقل المعاني والأحكام والتشريعات والفتاوى وغيرها كاملةً وواضحةً ، فلعل الله أن ينفع بها الكثير من الحيارى والتائهين .
( 2 ) إن بعض المواقع التي يُطلق عليه ( إسلامية ) تُعتبر مواقع مشبوهة ومعادية للدين الإسلامي الحنيف ؛ لأنها تخضع لإشراف بعض أصحاب المذاهب الضالة ، أو العقائد المُنحرفة والباطلة ، فتستغل هذه الوسيلة لتشويه صورة الإسلام ، والتشكيك في بعض ثوابته ، والطعن فيه بوسائل مُختلفة وطرائق مُتنوعة . كما أن " هناك مواقع أنشأتها جهات غير مسلمة لمحاربة الإسلام ، ولإثارة الشبهات حوله وتشويهه وفتنة أهله ، وبعضها تُديرها مجموعاتٍ تبشيريةٍ نصرانية ، وأُخرى تقفُ خلفها منظماتٍ يهوديةٍ أو مُلحدة ، وهذه في مُعظمها تملك إمكاناتٍ كبيرةٍ ، وتُجيد استخدام الإنترنت لخدمة أغراضها ".
من هنا فإن من الضرورة بمكان أن يتم تدارك الوضع القائم ، والعمل الجاد على التصدي لتلك المواقع ، والحرص على تصحيح أخطاءها وانحرافاتها التي تضر كثيراً بهذا الجانب الدعوي .
( 3 ) إن كثيراً من المواقع الدعوية الإسلامية الحالية تفتقر إلى توافر الإدارة العلمية الشرعية المُتمكنة ، كما أنها قد تفتقر إلى الإشراف الفني المُتخصص ؛ حيث جرت العادة أن يقوم بذلك أفرادٌ متطوعون ، أو متعاونون محتسبون ، وذلك مما يؤخذ على هذه المواقع ، ويُضعف من قوتها، وقد يحول دون نجاحها واستمراريتها في أداء رسالتها لأنها بلا شك في حاجةٍ ماسةٍ إلى توافر كُلِّ من : العلم الشرعي والمهارة التقنية اللازمة ، وهو ما أشار إليه أحد الباحثين بقوله :
" إن عرض الإسلام على الناس كافةً أمرٌ ليس بالهين ؛ بل يتطلب قوة الطرح في المادة العلمية ، فكل مادةٍ تُعرض من خلال هذه الشبكة يعتورها الضعف يكون ضررها أكبر من نفعها .. كما يجب أن تُعرض في شكلٍ مُناسبٍ يكون جذاباً ومُغرياً للمستخدمين ، ولا شك أن كل هذا يتطلب استقطاب باحثين مُتميزين ، وفنيين مهرة حتى تكون الصفحة مُلائمةً لنصاعة الحق الذي تنشره وصفائه " .
وهذا يفرض على المهتمين بالدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت أن يجتهدوا في هذا الجانب الذي له الكثير من الإيجابيات في هذا المجال الدعوي الهام .
—————————————–
7- مُقترحات لتفعيل مهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت
بعد هذه الجولة السريعة في موضوع الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت ؛ فإن واقع الحال يقتضي طرح بعض المقترحات التي يمكن من خلالها تفعيل مهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت ،
ويمكن إجمال هذه المقترحات فيما يلي :
1- العمل الجاد على الإفادة من الخبرات والطاقات البشرية الإسلامية في هذا الميدان الدعوي ، والحرص على دعوة العُلماء والدعاة والمُفكرين والمختصين في هذا المجال للمشاركة الفاعلة والإيجابية في هذا الشأن إشرافاً ، وطرحاً ، وحواراً ، ونقاشاً ، ودعوةً ، ورداً على الاستفسارات والشبهات ونحو ذلك .
2- مراعاة أن المُستهدفين من الدعوة إلى الله تعالى يختلفون في مدى تقبلهم لها باختلاف العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية والتعليمية والعُمرية ؛ الأمر الذي يوجب على المُشتغلين بالدعوة إلى الله تعالى تفهم وإدراك تلك الفروق ، والعمل قدر المستطاع على مراعاتها عند ممارسة الدعوة معهم بأي وسيلةٍ من الوسائل السابق ذكرها فلكل حادثٍ حديث ، ولكل مقامٍ مقال .
3- الحرص على أن تتولى بعض الجهات الرسمية المختصة تزويد الشبكة الإنترنتية بتغطيةٍ إخباريةٍ حيةٍ ومُستمرة لمختلف الأحداث والمناسبات والفعاليات المختلفة في العالم الإسلامي على مدار الساعة مثل : ( نقل صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك ، وصلاة العيدين ، ونقل شعائر الحج من المشاعر المقدسة ، وغيرها من المناسبات الأُخرى ، إضافةً إلى تغطية أخبار المؤتمرات ، والندوات ، واللقاءات الإسلامية المختلفة ، ونشر بعض الأخبار والتقارير الصحفية المُعدة بعناية في القضايا الإسلامية المختلفة .
4- العمل على أن تكون الدعوة إلى الله تعالى بلغاتٍ مُختلفةٍ ولهجاتٍ متنوعة لضمان الوصول بهذه الرسالة العظيمة إلى أكبر عددٍ ممكن من مُستخدمي الإنترنت في كل مكان ، مع التأكيد على اللغات الحية الواسعة الانتشار في العالم ، والتي يستخدمها أعدادٌ كبيرةٌ من الناس . والحرص في الوقت نفسه على أن تكون اللغة العربية لُغةً مُعتمدةً و مُتداولةً في شبكة الإنترنت لما في ذلك من خدمةٍ لعملية الدعوة إلى الله تعالى .
5- ضرورة العمل على تأهيل وتدريب الدعاة إلى الله تعالى على استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة ولاسيما الإنترنت ووسائله المختلفة ، وتدريبهم على اختيار الوسيلة المناسبة لمختلف الظروف والأحوال الزمانية والمكانية .
6- ضرورة مُشاركة الدول والحكومات الإسلامية ، والمؤسسات الرسمية المؤهلة في العالمين العربي والإسلامي لخدمة مهمة الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت ، وتقديمها من خلال هذه الشبكة بصورةٍ علميةٍ ومدروسة ، حتى تكون هذه المشاركات قويةً و فاعلةً ومُحققةً للأهداف المرسومة والغايات المنشودة .
7- الحرص على تبادل مختلف الأفكار والتجارب والطرائق الدعوية عبر شبكة الإنترنت بين المهتمين في هذا الشأن ، لما يترتب على ذلك من إمكانية التطوير ، وزيادة الفعالية ، وتفادي الأخطاء ، ومعالجة نقاط الضعف .
8- التأكيد على تعدد اللُغات المستخدمة لتبليغ الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت ؛ إذ إن الساحة الدعوية في حاجةٍ ماسةٍ وضروريةٍ لمخاطبة الناس بلُغاتهم ولهجاتهم التي يفهمونها ليكون ذلك داعياً لضمان وصول الرسالة الدعوية إليهم وتبليغها على الوجه الأكمل بإذن الله تعالى .
—————————————–
8- الخاتمة
مع نهاية الموضوع يا كرام اعطيكم بعض الروابط الإضافية ففيها زيادة خير :
1- صفحة فيها كل ما تريد من الأفكار والمقالات والمقترحات للدعوة بالإنترنت
تفضل بزيارتها على الرابط التالي :
https://saaid.net/afkar/Internet.htm
2- حلقة بعنوان (الإنترنت والدعوة إلى الله) من برنامج ضع بصمتك للشيخ محمد العريفي حفظه الله , الحلقة رائعه جدا وستجدها تعطيك دفعة للإمام بإذن الله للدعوة إلى الله
تفضل بالإستماع أو المشاهدة أو التحميل للحلقة من الرابط التالي:
https://www.islamway.com/?iw_s=Lesson…esson_id=89412
3- مقطع صوتي قصير بعنوان (عالم الإنترنت) للشيخ سلطان العمري
مدة المقطع 6 دقائق وحجمه تقريبا 1.5 ميجا , مقطع مفيد وفيه خير كثير
تفضل بتحميل المقطع من الرابط التالي :
https://www.rofof.com/4zotyi25/Aalm_Al-‘antrnt.html
نحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ونسأل الله أن لا يحرم كل من له بصمة في هذا الموضوع عظيم الأجر سواء من كتب المقال أو من قرأ الموضوع أو من نشره ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم
ارجو من المشرفين الأفاضل تثبيت الموضوع
والصلاة والسلام على محمد وعلى آله ما تعاقب الليل والنهار