يقول الإمام : ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه "مفتاح دار السعادة " وهو يذكر في منافع (النخلة والعنب ) وأيهما أفضل ؟ ج – 1 / ص – 239 – 240 .
(( وحضرت مرة في مجلس بمكة فيه من أكابر البلد فجَرَت هذه المسألة وأخذ بعض الجماعة الحاضرين يُطنِب في تفضيل النخل وفوائده ، وقال في أثناء كلامه : ويكفي في تفضيله أنّا نشتري بنواه العنب فكيف يفضل عليه ثمر يكون نواه ثمناً له .
وقال آخر من الجماعة : قد فصل النبي – صلى الله عليه و سلم – النزاع في هذه المسألة وشفى فيها بنهيه عن تسمية شجر العنب كرماً ، وقال : "الكرم قلب المؤمن" ، فايّ دليل أبين من هذا ؟
وأخذوا يبالغون في تقرير ذلك . فقلت للأول ما ذكرته من كون نوى التمر ثمناً للعنب فليس بدليل فإن هذا له أسباب .
أحدها حاجتكم إلى النوى للعلف فيرغب صاحب العنب فيه لعلف ناضحه وحمولته .
الثاني أن نوى العنب لا فائدة فيه ولا يجتمع .
الثالث أن الأعناب عندكم قليلة جداً والتمر أكثر شيء عندكم فيكثر نواه فيشترى به الشيء اليسير من العنب .
وأما في بلاد فيها سلطان العنب فلا يُشتَرى بالنوى منه شيء ولا قيمة لنوى التمر فيها .
وقلت لـمَن احتجّ بالحديث : هذا الحديث من حجج فضل العنب لأنهم كانوا يسمّونه شجرة الكرم لكثرة منافعه وخيره فإنه يؤكل رطباً ويابساً وحلواً وحامضاً وتُجنَى منه أنواع الأشربة والحلوى والدّبس وغير ذلك فسمّوه كرماً لكثرة خيره فأخبرهم النبي – صلى الله عليه و سلم – "أن قلب المؤمن أحقّ منه بهذه التسمية لكثرة ما أودع الله فيه من الخير والبركة والرحمة واللين والعدل والإحسان والنصح وسائر أنواع البرّ والخير التي وضعها الله في قلب المؤمن فهو أحقّ بأن يسمّى كرماً من شجر العنب" ولم يرد النبي – صلى الله عليه و سلم – إبطال ما في شجر العنب من المنافع والفوائد وأن تسميته كرماً كذب وإنها لفظة لا معنًى تحتها كتسمية الجاهل عالماً والفاجر برّاً والبخيل سخيّاً ألا ترى أنه لم يَنْفِ فوائد شجر العنب وإنما أخبر عنه أن قلب المؤمن أغزر فوائد وأعظم منافع منها .
هذا الكلام أو قريب منه جرى في ذلك المجلس )) اهـ
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة واجعل خير اعمالنا
خواتيمها واجعل خير ايامنا يوم نلقاك يارب ياا رحم الراحمين
اللهم اجعل ماكتبناه خالصاً لوجهك الكريم..
نرجوا منه مغفرتاً ورحمتاً منك ياكريم يارحيم..
اللهم اغفر لي وارحمني ولوالداي والمسلمين والمسلمات
الأحياء منهم والأموات..اللهم تب على التائبين واقض دين المدينين
وأعز الإسلام والمسلمين..وأذل الشرك والمشركين..
وانصر المجاهدين في كل مكان..واستر عورات المسلمين..
وصلى اللهم وسلم على أشرف الأنبياء سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين
اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
عثمــــان سليم