فى مدح الرسول
لابن جابر الأندلسى
الشاعر أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن علي
الهواري المالكي الأندلسي النحوي المعروف بابن جابر
الأندلسي ، ومعروف أيضا بابن جابر الأعمى ولد سنة 698هـ
كتب قصيدة فى مدح الرسول واستخدم فيها أسماء سور
القرآن الكريم بترتيب المصحف ، و قد كانت من أجمل ما كتب
على الإطلاق في مدح رسول الله صلى الله عليه و سلم،
قال فى قصيدته :
في كلّ فاتحة للقول معتبرة / حق الثناء على المبعوث بالبقرَه
في آل عمران قِدماً شاع مبعثه / رجالهم والنساء استوضحوا خبَرَه
قد مدّ للناس من نعماه مائدة / عمّت فليست على الأنعام مقتصرَه
أعراف نعماه ما حل الرجاء بها / إلا وأنفال ذاك الجود مبتدرَه
به توسل إذ نادى بتوبته / في البحر يونس والظلماء معتكرَه
هود ويوسف كم خوفٍ به أمِنا / ولن يروّع صوت الرعد من ذكَرَه
مضمون دعوة إبراهيم كان وفي / بيت الإله وفي الحجر التمس أثرَهْ
ذو أمّة كدَوِيّ النحل ذكرهم / في كل قطر فسبحان الذي فطرَهْ
بكهف رحماه قد لاذا الورى وبه / بشرى بن مريم في الإنجيل مشتهِرَهْ
سمّاه طه وحضّ الأنبياء على / حجّ المكان الذي من أجله عمرَهْ
قد أفلح الناس بالنور الذي شهدوا / من نور فرقانه لمّا جلا غرَرَهْ
أكابر الشعراء اللّسْنِ قد عجزوا / كالنمل إذ سمعت آذانهم سورَهْ
وحسبه قصص للعنكبوت أتى / إذ حاك نسْجا بباب الغار قد سترَهْ
في الروم قد شاع قدما أمره وبه / لقمان وفى للدرّ الذي نثرَهْ
كم سجدةً في طُلى الأحزاب قد سجدت / سيوفه فأراهم ربّه عِبرَهْ
سباهم فاطر الشبع العلا كرما / لمّا بياسين بين الرسل قد شهرَهْ
في الحرب قد صفت الأملاك تنصره / فصاد جمع الأعادي هازما زُمَرََهْ
لغافر الذنب في تفصيله سور / قد فصّلت لمعان غير منحصرَهْ
شوراهُ أن تهجر الدنيا فزُخرفُها / مثل الدخان فيُغشي عين من نظرَهْ
عزّت شريعته البيضاء حين أتى / أحقافَ بدرٍ وجند الله قد حضرَهْ
محمد جاءنا بالفتحُ متّصِلا / وأصبحت حُجرات الدين منتصرهْ
بقاف والذاريات اللهُ أقسم في / أنّ الذي قاله حقٌّ كما ذكرهْ
في الطور أبصر موسى نجم سؤدده / والأفق قد شقّ إجلالا له قمرهْ
أسرى فنال من الرحمن واقعة / في القرب ثبّت فيه ربه بصرهْ
أراهُ أشياء لا يقوى الحديد لها / وفي مجادلة الكفار قد نصرهْ
في الحشر يوم امتحان الخلق يُقبل في / صفٍّ من الرسل كلٌّ تابعٌ أثرهْ
كفٌّ يسبّح لله الطعام بها / فاقبلْ إذا جاءك الحق الذي نشرهْ
قد أبصرت عنده الدنيا تغابنها / نالت طلاقا ولم يعرف لها نظرهْ
تحريمه الحبّ للدنيا ورغبته / عن زهرة الملك حقا عندما خبرهْ
في نونَ قد حقت الأمداح فيه بما / أثنى به الله إذ أبدى لنا سِيرَهْ
بجاهه’ سأل’ نوح في سفينته / حسن النجاة وموج البحر قد غمرَهْ
وقالت الجن جاء الحق فاتبِعوا / مزمّلا تابعا للحق لن يذرَهْ
مدثرا شافعا يوم القيامة هل / أتى نبيٌّ له هذا العلا ذخرَهْ
في المرسلات من الكتب انجلى نبأ / عن بعثه سائر الأحبار قد سطرَهْ
ألطافه النازعات الضيم حسبك في / يوم به عبس العاصي لمن ذعرَهْ
إذ كورت الشمس ذاك اليوم وانفطرت / سماؤه ودّعت ويلٌ به الفجرَهْ
وللسماء انشقاق والبروج خلت / من طارق الشهب والأفلاك منتثرَهْ
فسبح اسم الذي في الخلق شفّعه / وهل أتاك حديث الحوض إذ نهّرَهْ
كالفجر في البلد المحروس عزته / والشمس من نوره الوضاح مختصرَهْ
والليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألمْ / نشرح لك القول من أخباره العطرَهْ
ولو دعا التين والزيتون لابتدروا / إليه في الخير فاقرأ تستبن خبرَهْ
في ليلة القدر كم قد حاز من شرف / في الفخر لم يكن الانسان قد قدرَهْ
كم زلزلت بالجياد العاديات له / أرض بقارعة التخويف منتشرَهْ
له تكاثر آيات قد اشتهرت / في كل عصر فويل للذي كفرَهْ
ألم تر الشمس تصديقا له حبست / على قريش وجاء الدّوح إذ أمرَهْ
أرأيت أن إله العرش كرمه / بكوثر مرسل في حوضه نهرَهْ
والكافرون إذا جاء الورى طردوا / عن حوضه فلقد تبّت يد الكفرَهْ
إخلاص أمداحه شغلي فكم فلِق / للصبح أسمعت فيه الناس مفتخرَهْ
أزكى صلاتي على الهادي وعترته / وصحبه وخصوصا منهم عشره