تخطى إلى المحتوى

في إمكان إثبات لفظ «القديم» كاسم لله تعالى 2024.

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-


الفتوى رقم: 239

الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد

في إمكان إثبات لفظ «القديم» كاسم لله تعالى

السؤال: قرأتُ في أجوبتِكَ على المسائل الاعتقادية أنّ لفظ «القديم» يُطْلَقُ من باب الإخبار عن الله جلّ في علاه لا من باب الصفات التوقيفية، ألا يمكن القول أنّ لفظ «القديم» ممّا وصف به نفسه، وهذا للدعاء الوارد عن النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ عند دخول المسجد: «أَعُوذُ بِاللهِ العَظِيمِ وَبِسُلْطَانِهِ القَدِيمِ…»(١- أخرجه أبو داود في «الصلاة»: (466)، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (4715‌)). وبما أنّ سلطانَه جلّ وعلا من صفاته الذاتية وهي موصوفة بالقِدَم. فنقول أنّ الله موصوف بالقِدم تطبيقًا للقاعدة: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات. أفيدونا -رعاكم الله-.

الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فاعلم أنّ أسماءَ الله تعالى توقيفيةٌ، أي تَثْبُتُ من نصوص الكتاب والسُّنَّة، كما أنّ الاسم يُشتقُّ منه الصّفة والفعل، ولا يُشتقُّ من الصّفة والفعل اِسمًا كما هو معروف في قواعد أهل السُّنَّةِ والجماعة، ذلك لأنّ باب الصفات أوسعُ من باب الأسماء. وعليه، فإنّ الاسم إذا أُطلق عليه جاز أن يشتقَّ منه المصدر والفعل، فيُخْبَرُ به عنه فعلاً ومصدرًا إن كان متعدِّيًا، كاسم الله «السميع»، فَوُرُودُهُ في القرآن والسُّنَّة مراده التسمي، كما في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، وهو من الفعل المتعدِّي سَمِعَ، قال تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: 1]، ويقال في غير القرآن سَمِع اللهُ ويَسْمَعُ فلانًا، ويشتقُّ منه المصدر (سمع) فيقال مخبرًا به: للهِ سَمْعٌ، وسَمْعُ اللهِ مُحِيطٌ بجميع مخلوقاته، فَإِنْ كان الفعل لازمًا لم يخبر به عنه بل يُطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل، كاسم الله (الحي) فلا يخبر عنه بفعله، أمّا المصدر والاسم منه فيجوز الإخبار بهما فيقال: اللهُ حَيٌّ، والحيُّ هو اللهُ(٢- انظر: معنى هذه القاعدة في: «بدائع الفوائد» لابن القيم: (1/162))، واسم «القديم» فمراد أهل السُّنَّة بأنه لم يُسبَق بِعدَم أي: غير مخلوق؛ فمقصوده واجب الوجود، وهو معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ [الحديد: 3]، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ»(٣- أخرجه مسلم في «الذِّكر»: (2713)، والبخاري في «الأدب المفرد»: (1212)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، وليس «القديم» من أسماء الله الحسنى، وإنّما أدخله المتكلِّمون في أسمائه، لكن العرب لم يستعملوا هذا الاسم إلاّ في المتقدِّم على غيره لا فيما لم يسبقه عدم، فإذا وجد جديد قيل للأول قديم كما قال تعالى: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: 39]، فالعرجون القديم الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني(٤- شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز الحنفي: (1/77)) ثمّ استعمل «القديم» بمعنى غير مخلوق وهو واجب الوجود في مقابلة «الحادث» وهو ممكن الوجود وهو ما كان وجوده بعد العدم ومعناه أنّه مخلوق.

وعليه، يكون لفظ «القديم» من باب الإخبار لعدم وروده في الكتاب والسُّنَّة، ولا يكون اسمًا لأنّ باب الأخبار أوسع من باب الصّفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء. أمّا لفظ: «سلطان» فهو بمعنى القوّة والقهر، وهو في الحديث من باب إضافة الصفة إلى الموصوف فيكون من الصفات الذاتية اللازمة التي لم يشتقّ لها اسم، فلا يمكن تسميته تعالى بما لم يُسمِّ به نفسه فلا يقال «سليط».

أمّا قاعدة: «القَوْلُ فِي الصِّفَاتِ كَالقَوْلِ فِي الذَّاتِ، وَالقَوْلُ فِي بَعْضِهَا كَالقَوْلِ فِي البَعْضِ الآخَرِ» فهي متعلِّقةٌ بقواعد الردِّ والمناظرة، وهي غير واردة هنا لأنّها تتعلّق بشقَّين:

– الأول: بيان بطلان التكييف وهو حكاية حقيقة الصفة كما هو متَّصف بها تعالى.

– والشقُّ الثاني: بيان بطلان التمثيل وهو: دعوى إثبات المساواة له بالمخلوقات، فيكون ردًّا على الأشاعرة القائلين بنفي بعض الصفات، والمعتزلة القائلين بنفي الصفات، والجهمية بنفي الأسماء والصفات، فكانت القاعدة متعلِّقة بإثبات أسماء الله وصفاته من غير تكييف ولا تشبيه ولا تحريف ولا تعطيل، فكما نقول في ذاته: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11]، فكذلك نقول في الصفات الذاتية أو الصفات الفعلية، كما أنّها تستعمل في الردّ على مَنْ أثبتَ بعض الصّفات ونفى بعضها أو أثبت ذاتًا ولم يثبت صفةً.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

بارك الله فيك وفي طرحك القيم
جزاك الله كل خير
بانتظار جديدك

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام منصف القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيك وفي طرحك القيم
جزاك الله كل خير
بانتظار جديدك

القعدة القعدة
وفيك بارك الله أختي
أحسن الله إليك
تحيتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.