فوائد قيمة وأقوال مأثورة من كتاب: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة. 2024.

فوائد قيمة وأقوال مأثورة من كتاب: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة.
للعلامة الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الشهير بالإمام القرطبي. رحمه الله.

1>>باب النهي عن تمني الموت و الدعاء به لضر نزل في المال و الجسد:

روى مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنياً فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي و توفني إذا كانت الوفاة خيراً لي .أخرجه البخاري .، و عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتمنين أحدكم الموت و لا يدع به من قبل أن يأتيه ، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله ، و إنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً .
و قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت : إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً ، و إما مسيئاً فلعله أن يستعتب . رواه البخاري.

فصل : قال العلماء : الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و إنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته و حيلولة بينهما ، و تبدل حال و انتقال من دار إلى دار ، و هو من أعظم المصائب ، و قد سماه الله تعالى مصيبة ، و في قوله فأصابتكم مصيبة الموت. فالموت هو المصيبة العظمى و الرزية الكبرى .
قال علماؤنا : و أعظم منه الغفلة عنه ، و الإعراض عن ذكره ، و قلة التفكر فيه ، و ترك العمل له ، و إن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر و فكرة لمن تفكر …
فصل : قوله : فلعله أن يستعتب . الاستعتاب طلب العتبى . و هو الرضى و ذلك لا يحصل إلا بالتوبة و الرجوع عن الذنوب .
قال الجوهري : استعتب : طلب أن يعتب تقول : استعتبته فأعتبني . أي استرضيته . فأرضاني . و في التنزيل في حق الكافرين و إن يستعتبوا فما هم من المعتبين .
و روى عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال : لا يتمنى الموت إلا ثلاثة : رجل جاهل لما بعد الموت ,أو رجل يفر من أقدار الله تعالى عليه ,. أو مشتاق محب للقاء الله عز و جل . …
و قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ما من مؤمن إلا و الموت خير له فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول : و ما عند الله خير للأبرار و قال تعالى و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم

باب جواز تمني الموت و الدعاء به خوف ذهاب الدين

ـ قال الله عز و جل مخبراً عن يوسف عليه السلام : {توفني مسلماً و ألحقني بالصالحين}، و عن مريم عليها السلام في قولها{ يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسيا}، و عن مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال <لا تقوم الساعة حتى يمر حتى بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه >.
فصل : قلت : لا تعارض بين هذه الترجمة و التي قبلها لما نبينه .
أما يوسف عليه السلام . فقال قتادة : لم يتمن الموت أحد، نبي و لا غيره، إلا يوسف عليه السلام حين تكاملت عليه النعم و جُمع له الشمل اشتاق إلى لقاء ربه عز وجل فقال {رب قد آتيتني من الملك و علمتني} الآية . فاشتاق إلى لقاء ربه عز وجل ، و قيل إن يوسف عليه السلام لم يتمن الموت و إنما تمنى الموافاة على الإسلام . أي إذا جاء أجلي تو فني مسلماً . و هذا هو القول المختار في تأويل الآية عند أهل التأويل . و الله أعلم .
و أما مريم عليها السلام فإنما تمنت الموت لوجهين :
أحدهما : أنها خافت أن يظن بها السوء في دينها و تعير ، فيفتنها ذلك .
الثاني : لئلا يقع قوم بسببها في البهتان و الزور ، و النسبة إلى الزنا ، و ذلك مهلك لهم . و الله أعلم .
و قد قال الله تعالى في حق من افترى على عائشة رضي الله عنها {و الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم}، و قال{و تحسبونه هيناً و هو عند الله عظيم }،
و قد اختُلف في مريم عليها السلام : هل هي صديقة لقوله تعالى {و أمه صديقة}، أو نبية لقوله تعالى {فأرسلنا إليها روحنا}. و قوله {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك} الآية .
و عليه فيكون الافتراء عليها عظيم أعظم و البهتان في حقها أشد . و فيه يكون الهلاك حقاً . فعلى هذا الحد الذي ذكرناه من التأويلين يكون تمني الموت في حقها جائز ، و الله أعلم .
و أما الحديث فإنما هو خبر : أن ذلك سيكون لشدة ما ينزل بالناس ، من فساد الحال في الدين ، و ضعفه و خوف ذهابه ، لا لضر ينزل بالمرء في جسمه أو غير ذلك ، من ذهاب ماله مما يحط به عنه خطاياه . و مما يوضح هذا المعنى و يبينه قوله عليه السلام <اللهم إني أسألك فعل الخيرات و ترك المنكرات و حب المساكين و إذا أردت ـ و يروى أدرت ـ في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون> . رواه مالك، و مثل هذا قول عمر رضي الله عنه : اللهم قد ضعفت قوتي و كبرت سني و انتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع و لا مقصر .فما جاوز ذلك الشهر حتى قبض رحمه الله . رواه مالك أيضاً .
و ذكر أبو عمر بن عبد البر في التمهيد و الاستذكار من حديث زاذان أبي عمر عن عليم الكندي قال : كنت جالساً مع أبي العباس الغفاري على سطح، فرأى ناساً يتحملون من الطاعون فقال : يا طاعون خذني إليك يقولها ثلاثاً ،فقال عليم : لم تقول هذا ؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه و سلم <لا يتمنين أحدكم الموت فإنه عند ذلك انقطاع عمله و لا يرد فيسعتب> فقال أبو عباس : أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول<بادروا بالموت ستا : إمرة السفهاء ، و كثرة الشُرَط ، و بيع الحكم ، و استخفافاً بالدم ، و قطيعة الرحم ، و نشئاً يتخذون القرآن مزامير ، يقدمون الرجل ليغنيهم بالقرآن و إن كان أقلهم فقهاً>.-صحيح الجامع-

3 >> باب ذكر الموت و الاستعداد له:
روى ابن ماجه عن ابن عمر قال : كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء رجل من الأنصاري فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله : أي المؤمنين أفضل ؟ قال : <أحسنهم خلقاً >قال : فأي المسلمين أكيس ؟ قال : <أكثرهم للموت ذكراً و أحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس> أخرجه مالك وصححه الألباني.
…و قال السدي في قوله تعالى :{ الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} أي أكثركم للموت ذكراً ، و له أحسن استعداداً و منه أشد خوفاً و حذراً .

فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : قوله عليه السلام < أكثروا ذكر هادم اللذات الموت>كلام مختصر و جيز قد جمع التذكرة و أبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة ، و منعه من تمنيها في المستقبل و زهده فيما كان منها يؤمل ، و لكن النفوس الراكدة ، و القلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ ، و تزويق الألفاظ ، و إلا ففي قوله عليه الصلاة و السلام < أكثروا ذكر هادم اللذات> مع قوله تعالى : {كل نفس ذائقة الموت} ما يكفي السامع له ، و يشغل الناظر فيه .

…فصل : إذ ثبت ما ذكرناه . فاعلم أن ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية ، و التوجه في كل لحظة إلى الدار الآخرة الباقية ، ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالتي ضيق و سعة ، و نعمة و محنة ، فإن كان في حال ضيق و محنة ،فذِكر الموت يسهل عليه بعض ما هو فيه ، فإنه لا يدوم . و الموت أصعب منه ، أو في حال نعمة و سعة فذكر الموت يمنعه من الاغترار بها ، و السكون إليها ، لقطعه عنها .

القعدة

القعدة

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الامل القعدة
القعدة
القعدة
القعدة

القعدة

القعدة القعدة

بارك الله فيك

بارك الله فيك اخي على هذا المجهود الجبار
قال الدقاق: ( من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة ).

اللهم اجعل خير ايامن يوم لقاءه عز و جل

بارك الله فيكم

بارك الله فيك اخي على
هذا المجهود الجبار
جعله الله في ميزان حسناتك

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انين مذنبة القعدة
القعدة
القعدة

قال الدقاق: ( من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة ).

اللهم اجعل خير ايامن يوم لقاءه عز و جل

بارك الله فيكم

القعدة القعدة

و فيكم بارك الرحمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.