أنا رجل أخاف الله والحمد لله، أحدد النسل رزقت ببنتين وحمدت ربنا على ذلك، ثم رزقني الله ببنت ثالثة مع أني محدد النسل بالوسائل المتبعة، حمدت ربنا أيضاً على البنت الثالثة ورضيت بما رزقني الله به، وفوجئت أن زوجتي حامل للمرة الرابعة مع أنني مازلت محدداً النسل، ولكن واضح أن إرادة الله فوق كل إرادة، وكانت الصدمة التي هزتني أن زوجتي حامل ببنت رابعة، لا أدري ماذا أفعل، لا أستطيع أن أغضب الله ولا أفكر في ذلك، ولكني منهار يا سيدي… لقد رزقت بأربع بنات ولا أدري ماذا أفعل، فإني أبكي ليلاً ونهاراً… أخشى أن أكون أعصي الله ببكائي هذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن كل شيء في هذا الوجود إنما يقع بتقدير الله تعالى، وله في ذلك الحكمة البالغة، وما قضى الله لك من رزق بهؤلاء البنات، فلعلك تعطى به الخير الكثير، روى أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيراً له.
وقد ورد في فضل البنات كثير من الأحاديث، نذكر هنا منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار. وما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه-. وفي رواية الترمذي: دخلت أنا وهو الجنة كهاتين – وأشار بأصبعيه.
فإن كنت قد حزنت على أن رزقك الله بالبنات، فهذا هو فضلهن، بل الواجب على المسلم الحذر من التسخط على ذلك لأنه من أخلاق أهل الجاهلية، فقد قال الله تعالى عنهم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، وكم من بنت رزق بها الوالد كانت أبر به من أولاده الذكور.
وإن كنت قد حزنت لوقوع خلاف ما أردت من تحديد النسل، فلعل الله تعالى قد جعل لك الخير في زيادة الإنجاب، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تكثير النسل حيث قال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود.
بل إن تحديد النسل لا يجوز كما صدر بذلك قرار المجمع الفقهي ما لم تكن هنالك ضرورة محققة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 636.
والله أعلم.