السؤال:
ما يجري الآن في بلادنا (الجزائر) من معاملات مما يسمى تشغيل الشباب حيث تعطي الحكومة للشباب آلات للعمل عن طريق البنك وهؤلاء الشباب يسدِّدون ثمن تلك الآلات بالتقسيط وبزيادة على سعرها يوم أن قبضوها من البنك الذي دفع ثمنها لبائعي الآلات. لقد وضح لي أنه ربا، لكن نسمع بعض المفتين الفضلاء يفتي بالجواز بناء على أنه مرابحة!! فهل هذا صحيح؟ مع الأخذ بالحسبان باب الحاجة ( التي يسميها بعضهم ضرورة ولكنها في الحقيقة ليست ضرورة شرعية) وهذه الحاجة هي عدم وجود العمل لكثير من الناس، لفوضى التوزيع وعدم التنظيم. فهل هذه الأشياء تبيح هذا الشيء (تشغيل الشباب) كما أباحت الحاجة التأمين على السيارات؟ والمعروف أنَّ التأمين يدخل فيه الربا والقمار، والغرر، والجهالة. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب:
للشيخ : محمد علي فركوس حفظه الله تعالى
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ ما يجريه ديوان تشغيل الشباب من معاملات لفائدة الشباب عن طريق البنك حيث يحصلون على آلات العمل ويسددونها بالتقسيط بواسطة بيع المرابحة الذي يقوم مقام الإقراض الربوي الجاري في البنوك الربوية، حيث يَعِدُ البنك بأن يشتري البضاعة على أن يبيعها بربح معلوم للمشتري الذي يلتزم بشرائها منه على مجرد الوعد بالبيع ويسددها له بالتقسيط ضمن آجال محددة، هذا التعامل الذي يرى فيه بعض المفتين الفضلاء إلزامية الوفاء بالوعد بالبيع ويجعلونه في مقام العقد بناء على ظواهر الآيات القرآنية والسنة النبوية منها قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ ﴾[يونس: 55] وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً﴾ [مريم: 54] وقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77] وقوله تعالى: ﴿وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف: 16]، ومن السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»(1) ولا يخفى أنه ليس في هذه النصوص الشرعية ما يدلُّ على تحريم إخلاف الوعد ولزوم الوفاء به ذلك لأنَّ الوعد في سورة التوبة إنما المقصود به العهد الذي هو الميثاق والالتزام والنذر على نحو ما بينته الآية التي قبلها، وهو خارج عن محل النزاع، كما أنَّ الوعد للمستقبل لا ينطبق عليه الصدق والكذب كما بينه صاحب الفروق في «الفرق: 214»: «بين قاعدة الكذب وقاعدة الوعد وما يجب الوفاء به وما لا يجب» حيث يقول: «إنَّ المستقبل زمان يقبل الوجود والعدم، ولم يقع فيه بعد وجود ولا عدم فلا يوصف الخبر عند الإطلاق بعدم المطابقة و لا بالمطابقة لأنه لم يقع بعد ما يقتضي أحدهما، وحيث قلنا الصدق القول المطابق والكذب القول الذي ليس بمطابق ظاهر في وقوع وصف المطابقة أو عدمها بالفعل، وذلك مختص بالحال والماضي، وأما المستقبل فليس فيه إلاَّ قبول المطابقة وعدمها»(2)، وأمَّا الإخلاف في صفة المنافق في الحديث، فليس فيه دليل على لزوم الوفاء بالوعد، لأنَّ غاية ما يدل عليه هو ما كان الإخلاف بالوعد على وفق مقتضى حاله، وكان سجية له وطبعًا، وما كان كذلك فلا يغيب على بال أنه يحسن الذم بها.
فالحاصل أنَّ العلماء أجمعوا على أنَّ من وعد إنسانًا شيئًا ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده، وأنَّ ذلك معدود من مكارم الأخلاق(3)، لكن الوفاء به -على مذهب الجمهور- غير لازم وإنما يستحب له ذلك فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة شديدة ولكنه لا يأثم، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك في رواية والشافعي وأحمد وابن حزم وغيرهم(4).
وإذا تقرر عدم لزوم الوفاء بالوعد ظهر الفرق بينه وبين العقد، فالعقد هو تطابق إرادتين وارتباطهما على وجه التحقق والإنجاز، بينما الوعد هو إبداء الرغبة في تحقيق فعل للغير على وجه الإحسان والمعروف، فمن وعد بالوفاء به وهو عاقد العزم على تحقيقه له، لكن حالت الظروف دون ذلك فأخلف فلا حرج عليه، وإنما الحرج والضيق فيمن عَزْمُه على الإخلاف بالوعد معقود فهو واقع في المكروه ولا يلحقه إثم، ولا يلزم الوفاء بوعده.
ومن هنا يظهر أنَّ بيع المرابحة الذي يجري في البنوك القائمة على الإلزام بالمواعدة إنما هي طريقة قائمة مقام الإقراض الربوي، وخاصة وأنَّ البنك – في كل الأحوال- يضمن الربح، ويشترط على المتعامل معه التأمين على كل الأخطار على حساب المتعامل، وبغضِّ النظر عن ممنوعية التأمين، فإنَّ البنك يجعل لنفسه مأمنًا تعويضيًّا عن أيِّ خسارة قد تنجر من هذه المعاملة المالية.
وعليه، فإنَّ ديوان تشغيل الشباب إن كان طموحه لتوفير اليد المهنية وامتصاص البطالة وتقوية الاقتصاد فالواجب عليه أن يسعى إلى توفير مناصبشغل بقروض حسنة خالية من عوائد مادية، وذلك بإبعاد التدخل المفتعل للبنوك التي مدار تعاملها على أكل أموال الناس بالباطل، ولا يهمها تشغيل الشباب من تضييعه، وهي لا تزيد الشباب العاطل إلاَّ محقاً وفقرًا وتهوينًا والله المستعان
ولايُفكّ عن الشباب العاطل ما أُغلق عليه من آفاق العمل بإسعافه بقروض ربويّة تتكفل الدولة بتسديد فوائدها، إذ المعلوم أنّ القرض لا يفقد صفة رِبويّته إذا قام غير المقترض بتسديده، سواء كان المتكفل بالتسديد شخصا طبيعيا كأحد أقاربه أو شخصا معنويا اعتباريا كإحدى الهيئات الإدارية أو المؤسسات الحكومية، لأن الفائدة الربوية اشتُرِطَتْ عند عقد القرض، فهي تندرج ضمن قاعدة «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا» بغضّ النظر عن مسدّده.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله علىنبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: 25 جمادى الأولى 1445ه
الموافـــق ل: 21 جوان 2024م
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
1- أخرجه البخاري في الإيمان (33)، ومسلم في الإيمان (59)، والترمذي ( 2631)، وأحمد ( 8470)، والبيهقي ( 11652) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
2- الفروق للقرافي: (4/ 23).
3- الأذكار للنووي: (270) .
4- المحلى لابن حزم: ( 8/ 28). الفروق للقرافي: (4/ 24)
بصيغته الجديدة
الشيخ عبد الغني عوسات
يسرني أن أضع بين أيديكم فتوى للشيخ عبد الغني عوسات حفظه الله فيما يتعلق بحكم القرض الربوي لونساج ANSEJ بصيغته الجديدة بالأمازيغية
الرابط:
https://www.dropbox.com/s/ncidpdmedl…D8%A9.mp3?dl=0
و هذه ترجمة الفتوى إلى اللغة العربية كي تعم الفائدة
هل يجوز قرض لونساج ANSEJ بصيغته الجديدة؟
الجواب: إعلم أخي أنه يسألون كثيرا هل يجوز أن نقرض منهم مالا ثم نرده لهم ، إعلم لو أقرضت مالا سواء من شخص أو بنك أو مؤسسة أو أي جهة من الجهات أو مؤسسة من المؤسسات، ربنا سبحانه و تعالى بين الربا و ما لم يكن ربا ، حتى الذين يخلطون قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ماذا قال الله تعالى وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ماهو الربا ؟ عندما يكون القرض كما يقال في القاعدة و لا يصح حديثا الحديث ضعيف : القاعدة المعروفة كل قرض جر منفعة فهو ربا، أنظر مثلا يا أخي إذا أقرضك البنك أقرضت 50 مليون، (لونساج مثلا) ، تقول عندما أرد لكم كم أرد يقال لك ترد 51 مليون لكنما أنت ترد 50 مليون، أما الربا أو الفائدة كما سموها ، و ان كان العبرة لا يسمون بالأسماء ، قد يكون الاسم حسن و المسمى قبيح و الاسم يكون جميل و هكذا ، و الربا من يرده الدولة.
تقول له لكن هذا العقد فيه ربا ؟ هذه المعاملة فيها ربا ؟ ما دام تعلق بهذا العقد و ما دام ارتبط به و ما دام شابه هذه الفائدة ، و الزيادة التي تزيد عليه كلها ربا قل قدرها و قلت قيمتها أم كبرت و كثرت لهذا لابد ليس فقط الإعفاء اعفاء المقترض من دفع تلك الفائدة ، لكن لابد من الإلغاء، بعض إخواننا لما يتصلون يقولون ألغيت أقول له يجب أن تتأكد إذا ألغيت نهائيا و إطلاقا و كلية فهذا لا حرج ، لأن هناك من يقول يجوز ؟ يا أخي لم نطلب منك رأيك أو ما يبدوا لك ، نريد ماذا قال ربنا أليس كذلك؟
الحلال بين و الحرام بين كما قال الله تعالى ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، لهذا الكذب هو الحكم الغير المطابق للحقيقة ، و هو الخبر الغير المطابق للواقع فإذا كان هذا الحكم غير مطابق للحقيقة يعد كذبا كما سماه الله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لهذا الآن ما نعلم أن هناك فائدة و لو أعطاه غيرك لكن العبرة بالإثم من الذي يتحمله ؟ أنت الذي تتحمله لعل المال الربا يعطيه لك و إثم الربا إثم عظيم أليس كذلك كبير أو صغير؟، لهذا عباد الله إذا ألغيت نهائيا و إطلاقا نعم و إلا فلا.
و لا نقول هذا نوع استثمار أو نوع كذا ؟ المعاملات يجب أن تكون صريحة أن تكون صحيحة نعم المعاملات وسع فيها الشرع لكن ضبطها و بينها و صححها الى غير ذلك ، يجب أن تكون بالرضى بين الطرفين لا يكون ثم غبن أو الجهل أو الغرر ما شاء الله حتى إذا بعت شيئا تريه السلعة و تتفقان على الثمن لا كما يفعل البعض خذها و بعد نتفق ان شاء الله ثم يقع الخلاف بينكم لا ، قبل اتمام البيع تتفقان ماذا بعت و بكم ، شرعنا هكذا هذه من محاسن الاسلام ما شاء الله كل شيئ بوضوح كل شيئ بالصراحة و كل شيء بالراحة و كل شيئ بالوضاحة و كل شيئ بالشرعية ما شاء الله .
و لعل البعض لا يسميه قرض ماهذا اذن ؟ إن لم يكن قرضا فما هو اذن ، له صورة القرض وصفة القرض إذن يغلب عليه و صف القرض و العبرة بالغالب و النادر في حكم المعدوم و النادر لاحكم له ، مهما قالوا قلنا ، لكن يقولون خطأ و نقول صوابا و يقولون كذبا و نقول صدقا و يقولون بالآراء و نقول بالآثار و الأخبار و الأدلة و النصوص ، لأن هذا الدين يا إخواني لا تفتيني بما أشتهي ، ما يسره الله هو اليسر الذي ليس دونه يسر ، احذروا أن تظنوا أننا أرحم من الله لا يا إخوان ، ربنا إذا نهاك عن شيئ ، إذا حرم عيك شئا فاعلم أن ذلك الأمر فيه مضرة و المفسدة و السوء و غير ذلك ، و ما أباح لك شيئا ، و ما أمرك بشيئ إلى لما في ذلك الشئء من المنافع و المحاسن و المصالح ونحو ذلك مما أباحه و شرعه الله لذلك يا إخوان جميل أن يجيب المرئ بما تعلم و تعرف و ما هو صدق و صحيح أو يفعل ما أمره ربه عز وجل في قوله : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.