معنى لا إله إلا الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فقد اطلعت على الكلمة التي كتبها أخونا في الله العلامة الشيخ عمر بن أحمد المليباري في معنى لا إله إلا الله، وقد تأملت ما أوضحه فضيلته في أقوال الفرق الثلاث في معناها.
وهذا بيانها:
الأول: لا معبود بحق إلا الله.
الثاني: لا مطاع بحق إلا الله.
الثالث: لا رب إلا الله.
والصواب هو الأول كما أوضحه فضيلته، وهو الذي دل عليه كتاب الله سبحانه في مواضع من القرآن الكريم مثل قوله سبحانه:
وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[2]
وقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[3]
وقوله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[4].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهو الذي فهمه المشركون من هذه الكلمة حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها
وقال: ((يا قومي قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)).
فأنكروا ذلك، واستكبروا في قبوله، لأنهم فهموا أن ذلك يخالف ما عليه آباؤهم من عبادة الأصنام والأشجار والأحجار، وتأليههم لها، كما ذكر الله عز وجل في قوله سبحانه في سورة ص:
{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }[5].
وقال سبحانه وتعالى في سورة الصافات عن المشركين:
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[6]
فعلم من ذلك أنهم فهموا معناها بأنها تبطل آلهتهم وتوجب تخصيص العبادة لله وحده، ولهذا لما أسلم من أسلم منهم، ترك ما هو عليه من الشرك، وأخلص العبادة لله وحده، ولو كان معناها: لا رب إلا الله، أو لا مطاع إلا الله، لما أنكروا هذه الكلمة، فإنهم يعلمون أن الله ربهم وخالقهم، وأن طاعته واجبة عليهم، فيما علموا أنه من عنده سبحانه، ولكنهم كانوا يعتقدون أن عبادة الأصنام والأنبياء، والملائكة والصالحين، والأشجار ونحو ذلك على وجه الاستشفاع بها إلى الله، ورجاء أن تقربهم إليه زلفى كما ذكر الله ذلك عنهم سبحانه في قوله الكريم:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[7].
فأبطل الله ذلك ورده عليهم بقوله سبحانه:
{قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[8]،
وفي قوله عز وجل:
{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[9].
والمعنى أنهم يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فرد الله عليهم ذلك بقوله سبحانه:
{إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[10]،
فبين سبحانه بذلك أنهم كاذبون في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، كافرون بهذا العمل، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
– من الموقع الرسمي للشيخ ابن باز –
ـــــــــــ
ـــــــــــ
غالب المسلمين اليوم لا يفقهون معنى لا إله إلا الله فهماً جيداً:
أما غالب المسلمين اليوم الذين يشهدون بأن " لا إله إلا الله " فهم
لا يفقهون معناها جيداً، بل لعلهم يفهمون معناها فهماً معكوساً
ومقلوباً تماماً
أضرب لذلك مثلاً:
بعضهم ألف رسالة في معنى
" لا إله إلا الله "
ففسرها:
" لا رب إلا الله!! "
وهذا المعنى هو الذي
كان المشركون يؤمنون به وكانوا عليه، ومع ذلك لم ينفعهم إيمانهم هذا،
قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه}(لقمان).
فالمشركون كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً لا شريك له، ولكنهم كانوا يجعلون
مع الله أنداداً وشركاء في عبادته، فهم يؤمنون بأن الرب واحد ولكن يعتقدون
بأن المعبودات كثيرة
ولذلك رد الله تعالى – هذا الاعتقاد – الذي سماه عبادة لغيره
من دونه بقوله تعالى:
{… وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا
إِلَى اللَّهِ زُلْفَى …}
(الزمر: من الآية3).
لقد كان المشركون يعلمون أن قول: " لا إله إلا الله " يلزم له التبرؤ من عبادة ما
دون الله عز وجل
أما غالب المسلمين اليوم؛ فقد فسروا هذه الكلمة الطيبة " لا إله إلا الله "
بـ: " لا رب إلا الله !! "
فإذا قال المسلم: " لا إله إلا الله "، وعبد مع الله غيره؛ فهو
والمشركون سواء، عقيدة
وإن كان ظاهره الإسلام؛ لأنه يقول لفظة: لا إله إلا الله فهو
بهذه العبارة مسلم لفظياً ظاهراً
وهذا مما يوجب علينا جميعاً – بصفتنا دعاة إلى الإسلام-
الدعوة إلى التوحيد وإقامة الحجة على من جهل معنى" لا إله إلا الله " وهو واقع في خلافها؛
بخلاف المشرك؛ لأنه يأبى أن يقول: " لا إله إلا الله " فهو ليس مسلماً لا ظاهراً ولا باطناً
فأما جماهير المسلمين اليوم هم مسلمون لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " فإذا قالوها
عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى "(2).
لذلك، فإني أقول كلمة – وهي نادرة الصدور مني -، وهي:
إن واقع كثير من المسلمين
اليوم شر مما كان عليه عامة العرب في الجاهلية الأولى من حيث سوء الفهم لمعنى
هذه الكلمة الطيبة؛ لأن المشركين العرب كانوا يفهمون، ولكنهم لا يؤمنون، أما غالب
المسلمين اليوم، فإنهم يقولون ما لا يعتقدون، يقولون: لا إله إلا الله، ولا يؤمنون
–حقاً – بمعناها (1)
لذلك فأنا أعتقد أن أول واجب على الدعاة المسلمين – حقاً –
هو أن يدندنوا حول هذه الكلمة وحول بيان معناها بتلخيص، ثم بتفصيل لوازم هذه الكلمة
الطيبة بالإخلاص لله عز وجل في العبادات بكل أنواعها، لأن الله عز وجل لما حكى
عن المشركين قوله: {… مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى …}(الزمر: من الآية3)،
جعل كل عبادة توجه لغير الله كفراً بالكلمة الطيبة: لا إله إلا الله
لهذا؛ أنا أقول اليوم:
لا فائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم، ثم تركهم في ضلالهم دون فهم
هذه الكلمة الطيبة، وهذا لا يفيدهم في الدنيا قبل الآخرة !
نحن نعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله
مخلصاً من قلبه حرم الله بدنه على النار " وفي رواية أخري: " دخل الجنة "(2).
فيمكن ضمان دخول الجنة لمن قالها مخلصاً حتى لو كان بعد لأي وعذاب
يمس القائل، والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهذه الكلمة، فإنه قد يعذب بناءً على ما
ارتكب واجترح من المعاصي والآثام، ولكن سيكون مصيره في النهاية دخول الجنة،
و على العكس من ذلك؛ من قال هذه الكلمة الطيبة بلسانه، ولمَّا يدخل الإيمان إلى قلبه؛
فذلك لا يفيده شيئاً في الآخرة، قد يفيده في الدنيا النجاة من القتال ومن القتل
إذا كان للمسلمين قوة وسلطان، وأما في الآخرة فلا يفيد شيئاً إلا إذا كان قائلاً لها
وهو فاهم معناها أولاً، ومعتقداً لهذا المعنى ثانياً؛ لأن الفهم وحده لا يكفي إلا إذا
اقترن مع الفهم الإيمان بهذا المفهوم، وهذه النقطة؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون !
وهي: لا يلزم من الفهم الإيمان بل لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون
مؤمناً، ذلك لأن كثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً
صلى الله عليه وسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة، ولكن مع هذه
المعرفة التي شهد لهم بها ربنا عز وجل حين قال: {… يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ …}
(البقرة: ).
ومع ذلك هذه المعرفة ما أغنت عنهم من الله شيئاً لماذا؟ لأنهم لم يصدقوه
فيما يدعيه من النبوة والرسالة، ولذلك فإن الإيمان تسبقه المعرفة ولا تكفي وحدها،
بل لا بد أن يقترن مع المعرفة الإيمان والإذعان، لأن المولى عز وجل يقول
في محكم التنزيل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ …}(محمد: من الآية19).
وعلى هذا، فإذا قال المسلم: لا إله إلا الله بلسانه؛ فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة
هذه الكلمة بإيجاز ثم بالتفصيل، فإذا عرف وصدق وآمن؛ فهو الذي يصدق
عليه تلك الأحاديث التي ذكرت بعضها آنفاً، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم
مشيراً إلى شيء من التفصيل الذي ذكرته آنفاً: " من قال: لا إله إلا الله،
نفعته يوماً من دهره "(1).
أي كانت هذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها منجية له من الخلود في النار –
وهذا أكرره لكي يرسخ في الأذهان
– وقد لا يكون قد قام بمقتضاها
من كمال العمل الصالح والانتهاء عن المعاصي ولكنه سلم من الشرك الأكبر
وقام بما يقتضيه ويستلزمه شروط الإيمان من الأعمال القلبية – والظاهرية
حسب اجتهاد بعض أهل العلم وفيه تفصيل ليس هذا محل بسطه -(2)؛
وهو تحت المشيئة، وقد يدخل النار جزاء ما ارتكب أو فعل من المعاصي
أو أخل ببعض الواجبات، ثم تنجيه هذه الكلمة الطيبة أو يعف الله عنه بفضل
منه وكرمه، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره: " من قال:
لا إله إلا الله، نفعته يوماً من دهره "(1)، أما من قالها بلسانه ولم يفقه معناها،
أو فقه معناها ولكنه لم يؤمن بهذا المعنى؛ فهذا لا ينفعه قوله: لا إله إلا الله،
إلا في العاجلة إذا كان يعيش في ظل الحكم الإسلامي وليس في الآجلة.
لذلك لا بد من التركيز على الدعوة إلى التوحيد في كل مجتمع أو تكتل إسلامي
يسعى- حقيقة وحثيثاً – إلى ما تدندن به كل الجماعات الإسلامية أو جلها،
وهو تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله
على أي أرض لا تحكم بما أنزل الله، هذه الجماعات أو هذه الطوائف لا يمكنها
أن تحقق هذه الغاية – التي أجمعوا على تحقيقها وعلى السعي- حثيثاً إلى جعلها
حقيقة واقعية – إلا بالبدء بما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم.
هذه الاسطر من محاضرة
التوحيد أولاً يا دعــاة الإسلام
للعلامة محدث الشام
محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله تعالى
وبارك الله فيكم
وهي كلمة الإخلاص ..
وهي أول شيء دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام..
وأول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم قومه فقال : قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا .
وهي كلمة التوحيد .
وهي كلمة التقوى..
ومعناها بكل وضوح دون اي تاويل :
( لا إله ) نفي وجود اي اله .. وما اتخذه الناس من معبودات وزعموا انها آلهة فهي على الحقيقة لا تتصف بصفات الالوهية..
( فلا إله ) تنفي جميع الآلهة جملة وتفصيلا.
( إلا الله ) إثبات ان الله تعالى هو الاله الواحد الاحد الحق المتصف بجميع صفات الكمال والجلال المستحق للعبودية والطاعة والمحبة.
كما قال تعالى : (( إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران : 62]
)).
مشكور.
|
وبارك الله فيكم