اعجبني هذا الموضوع فاردت ان اضعه امامكم للافادة
يرى علماء الاجتماع أن الإنسان يميل تدريجياً إلى الاهتمام ببشرته كونها تعكس ما يحدث في عالمه الداخلي ( الجسد ومكوناته ) , ويؤكد أخصائيو الصحة العامة أن هذا الغطاء الواقي يكشف ما يجول بداخلنا من أحاسيس اكثر مما يمكن أن نتخيله بالفعل . فلماذا تبدو بشرتنا متوردة , نضرة وشابة , عندما تكون أحوالنا على ما يرام , وما هو السبب الذي يجعل البشرة تتغضن وتذبل عندما ينال التعب منا , وتنوء ضغوطات الحياة بكاهلها علينا ؟!
الواقع أن علماء الصحة والمتخصصين في البشرة , يجدون منذ زمن بعيد أن ثمة علاقة معقدة بين الحالة النفسية للمرء وبشرته . ولذا دأب أحد الأطباء المشهورين يردد حكمه على مرضاه قائلاً : " عندما ينتعش الدماغ تبتسم البشرة " .
وأصبحت دانييل بومي – راي المتخصصة في علوم البشرة والطب النفسي, مقتنعة تماماً بعد تجاربها مع الكثير من المرضى أن شعور الإنسان براحة نفسية كبيرة وخلو دماغه من الأفكار المنغصة للحياة , كفيل يجعل بشرته شابة متوردة على الدوام . وتعتبر دانييل من أوائل المختصين بعلوم البشرة الذين ربطوا منذ عشرين سنة بين العقل الباطن والبشرة , بمعنى أنها كانت تعالج مرضاها نفسياً للوصول إلى نتائج إيجابية في علاج بشراتهم .
واليوم يأتي العلم ليؤكد ما افترضه الأطباء والعلماء منذ زمن طويل , إذ تشير التجارب المخبرية إلى أن البشرة هي الوعاء الذي يحتضن الرسائل العصبية الصادرة عن الدماغ ( العقل ) . وتعتبر هذه النتيجة خلاصة العلاقة الحميمة بين علوم مختلفة هي : علوم البشرة وسيكولوجية الجهاز العصبي , وطب الأمراض النفسية .
حقائق جديدة
من جهة الإحساس , نجد أن ثمة روابط عصبية متعددة تتواصل مع البشرة التي تعتبر بدورها المستقبل الحسي الفائق وكذلك الدماغ . ويقول الدكتور لورون ميزري المختص والباحث في علوم البشرة في جامعة سانت ايتين بفرنسا أن البشرة هي أحد أكثر الأعضاء ثراء بالألياف العصبية , وهي " الهوائي " الحقيقي الذي يرسل آلاف المعلومات إلى الدماغ عاكسة بذلك كل ما تتعرض له من تغيرات في بيئتها المحيطة .
ويضيف الدكتور ميزري أن بين البشرة والجهاز العصبي علاقة تقارب جنيني وحنيني , حيث تولد هذه العلاقة من الوريقة المضغية المعروفة علمياً باسم طبقة المضغة الظاهرة وبهذه الطريقة فإن ثمة تواطؤأ متبادلاً يحدث على طول حياة الفرد
بين الخلايا الجلدية والخلايا العصبية.ويجب ألا تتملكنا الدهشة إذا وجدنا أن البشرة تمتلئ بالوسائط العصبية التي تتحرر بوساطة النهايات العصبية الواصلة حتى الادمة وتنتقل هذه الرسائل الكيميائية على شكل دفعات من خلال بعض الوسائط التي يمكن
أن نحصي العديد منها كالادرينالين والنوأدرنالين والأسيتيل كولين والدوبامين إضافة الأندورفينات والمورفينات الطبيعية والببتيدات العصبية .ولكن ما هي الطريقة التي تتمكن البشرة من خلالها التقاط أو سبر هذه الجزيئات المنتشرة في الجهاز العصبي , وكيف تستجيب لها ؟ الواقع أن هذه الأسئلة هي أساس الأبحاث التي تجري حالياً هنا وهناك في مختبرات العالم وخصوصاً الفرنسية منها , فمنذ سنوات أراد الباحث لورون ميزري لدى دخوله إلى جامعة ليون , إزالة الحواجز بين التخصصات المختلفة , وأحس بالضرورة الملحة في إيجاد علاقة عميقة بين طب الأمراض النفسية العصبية وعلم البشرة بعدما بدا له الترابط الشديد بين الحالة النفسية وحالة البشرة الظاهرية .
واعتبر ميزري أن الواجهة العصبية للبشرة لم تزل في مهدها أو أنها أرض بوار , سيما وأن القلة القليلة من الباحثين يعلقون أهمية عليها .
ومنذ أن وضع هذا الرجل هذه العلاقة نصب عينيه , بدت له امور كثيرة كانت في طي المجهول . وتبين لللدكتور ميزري انه إذا كانت
البشرة قادرة على الانسجام مع رسائل الجهاز العصبي بطريقة مثلى , فهذا يعني أن خلايا البشرة تحمل مستقبلات قادرة بدورها على الاستجابة نوعياً للوسائط العصبية .ويؤكد ميزري أن الفريق العلمي العامل معه أثبت صحة هذه الفرضية من خلال تجاربه على خلايا الجهاز المناعي , كما تحقق منها فريق آخر من خلايا تجاربه على الخلايا التقرنية والخلايا القتامينية, بمعنى أن ثمة تفاعلات أو ردود فعل محتملة تظرها البشرة لدى انطلاق الوسائط العصبية وتحررها . وتظهر هذه الردود مباشرة على سطح البشرة الظاهري . ويرى ميزري أن بعض الأمراض الجلدية يترجم ظهورها على البشرة نتيجة لوجود كميات كبيرة من الوسائط العصبية المحررة داخل الجسم .
رؤية علمية جديدة
وإذا قدر لنا أن نرى البشرة تحت المنظور , فهذا يعني أن ثمة رؤية علمية جديدة تظهر في الأفق وتؤكد لنا أن عدداً كبيراً من الدلالات تشير إلى أهمية العنصر العصبي للبشرة . ولكن ما هي نتائج هذا الاكتشاف أو هذه الرؤية ؟ لاشك أن هذا الاكتشاف يمنح الثقة لبعض المتخصصين الأوائل في هذا الموضوع سيما وأنهم باشروا بالتوصية في استعمال هذا الدواء أو ذاك كمهدئ أو كمضاد للاكتئاب بغية منهم في علاج عدد من الاضطرابات الجلدية الخطيرة .
وتفتح هذه الرؤية الباب لنوع جديد من العلاج في مجال علم البشرة , إذ بدأ الكثير من الباحثين يفكرون في إنتاج أنواع جديدة من الوسائط العصبية للحؤول ضد عدد لا حصر له من الالتهابات الجلدية التي لا علاج لها حتى الآن , ففي مجال البشرات الحساسة جداً , بدأت مختبرات فن التجميل في إيجاد مستحضرات جديدة للتعاطي مع العلاقة الوثيقة بين الحالة النفسية وحالة البشرة , وبهذا فإن الآثار اليومية التي نلحظها على بشرتنا يجب أن ننظر إليها بطريقة مختلفة , وأن نعمل على تهدئة خواطرنا من الهموم حتى تبقى بشرتنا نضرة على الدوام .