كثيراً ما نتساءل عن صفاتنا عندما ننظر إلى نفسنا في المرآة، بعضنا بعيون زرقاء، وبعضنا عيونه خضراء، والكثير من الصفات التي لا نعرف مصدرها.. ولا نعرف لم نحن هكذا بالتحديد..
علم الوراثة هو العلم الوحيد القادر على تفسير هذه الصفات، ومعرفة مصدرها.. ولنعي تماماً المعلومات الوراثية، لا بدَّ أن نحيط بالعديد من الأفكار الأساسية، ومن ثم ننتقل إلى المعلومات الاختصاصية…
النمط المورثي Genotype : العوامل المورثية (الرموز) المسؤولة عن إظهار النمط الظاهري.
إذاً، لكل كائن حي مجموعة من الصفات والخصائص، يتفرد ببعضها عن كل أبناء جنسه، وبعضها الآخر مشترك بينه وبين باقي أفراد المجموعة الواحدة. وكل تلك الصفات تظهر وفق عمليات ترجمة منظمة لرموز تدعى بـ "المورثات Genes" المحمولة على بنىً تدعى بـ"الصبغيات Chromosomes".
لكن في بعض الأحيان قد تتعرض المورثة إلى تغيير مفاجئ في أحد بناها "الأساسية" مؤدياً إلى اختلاف النمط الظاهري الناتج عن ترجمة تلك المورثة.
و يتراوح الأثر الناجم عن الطفرة ما بين "غير الملحوظ Undetectable" و"القاتل Lethal"، ولا بد أن نعلم أن الطفرة عبارة عن تعديل ضئيل جداً في إحدى المورثات قد ينجم عنه اختلال كبير جداً في شكل الكائن الحي أو أحد وظائفه.
لذا فإن ذلك يخلق لدينا دراية تامة بأنه إذا كانت المورثة تنتقل من جيل لآخر، فبالتالي ستنتقل الطفرة (وأثرها) من الجيل التي حدثت فيه إلى الجيل التالي.
مثال : بيلة الفينيل كيتون Phenylketonuria :بيلة الفينيل كيتون هي مرض ناتج عن اختلال وراثي (طفرة) ينجم عنهُ غياب الأنزيم المسؤول عن تحويل الحمض الأميني الفينيل ألانينن Phynylalanine إلى الحمض الأميني التيروزين Tyrosine.و ينجم عن ذلك تراكم الفينيل ألانين والعديد من السموم التي تؤثر سلباً على صحة المصاب.
ما يهمنا من المثال هو عرض أثر ظاهري خطير ناتج عن طفرة صغيرة جداً.
إن أول من فكر بوجود عوامل مسؤولة عن إظهار الصفات هو العالم والراهب النمساوي غريغور جوهان ماندل Gregor Johan Mendel الذي أجرى بحوثه على نبات البازلاء peas حيث كانت باكورة اكتشافاته ما يلي :
هناك عوامل خاصة Particular Factors تنقل الصفات من الآباء إلى باقي الذرية دون أن يطرأ عليها أي تغيير، وتنتقل تلك العوامل عن طريق عملية الإلقاح التي تتم بين غبار الطلع والبيوض النباتية Ovules لإنتاج أفراد جديدة.
مبدأ ماندل الأول، مبدأ استقلال الصفات :
لقد وصف ماندل – وبشكل مبدئي – أن المورثات لا تؤثر على بعضها خلال عملية التعبير.
وبعبارة أخرى، تنتقل المورثة من جيل لآخر بشكل مستقل عن المورثات الأخرى، فتحاول التعبير عن نفسها عندما تتواجد، وذلك دون وجود علاقات مع المورثات الأخرى.
الجدير بالذكر أن قانون ماندل كان صحيحاً حتى وقت معين، حيث اكتشف ارتباط بعض المورثات ببعضها، وتوضح مفهوم "الارتباط المورثي" الذي سنتكلم عنه فيما بعد.
لنأخذ مثالاً للتوضيح، ففي صفة لون بذور نبات البازلاء ، لماذا هناك بذرة خضراء، وبذرة صفراء؟؟؟
ذلك لأن المورثة المسؤولة عن إظهار لون البذرة لها أكثر من شكل، وكل شكل اسمه "صنوة" حيث هناك صنوة تمنح البذرة لونها الأصفر، وصنوة مختلفة تماماً تمنح البذرة لونها الأخضر.
وبالتالي، فظهور لون معين للبذور محدَّد بتقابل صنوتبن (الصيغة المضاعفة) لمورثة لون البذور، إحدى الصنوتين على الصبغي الأبوي (من الأب) والصنوة الأخرى على الصبغي الأموي (من الأم – الأب الآخر).
أجرى ماندل أولى تجاربه دارساً صفة لون البذور عند نبات البازلاء وفق ما يلي :
أحضر مناندل فردي بازلاء، الفرد الأول أخضر البذور من سلالة صافية (أي متماثل اللواقح)، والفرد الآخر أصفر البذور من سلالة صافية (أي متماثل اللواقح ).. فكان الأفراد الناتجون ذوي بذور صفراء متخالفي اللواقح! (بحسب اكتشاف ماندل).
لماذا كانت البذور الناتجة صفراء وليست خضراء مثلاً؟ أي ما الذي يحدد النمط الظاهري حالة الفرد متخالف اللواقح بالنسبة لصفة معينة؟
إن ذلك لا يحدد بقانون ثابت، فهناك أكثر من قانون يحكم ظهور نمط ظاهري معين لصفة ما، وذلك بالطبع بحسب المورثة.. وللتوضيح لا بد من معرفة مبدأي السيادة التامة والسيادة المشتركة.
السيادة التامة Complete Dominance – الرجحان التام :
إن لذلك التعبير أهمية كبيرة في فهم النمط الظاهري لفرد متخالف اللواقح (الصنوات)، حيث يعني مفهوم السيادة التامة، سيادة إحدى الصنوتين على الصنوة الأخرى المقابلة، وحينها يكون النمط الظاهري وفقاً للصنوة الأرجح (الأقوى – السائدة) أما الصنوة الأخرى فهي موجودة لكن دون أن تعبر عن نفسها أبداً.
و لنعد إلى تجربة ماندل حول لون البذور، فإن الأفراد الناتجين عن التزاوج هم ببذور صفراء، ونمطهم المورثي متخالف اللواقح (صفراء- خضراء)، إذاً "صنوة لون البذور الأصفر هي الراجحة دون أدنى شك".
السيادة غير التامة (المشتركة) Incomplete Dominance – الرجحان المشترك :
ولهذا التعبير أيضاً أهمية كبيرة في تفسير بعض الأنماط الظاهرية الناتجة عن نمط مورثي متخالف اللواقح (الصنوات)، حيث أنه – وفي أمثلة غير لون بذور البازلاء – نجد أنماطاً ظاهرية مشتركة بين الصنوتين الموجودتين، أي أن كلتا الصنوتين عبرتا عن نفسها، وبشكل متساوي.
إن هذا المفهوم لم يتوصل إليه ماندل، كونه اقتصر تجاربه على صفات تعتمد في ظهورها على قانون السيادة التامة – الرجحان التام.
مثالا عن السيادة المشتركة – الرجحان المشترك..
الزمر الدموية ، فجميعنا نعلم بوجود أشخاص زمرتهم الدموية AB، وذلك يحصل لأن العلاقة بين المورثتين A، B هي علاقة سيادة مشتركة، حيث لا ترجح الـA على الـB ولا العكس أيضاً، وإنما تعبر كلتا الصنوتان عن نفسيهما في حال كان الفرد متخالف اللواقح نمطه الوراثي (A-B) ليكون نمطه الظاهري AB حيث تتواجد مستضدات الـA ومستضدات الـB معاً لأن الصنوتين قد عبرتا عن نفسيهما بشكل متساوي..
إن ماندل بصراحة لم يعي تماماً نتائج أبحاثه ولم يعرف أسبابها الحقيقة، ولكن لا بدَّ خلال تعلم الوراثة وأسسها أن ندرس المبادئ التي توصلَّ إليها ماندل أولاً، لأنها هي ما قادنا إلى التطور الوراثي الذي نحن عليه الآن.
عجبني موضوعك بزاااااف
تقبل تحياتي +مودتي
بيكـــهام
تشاو تشاو
اتمنى الاتستفادة
على فكرة أنا طالبة في علم الوراثة و هو علم جد مهم و يحلو فيه البحث خاصة عند التعمق فيه
سلام
|
اتمنى الاستفادة
الله ينجحك في الدراسة تاعك لكي التحية
الشكر لكي على المرور وتصفح الموضوع