لا شك أن الالتحام الحادث بين التكنولوجيا والعلوم الطبية هو أمر حتمي، ونكاد لا نتخيل حياتنا بدون هذا الاندماج فلولاه لما رأينا أجهزة الآشعة المتطورة وأجهزة التحاليل الطبية المعقدة ولا سيما أجهزة الجراحات الميكروسكوبية.
ولكن هل فكرت يومًا ماذا سيحدث إذا تم هذا الاندماج بين (أحدث) ما توصلت إليه التكنولوجيا و (أحدث) ما توصل إليه الطب ؟
إجابة هذا السؤال تتلخص في التالي :
- سوف تستطيع أن تحصل على نسخة كاملة من عضلة قلبك التي أرهقتها طوال سنوات حياتك ويستبدلها لك الأطباء لتعيش حياتك الطبيعية من جديد.
- هل فقدت يدك في حادث سير ؟ لا تقلق ورحب بيدك الإلكترونية الجديدة القادرة على فهم الإشارت الكهربية القادمة من مخك لتحاكي يدك الطبيعية بالضبط.
- أنت الآن في طائرة صغيرة للتنزه وقد أصيب الطيار بأزمة قلبية وأنت لا تعرف كيف تهبط بالطائرة ؟ حسنًا لا تقلق، سيقوم أحد أفراد الطوارئ بالإتصال بمخك عن بعد والتحكم في يديك وتحريكها عن بعد أيضًا ويجعلك تهبط بالطائرة بسلام !
- كم مرة تألمت من حقن نفسك بالإنسولين يوميًا ؟ أو حتى استخدام القلم الطبي لأخذ جرعات الإنسولين والذي في الغالب يترك أثر على الجلد في كل مرة ؟ عزيزي -المريض بداء السكري- لقد انتهى هذا العصر للأبد ! الآن يمكن زرع جهاز صغير تحت الجلد لمدة عشر أو عشرين عامًا، يقوم خلالها بإطلاق جرعات الإنسولين المناسبة لاحتياجات جسمك دون أن تشغل نفسك بالجرعات التي كنت معتاد على حفظها وتتغير بميعاد الأكل، ليس هذا فحسب، ما رأيك بأن تتحكم في هذه الجرعات-إن أردت- عن طريق هاتفك الذكي ؟
هذا أقل شيء سوف نحصل عليه إذا حدث هذا الإندماج العظيم،
المفاجأة….
أن هذه الإنجازات قد حصلت بالفعل !
نعم كل الذي سردته بالأعلى تم اختراعه أو اكتشافه والبعض تم تطبيقه أيضًا…
دعونا نبدأ بـ“ثورة الخلايا الجذعية والطباعة ثلاثية الأبعاد” :
الكل أصبح يعرف أن الخلايا الجذعية هي تلك الخلايا التى لها القدرة على التحول إلى أنسجة الجسم المختلفة من قلب و مخ وكبد وغيره، إذا أتيحت لها الظروف المناسبة لذلك (مثل رحم الأم وأنت لا زلت صغيرًا !)
الجديد هنا : أصبح الآن من الممكن أن تتم طباعتها بواسطة طابعات الـ 3D المنتشرة حديثًا.
الفضل في ذلك-كما يقول Will Shu من جامعة Heriot-Watt البريطانية- إلى استخدام نوع معين من فتحات الطباعة Printing nozzles التي لديها القدرة والدقة على طباعة وتركيز كم معين من الخلايا في أماكن دقيقة للغاية، مما يساعد على طباعة نسيج خلوى يمكن فيما بعد أن ينمو إلى قلب أو كليه أو حتى جلد ليستخدم في جراحات التجميل وعلاج الجروح.
بمعنى آخر “ينتج من الطباعة نسيج خلوي قادر على النمو ليصبح “كبد إنسان” نستخدمه في زرع الأعضاء بدلاً من انتظار قائمة التبرع بالأعضاء أو الوقوع في المشاكل الدينية/الإنسانية التي حيرت العالم في مجال التبرع بالأعضاء”
انتهى هذا العصر للأبد فنحن الآن في عصر اطبع أعضاءك البشرية في بيتك !
للنطلق الآن إلىثورة الـ “Neuroprosthetics” أو ما يسمى بالـ “الإستعاضة العصبية” :
توصل المهندسين الآن في وقت كتابة هذا المقال إلى نماذج متعددة من الأطراف الصناعية المتطورة الذكية التي تستطيع الإحساس بالذبذبات الكهربية الصادرة من المخ و تحليلها وفهمها وتحويلها إلى ذبذبات أخرى يفهمها ذلك المعالج المتطور في الطرف الصناعي ويحولها إلى حركة طبيعية جدًا لهذا الطرف الصناعي دون أي تدخل من الإنسان-اللهم إلا استخدام عقله بأن يفكر بتحريك طرفه !- كما كان يفعل طوال حياته قبل التعرض للحادث الذي فقد فيه طرفه !
ما رأيناه هنا هو مثال جيد للربط بين المعالجات، نعم أقصد المعالج الذي يعمل في مخك والمعالج الذي يعمل في الطرف الصناعي، ففهم طبيعة عمل كلا المعالجين هو الذي ساعد على ظهور تلك الأطراف الذكية.
مهلًا … هل كنت لا تدري أن عقلك يعمل كمعالج له سرعة معينة لمعالجة البيانات “ويمكن كسر هذه السرعة OverClocking” وذاكرة مخبأة تمامًا كمعالج حاسبك الذي تقرأ منه هذا المقال ؟ حسنًا هذا موضوع آخر سنتطرق إليه في حلقة قادمة…
فقد حان الوقت الآنلـ “اختراق الدماغ البشري” !
يبدو أن هؤلاء الـ “Geeks” المسمون بـ Biomedical engineers لم يكتفوا “بفهم” طريقة عمل الدماغ البشري وتحليل إشاراته والإستفادة منها، بل قرروا “اختراق” هذا الدماغ،
فلقد تمكن الباحث Rajesh Rao في University of Washington من التحكم عن بعد في ذراع زميله الباحث Andrea Stocco وجعله يضغط على زر الـ Space-bar في لوحة المفاتيح مع العلم أنهم كانوا بمعزل عن بعضهم البعض !
وقد وضح الباحثين عن مدى الإستفادة من مثل هذا “الاختراق” في عمليات الإنقاذ العديدة مثل التحكم في ذراع طفلك المحبوس خلف هذا الباب المغلق عليه من الداخل، والهبوط بالطائرات لغير المتخصصين وغيرها…لنختم بـ
أسطورة الـ “Microvalve” ومرضى السكري :
أسطورة ولكن تحققت بالفعل، جهاز صغير يزرع تحت الجلد لا يحتوى على أي دوائر إلكترونية بينما في المقابل يحتوي على مجسات أو حساسات بيولوجية تستطيع التعرف على نسبة الجلوكوز في الدم وعلى هذا الأساس يقوم باطلاق كميات محسوبة بدقة من الإنسولين ليعادل مستوى الجلوكوز في الدم ويعيده إلى مستواه الطبيعي مرة أخرى، الميزة أن المستودع الذي يحتوي على هذا الإنسولين يقع خارج الجسم مما يسمح بعملية إعادة التعبئة من قبل المريض ودون الحاجة إلى أي جراحات من قبل مختصين، وأيضًا عدم وجود دوائر كهربائية أو بطاريات أدى إلى إطالة عمر هذا الجهاز المزروع وأصبحت الحاجة إلى تبديله تستغرق سنوات عديدة قد تصل إلى عشرين عامًا …
بعد هذا الوقت الممتع الذي قضيناه مع التكنولوجيا والطب يجب ألا ننسى أن شعارات المستقبل ستكون غير مألوفة على الإطلاق مثل:
- اطبع قلبك بنفسك !
- لا تنس تحميل “نظام الجري” “Running mode” على طرفك الصناعى قبل أن تذهب للنادي غدًا !
- السلطات الأمريكية تسن قانونًا يجرم اختراق دماغ المواطنين بدون إذن قانوني !
- مضخة أنسولين متطورة على شكل قلب تزرع تحت الجلد في اليد على شكل سوار وعليها مضخة هدية لفترة محدودة !
في كل يوم هناك اكتشافات جديدة
وتطور مستمر في التكنولوجيا
شكراً على الموضوع الرائع