الطريق الأول: (وهي الطريقة المثلى والطريقة العُليا) هي طريقة التلقي، مُشافهة عن أهل العلم، فهذه الطريقة إن لم يكن كُلها صوابا فجُلَّها، بمعنى أن الخطأ لدى أهلها قليل إلى جنبِ صوابهم، وهذه الطريق هي طريقة الصحابة – رضي الله عنهم – فإنهم أخذوا عن النبي- صلى الله عليه وسلم – المشافهة علم الشريعة وقد يأخذ بعضهم عن بعض عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة أخذ الأئمة من التابعين مثل سعيد بن جُبير وسعيد بن المسيب وعِكرمة مولى ابن عباس وأبي العالية الرياحي والشعبي وأبي سيرين محمد وأنس وعُروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر وخالد بن زيد وأمثالهم من الأئمة، ثم أخذ عن الأئمة التابعين الأئمة الذين بعدهم كالأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين وليث بن سعد والبخاري ومسلم وغيرهم ممن هو من أهل العلم والإيمان والفضل وجلالة القدر وفي سبيلها كانت الرحلات الطويلة فيرحل عالم إلى قُطر وحين وفوده عليهم فإنه يأخذ من علمائهم ويأخذ عنه طلاب العلم، هذه أفضل طريقة وأصوب طريقة.
الطريقة الثانية: وسيذكر المُصنف في ثنايا هذا الكتاب ولا أدري نأتي عليه الليلة أو فيما بعد إن شاء الله تعالى، أثرا عن جابر – رضي الله عنه – أنه رحل من أجل حديث واحد ، وكان أهل هذه الطريق يطلبون الإسناد العالي فكُلما علا الإسناد عندهم فهو أفضل.
الطريق الثانية طريقة التحصيل الذاتي وهذه قسمان:
الأولى: طريقة أخذ أهلها ما يسر الله لهم من أصول العلم الشرعي من أهله، مُشافهة، ثم بعد حذقهم هذا العلم وقواعده وأصوله فإنهم يستقلون بأنفسهم لأن أشياخهم زكّوهم وأثنوا عليهم خيرا، ومن طريق ما يُروى قول الإمام مالك – رحمه الله -:"ما أفتيْتُ حتى أذن لي سبعون من مشايخي".
قالوا:"ولو لم يأذنوا لك؟".
قال: "ما أفتيت".
بل وكان من حرصهم ومن عظيم عنايتهم بهذا أن العالم يأخذ الإذن أولًا من شيخه.
وثانيًا يأخذ منه تحديد المكان الذي يُعطي العلم فيه فإن هذا الصنف لا بد لهم من تحصيل مُستقل، يستقلون به، يتلقوْنه بأنفسهم فهذا القسم ينبني على الطريق السابقة لأنه يندر أن يُلازم تلميذٌ شيخهُ حتى يموت هذه نادرة أو يموت التلميذ هذه نادرة.
القسم الثاني: وهم من استقلوا بالتحصيل بأنفسهم ولم يتتلمذوا على أشياخ فهذه الطريق الخطأ فيها أكثر من الصواب لأن سالك هذه الطريقة يعتمدُ على نفسه وعلى فهمه ولم يتلق أصول العلم الشرعي عن أهله، يُصيب ويُخطأ ولكن الخطأ في أهل هذا القسم أكثر من الصواب ولهذا قيل قديمًا :"من كان شيخهُ كتابه فخطأهُ أكثر من صوابه".
بارك الله فيك أبو ليث
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا .