سيد الاستغفار : ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شرما صنعت أبوء بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )
فالغفران والمغفرة مأخوذة من الغفر وهو الستر فكأنها ستر الذنوب أو وقاية شرها مع سترها ولهذا يسمى ما ستر الرأس ووقاه في الحرب مغفر ولا يسمى كل ساتر للرأس مغفراً
وبالاستغفار تُكشف الكروب وتُمحى الذنوب وتستر العيوب وتنظف القلوب وبه تنزل البركات من السماء وتحصل الأموال والبنين وأعظم من هذا كله جنات النعيم قال الله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إن كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )
والاستغفار عبادة لله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدعاء هو العبادة )
كل محتاج إلى الاستغفار حتى الأنبياء والرسل والملائكة عليهم الصلاة والسلام ولقد كان نبينا وقدوتنا يكثر من الاستغفار والعبادة الشيء الذي نحن أكثر حاجة إليه لدنو حالنا ولضعف إيماننا فعلى العبد بالاجتهاد في الامتثال علماً وعملاً فلا يزال مجتهداً في العلم فيما أمر الله به والعمل بذلك ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعديه الحدود ولهذا كان من المشروع أن يختم جميع الأعمال بالاستغفار )
في الحديث ( من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار )
مسألة : في الجمع بين كونه عليه الصلاة والسلام أكثر الخلق استغفاراً وكونه مغفوراً له أجيب بعدة أجوبة :
1-( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم الغين مأخوذ من التغطية وهو كناية عن الاشتغال عن المراقبة بالمصالح الدنيوية فإنها وإن كانت مهمة فهي في مقابلة الأمور الأخروية كاللهو عند المراقبة وقال ابن الأثير في جامع الأصول ( 4/386) (ليغان على قلبي ) أي ليغطى ويغشى والمراد به السهو لأنه كانe لا يزال في مزيد من الذكر والقربة ودوام المراقبة فإذا سها عن شيء منها في بعض الأوقات عده ذنباً على نفسه ففزع إلى الاستغفار )
2- ما قاله ابن الجوزي رحمه الله : أن هفوات الطباع البشري لا يسلم منها أحد والأنبياء وإن عُصموا من الكبائر فلم يُعصموا من الصغائر
3- ما قاله ابن بطال : إن الأنبياء أشد الناس اجتهاداً في العبادة فلما أعطاهم الله تعالى من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير
4- أن استغفاره تشريع لأمته كي يقتدوا به ويحذوا حذوه على هذا الطريق
فضل الدعاء في موضعه على غيره : قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب ( قراءة القرآن أفضل من الذكر ، والذكر أفضل من الدعاء هذا من حيث النظر إلى كل منهما مجرداً وقد يعرض للمفضول ما يجعله أدنى من الفاضل بل يُعيّنه فلا يجوز أن يُعْدَل عنه للمفضول قال كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها وهكذا الأذكار المقيدة بحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة اللهم إلا يعرض للعبد ما يجعل الذكر والدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر في ذنوبه فيُحدث ذلك توبة واستغفاراً أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحفظه وتحوطه )
( وهكذا الصابون والأشنان أنفع للثوب في وقت والتجمير وماء الورد ونحوه أنفع في وقت )
الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة فديوان لا يعبأ الله به شيئاً وديوان لا يترك منه شيئاً وديوان لا يغفره الله ، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، قال الله عز وجل (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم تركه أو صلاة تركها فإن ليغفر ذلك ويتجاوز إن شاء وأما الديوان الذي لا يترك منه شيئاً فظلم العباد بعضهم بعضاً القصاص لا محاله ) رواه أحمد * ديوان لا يعبأ الله به شيئاً وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه فهذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محواً فإنه يمحى بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ونحو ذلك بخلاف ديوان الشرك فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد
لماذا سمي سيد الاستغفار ؟
ومن أسمائه سبحانه الغفار والغفور وهما من أبنية المبالغة ومعناهما : الساتر لذنوب عباده وعيوبهم المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم
أفضلية هذا الدعاء على غيره من الأدعية :
ثم استدرك على نفسه أنه مقيم ذلك بحسب طوقه واستطاعته لأنه أعجز وأقل وأضعف من تأدية الربوبية حقها والقيام على العهد والوعد من غير انحراف ما ثم إنه استعاذ به سبحانه من شر كل ما صنع من التقصير في القيام بما يجب عليه من شكر الإنعام ومن ارتكاب الآثام
ثم أقر واعترف بترادف نعمه عليه وبما يصيب من الذنوب والمعاصي ثم سأله سبحانه المغفرة من ذلك كله معترفاً بأنه لا يغفر الذنوب سواه سبحانه
( اللهم ) زيدت الميم للتعظيم والتفخيم قال ابن القيم : وهذا القول صحيح لكنه يحتاج إلى تتمة وقائله لحظ معنى صحيحاً لا بد من بيانه وهو أن الميم تدل على الجمع وتقتضيه ومخرجها يقتضي ذلك وهذا مطرد على أصل من أثبت المناسبة بين اللفظ والمعنى الميم حرف شفهي يجمع الناطق به شفتيه فوضعته العرب علماً على الجمع
( أنت ربي لا إله إلا أنت ) إن الحديث النبوي في هذا الدعاء المأثور عن ينبوع الحكم ومعدن الفصاحة والبلاغة ومن أوتي جوامع الكلم واشتمل على التوحيد الذي هو المقصود من خلق العالم توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلهية
( خلقتني ) إن خلق الإنسان عجيب تفكري كيف ميزك الله بالعقل واحمدي الله على هذه النعمة العظيمة انظري إلى من ابتلوا بالتخلف العقلي أو من فقد عقله وخرف ، تفكري في خلق عينيك وأنفك وفمك وأذنيك تفكري في الحواس الخمس وما ميز الله الجلد من قدرة على الإحساس تفكري في قلبك وكم يضخ من الدم وفي كليتيك وما تنقي وفي معدتك كيف تهضم الطعام فالحمد لله على العافية والنعم العظيمة
( وأنا عبدك ) درجة العبودية أفضل الدرجات وأرقى المنزلات ولهذا فضل الله تعالى بني آدم بها ودعاهم إليها وقد ثبت أنه سبحانه أرسل إسرافيل إلى النبيe يخيره بين أن يكون ملكاً نبياً أو عبداً نبياً فنظر إلى جبريل كالمستشير فأشار إليه أن تواضع فقال ( بل أكون عبداً نبياً ) وقد ذكر الله نبيه محمد في أشرف مقاماته في
مقام الإسراء ( سبحان الذي أسرى بعبده) ، مقام الدعوة ( وانه لما قام عبد الله يدعوه ) ، وفي مقام التحدي ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله )
( وأنا على عهدك ) أي ما عاهدتك عليه من الإيمان بك والإقرار بوحدانيتك لا أزول عنه وأنا على وعدك الذي وعدتك عليه من الاعتراف بعبوديتي لك ولربوبيتك ثم استثنى بقوله ( ما استطعت ) أي مدة دوام استطاعتي وقيل إني مستمسك بما عهدته إلىّ من أمرك ونهيك ومُبْلي العذر في الوفاء به قدر الوسع والطاقة وإن كنت لا أقدر أبلغ كنه الواجب فيه
( أعوذ بك ) ألتجي إليك وأعتصم بك
( من شر ما صنعت ) أي من شر صنعي أو من شر الذي صنعته
( أبوء لك بنعمتك علي ) باء إليه إذا رجع وانقطع ( أرجع على نفسي بالإقرار والاعتراف ) أعترف لك طوعاً بنعمتك قال في الفتح : أصل البوء اللزوم ومنه أبوء بنعمتك : أي أُلزمها نفسي وأُقر بها ولفظ النعمة – بنعمتك – وإن كان مفرداً لكنه مضاف فيعم كل نعمة من الظاهرة والباطنة من نعمة الإيمان والوجود من العدم والسمع والبصر وفي ( أبوء لك بنعمتك علي ) اعتراف وإذعان بعظم نعم المنان عليه وترادف الفضل والإحسان لديه وفي ضمن ذلك شكر المنعم سبحانه وتعالى ( ولئن شكرتم لأزيدنكم )
( وأبوء بذنبي ) :إثمي فالذنب هو الإثم والجمع ذنوب وإنما سمي ذنباً لتوقع المؤاخذة عليه لترتبها على فعله ويشمل فعل كل محظور وترك كل واجب
تنبيه : بعض ما ورد في محو السيئات قال e ( اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) ظاهر الحديث كظاهر الآية (إن الحسنات يُذهبن السيئات ) وما شابه ذلك من الآثار أن السيئة تمحي من صحف الملائكة بالحسنة إذا عملت بعدها
( فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) وحدك لا شريك لك والاعتراف بمحو الاقتراف كما قيل فإن اعتراف المر يمحو اقترافه ومنه الإقرار بالوحدانية واستجلاب المغفرة فهو كقول الله تعالى ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ) فأثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار تلويح بالأمر به كما قيل إن كل شئ أثنى الله على فاعله فهو آمر به وكل شئ ذم فاعله فهو ناه عنه كما في الفتح بمعناه
ولما كان العبد لا ينفك عن نعمة يشكر عليها مولاه ومصيبة يصبر عليها امتثالاً لأمر الله ورضاء بقضائهأو معصية يستغفر الله ويتوب إليه منها
فإذا أراد الله سبحانه بعبده خيراً فتح له من باب التوبة والاستغفار والذم والانكسار والذل والافتقار ودوام التضرع والابتهال والدعاء ما تكون تلك السيئة سبب رحمته حتى يقول عدو الله ياليتني تركته ولم أوقعه فيها
( أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي ) العبد بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان ومطالعة عيب النفس ويوجب الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت وأن لا يرى نفسه إلا مفلساً
من أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنبت ذنباً لم يرج مغفرته من غير ربه ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره في الحديث القدسي الذي رواه أبي ذر رضي الله عنه مرفوعاً ) إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت ما كان منك ولا أبالي ) يعني : على كثرة ذنوبك وخطاياك فلا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره وفي الصحيح ( إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شئ ) فذنوب العباد وإن عظمت فعفو الله ومغفرته أعظم منها فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته
من أسباب المغفرة :
في الحديث ( أن عبداً أذنب ذنباً فقال : رب أذنبت ذنباً فاغفر لي : قال الله عز وجل : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب فغفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فقال) وفي رواية لمسلم أنه قال في الثالثة ( قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء ) والمعنى ما دام على هذه الحال كلما أذنب استغفر والمراد الاستغفار المقرون بعدم الإصرار وأما استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده وربما يكون الإصرار مانعاً من الإجابة فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار
حالات المستغفر : إن قال العبد أستغفر الله وأتوب إليه فله حالتان : أن يكون مصراً بقلبه على ذنبه فهذا كاذب في قوله وأتوب إليه لأنه غير تائب ولا يجوز له أن يُخبر عن نفسه بأنه تائب وهو ليس بتائب
وأن يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه فالجمهور على جواز أن يعاهد العبد ربه على ألا يعود إلى المعصية أبداً فإن
العزم على ذلك واجب عليه فهو مخبر بما عزم عليه في الحال
في حديث كفارة المجلس ( أستغفرك وأتوب إليك )
( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) البخاري مع الفتح 11/101
( يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم 4/2076
( من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له وإن كان فر من الزحف ) أبوداود والترمذي وهو صحيح
كان يعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم ( رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور ) صحيح الترمذي 3/153
(( رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم )
في دبر الصلاة ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عنك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) رواه البخاري ومسلم
( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) رواه مسلم 1/534
( من قالها في النهار موقناً بها ) الضمير في قالها يعود إلى الدعاء المذكور وأنثها باعتبار الكلمات ( أي من قال الكلمات ) المذكورات وظاهر هذا إطلاق سائر أوقات النهار وفي لفظ ومن قالها حين يصبح
( موقناً بها ) ومعتقداً لها لكونها من كلام المعصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإخلاص في ذكر سيد الاستغفار يُشهد العبد جميع منازل العبودية
( قوله ( فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ) أي افتتح نهاره بتوحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والاعتراف بالعبودية ومشاهدة المنة من إسداء النعم ومطالعة عيب النفس والعمل من مقارفة المعاصي واللمم وطلب المغفرة من الغفار وهو قائم على قدم الذل والافتقار ، وضارع بأكف الابتهال والاحتقار بطلب الإقالة والرجوع ويسفك الدموع
فلا جرم من كان هذا حاله وفعله ومقاله جديراً بالعفو والغفران والعتق من حر النيران والدخول في حزب الرحمن والخلود في الجنان
( ومن قالها من الليل وفي لفظ حين يمسي وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح وفي لفظ فمات من ليلته ) دخل الجنة وفي لفظ كان من أهل الجنة .. الحديث أخرجه البخاري 7/150
أختي الكريمة : ما أحرانا بكثرة الاستغفار لأن ذنوبنا كثيرة وقد لا نشعر بكثير منها فمنا من تقع في الغيبة ثم تبرر لنفسها بقولها هذا الكلام لمصلحة أو تكذب وتقول للمصلحة وقد تتقاعس عن الفرائض أو الواجبات وتقول للضرورة والحاجة نحن بأمس الحاجة لمحاسبة أنفسنا فلا نزكيها بل نتهمها ولا نسلمها للكسل والتواني بل نجاهدها على الطاعات إذا أردنا الفوز بالجنات
أسأل الله أن يغفر لنا ولكم وللمسلمين وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
» شبكة حصن المسلم
|
بارك الرحمن فيمل تخط
يعني لازم واحد يتفرغ لمتابعتك ؟؟؟؟؟؟؟ ~_ ..>> لايقصد
ليس لكثرة ما اقدمون من خير بل لضيق وقتنا ….. نسال الله البركة لي و لك و لحميع المسلمين في اوقاتهم و اعمارهم و همرها بكل خير و هدى و تقى …….
|
جميييييييييل جدا الله اكبر اللهم اغفر لنا يا رب ………
واصل فقط و سلامي
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجمعنا واياكم في مستقر رحمته على سرر متقابلين, انه ولي ذلك والقادر عليه.