<h2 style="TEXT-ALIGN: center">من صحابة الرسول – صلى الله عليه وسلم –
سهيلة بنت ملحان الصحابية التي كان صداقها الإسلام
</h2>
هي أم سُليم بنت مَلْحان بنت خالد، أم أنس بن مالك، وهي مجاهدة جليلة، ذات عقل ورأي، أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وبايعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فغَضِب منها زوجها مالك بن النضر، أبو أنس بن مالك غضبًا شديدًا من إسلامها، وقال لها: أصبوتِ؟ قالت: ما صبوتُ، ولكن آمنتُ بهذا الرجل، ثم جعلت تلقِّن أنسًا، وتشير إليه بقولها: "قل لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمدًا رسول الله"؛ فكان مالك يقول لها: لا تفسدي عليَّ ابني، فتقول له: لا أُفسِده، ثم خرج مالك يريد الشام، فلقيه عدو فقتَله، فلما بلغها قتْلَه، قالت: لا أَفطِم أنسًا، حتى يَدَع الثَّدْي، فخطبها أبو طلحة، وهو مشرك، فأبت، وقالت له: يا أبا طلحة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده هو حجر لا يضرك ولا ينفعك، أو خشبة تأتي بها إلى النجار، فينجرها لك، هل يضرك هل ينفعك؟ أفلا تستحيي من عبادتك هذه؟ فإن أسلمتَ، فإني لا أريد منك صداقًا غير إسلامك، فوقع الإسلام في قلب أبي طلحة، ونطق بالشهادتين، فتزوَّجته، وكان الصداق بينهما الإسلام، وروت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أربعة عشر حديثًا، وشَهِدت غزوة أحد، وسقت فيها العطشى، وداوت الجرحى، ثم شهدت غزوة حُنَين، وأبلت فيها بلاءً حسنًا؛ فحزَمت خنجرًا على وسطها وهى حامل يومئذٍ بعبدالله بن أبي طلحة, فقال أبو طلحة: يا رسول الله، هذه أم سُليم، معها خنجر، فقالت أم سليم: يا رسول الله، أتخذ ذلك الخنجر إن دنا منى أحد من المشركين، بَقَرت بطنه, وأقتل هؤلاء الذين يفرون عنك، فقال لها الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ((يا أم سُليم، إن الله قد كفى وأحسَن)).
وهي التي أخذت بيدي ولدها أنس بن مالك، فأتت به رسول الله – صلى الله على وسلم – فقالت: يا رسول الله، هذا ابني وهو غلام وهو خادم لك, قال أنس: فخدمته تسع سنين، فما قال لي لشيء قط صنعتُه أسأتَ، أو بئس ما صنعتَ.
ولما تزوَّجت بأبي طلحة رُزِقت منه غلامًا يسمى "عميرًا"، ومرض الغلام مرضًا شديدًا، وقبل أن يخرج أبوه سعيًا وراء لقمة العيش، قبَّل ابنه وخرج، ولكن الموت رفرف على الغلام وأبوه غائب، فقامت الصحابية الجليلة وغسَّلت ابنها، وكفَّنته، وصلت عليه أربع تكبيرات، وحفرت له قبره ودفَنته، ولما عاد زوجها ليلاً، قامت فهيَّأت له نفسها، وأعدَّت له طعامه، فأكل ثم سألها: كيف عمير؟ قالت له: يا أبا طلحة، إن عميرًا بات الليلة لا يشتكي تعبًا، نام نومًا هادئًا, ونام معها زوجها في تلك الليلة، وقبَّل أن يتوجه لصلاة الفجر مع الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال لها: أين عمير؟ فإني أريد أن أقبِّله قبل أن أذهب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت: يا أبا طلحة، إني حزينة، قال: ولِم؟ قالت له: لقد أخذت من الجيران شيئًا طلبوه مني، فقال لها: أتحزنين إذا أخذوا وديعتهم؟ فقالت له: أتحزن يا أبا طلحة إذا أخذ الله منا وديعته؟ وعند ذلك لم يَسَع أبا طلحة إلا أن قال : إنا لله وإنا إليه راجعون، وذهب إلى المسجد، وصلى مع الرسول – صلى الله عليه وسلم – وشكا له زوجتَه، فدعا له، وقال: ((بارك الله لكما فى ليلتكما))، فرزقهما الله عشرة من الذكور كلهم حفظوا القرآن.
لفُضِّلت النساء على الرجال
ولا التذكيرُ فخرٌ للهلال