نحن جميعا مهمومون بأمر بلادنا وأحوال شعوبنا، وأخبار اقتصادنا ووسائل الإعلام هداهم الله منهم من يغرر بنا ومنهم من يورثنا الخوف والفزع والجزع ومنهم من يجعلنا نمشي دائماً وأبداً في هلع
منهم من يقول عن قريب لن تجدوا رغيف الخبز وفي الصيف لن تجدوا لمبة مضاءة بالكهرباء وغيرها من أمور التخويفات التي جعلت الناس جميعاً في هذا البلد الكريم المطمئن يمشون دائماً وأبداً مشغولون بما سيكون وما سيحدث لنا ولأولادنا ولأهلينا ولإخواننا
أمام ذلك كله ماذا نفعل؟ نسينا أو تناسى كبارنا وعلماؤنا ووسائل إعلامنا ما تحدَّث به نبينا صلي الله عليه وسلم وهو المعصوم عن هذا الذي نحن فيه الآن ورسول الله صلي الله عليه وسلم تحدَّث عن كل شيء سيحدث في أمته إلى يوم الدين
وعندما تقرأ أو تسمع أحاديثه تجده كأنه يعيش بيننا الآن يصف الحال وصفاً سديداً ولكنه لا يكتفي بالوصف وبالمقال وإنما يعرض روشتة لصلاح الأحوال فيها النجاة في الدنيا والفوز بالحسنى في المآل لمن سعد بذلك وعمل بالذي قاله النبي صلوات ربي وتسليماته عليه
عندما نتدبر ما قاله النبي في هذا الزمان وفي هذا الأوان تطمئن قلوبنا وترتاح نفوسنا وتنشرح صدورنا لأنه صلي الله عليه وسلم وهو الذي قال فيه ربه {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} النجم
كلامه فصل وجد وليس هزل ليس بعد كلام النبي صلي الله عليه وسلم كلام لأنه وحي من الله يطمئننا فيقول صلي الله عليه وسلم {سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَيْنِ وَلَمْ يُعْطِنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لا يَقْتُلَ أُمَّتِي بِسَنَةِ جُوعٍ فَيَهْلَكُوا فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِي}[1]
طمأننا الحبيب صلي الله عليه وسلم أن هذه الأمة كلها في رعاية الله وعناية الله لن تموت من الجوع ولا من ندرة الماء والعطش ولا غيرها من الهموم التي نحملها جميعا في هذا الزمان لا سيما وإنها أمور تكفل بها وضمنها لنا الرحمن لم يجعل هذه الأمور في وزارة التموين ولا في دواوين رئيس الوزراء ولا غيره وإنما قال لنا لنطمئن أجمعين {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } الذاريات22
فالرزق محدد في السماء عند من يقول للشيء كن فيكون والله قد جهز كل مسلم بسلاح إلهي يستطيع أن يفك به كل المضايق وأن يفرج به كل الشدات وأن يخرج به ويحل به كل المشكلات ما هذا السلاح؟
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ} غافر60
لم يقل الله ادعوني فأنظر في أموركم ثم أقرر ماذا يصلح لأحوالكم أو انتظروا حتى أعرض هذا الأمر على مجلس الشورى ولا حتى انتخابات الشعب أو غيره ولكن يستجيب فورا للمؤمنين والمؤمنات وخاصة في الأمور الضروريات التي لا غنى عنها لأي إنسان أو حيوان
لو ذهب أي مسلم إلى أي صحراء جرداء لا فيها زرع ولا ماء وأخذ العدة التي أمر أن يتجهز بها المؤمن سيد الرسل والأنبياء وهي عدة إجابة الدعاء أن يأكل حلالاً أباحه الله ولا يتحايل في الحصول على الرزق بكيفية تخالف شرع الله وتنافي ما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم
وهذه هي الطامة الكبرى التي حدثت في زماننا المؤمنون يتركون منهج النبي والهدي الإلهي ويحاولون أن يدلسوا على إخوانهم ويغشوا إخوانهم المؤمنين في بيعهم وشرائهم وأمور معايشهم ليكدسوا الأموال كما يظنون وإن كانوا يخرجون بهذا الأمر من أمة الحبيب المختار لأنه يقول {مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا}[2]
ثم يلحون في الدعاء ولا يستجيب الله لقوله صلي الله عليه وسلم {الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ}[3]
كيف يستجاب له وهو قد غذى جسمه وألبس جسده من الحرام الذي حرَّمه الله؟ لا يطلب الله لإجابة الدعاء كثرة عبادات ولا إحياء الليل في ركعات وسجدات ولا قطع النهار في تلاوة الآيات الكريمات المباركات أبداً والله كل ما يطلبه وهو سهل على كل عبد أن يراقب الله فيما يحصل عليه من الأقوات فلا يحصل إلا الأرزاق الحلال وبالطريقة الشرعية التي وضحها الله وبينها في هديه سيدنا رسول الله
إذا فعل ذلك كان كل دعاء له مجاب لو ذهب إلى أي أرض صحراء جرداء وليس فيها زرع ولا ماء وصلى ركعتين ودعا الله فإن الله يرسل له السحاب أين كان وكيف كان يغيثه بالماء وكان على هذا الهدي الكريم رسولنا وأصحابه المباركين ومن بعدهم من السلف الصالح أجمعين
[1] مسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل
[2] صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة
[3] صحيح مسلم وسنن الترمذي والدارمي عن أبي هريرة
الأشفية النبوية للعصر_الخطب إلإلهامية العصرية_ج1
منقول من كتاب [الأشفية النبوية للعصر]
اضغط هنا لتحميل الكتاب المنقول منه الموضوع مجاناً