زينب بنت جحش رضي الله عنها
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر الأسدي ، وأمها أمية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأخوها عبدالله بن جحش أول أمير في الإسلام ، وُلدت سنة 33ق هـ ، وكان اسمها "برَّة" ،
فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب ، وكانت تكنى : أم الحكم ، وهي إحدى المهاجرات الأول .
تزوجها زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمها كتاب الله وسنة رسوله ،
ثم زوّجها الله من السماء لنبيه صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة ،
وأنزل الله فيها قوله: { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه
وتخشى الناس والله أَحق أَن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم
إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا } ( الأحزاب :37 ) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً ،
و دُعي "زيد بن محمد " ، فلما نزل قوله تعالى: { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الَّله } (الأحزاب:5) ،
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة زيدٍ بعد أن طلقها زيد ، و هدم ما كان معروفاً عند الجاهلية من أمر التبني .
و منذ اختارها الله لرسوله ، و هي تفخرُ بذلك على أمهات المؤمنين ، و تقول كما ثبت في البخاري : " زوَّجكنَّ أهاليكن ،
و زوجني الله من فوق سبع سماوات ، و سماها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزواج "زينب" ، و أطعم عليها يومئذٍ خبزاً ولحماً " .
و في شأنها أنزل الله تعالى الأمر بإدناء الحجاب ، وبيان ما يجب مراعاته من حقوق نساء النبي عليه الصلاة والسلام .
كانت رضي الله عنها من سادة النساء ، ديناً وورعاً ، وجوداً ومعروفاً ،
محضن اليتامى ومواسية الأرامل ، قد فاقت أقرانها خَلْقاً وخُلقاً .
و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور زينب ، ويمكث معها ، ويشرب العسل عندها ، فغارت بعض نسائه ،
وأردن أن يصرفنه عن ذلك ، فعن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ،
فيشرب عندها عسلا ، قالت: فتواطيت أنا و حفصة : أنَّ أيَّتـُنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه و سلم فلتقل :
إني أجد منك ريح مغافير ، أكلت مغافير ؟ – صمغٌ يؤكل ، طيب الطعم ، له رائحه غير طيبة – ، فدخل على إحداهما ،
فقالت : ذلك له ، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له ،
فنزل : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } … إلى قوله … { إن تتوبا } لعائشة و حفصة
{ و إذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا } لقوله بل شربت عسلاً " . رواه البخاري و مسلم
و من مناقبها رضي الله عنها ، أنها أثنت على عائشة أم المؤمنين خيراً ، عندما استشارها رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حادث الإفك ، ففي الحديث قالت عائشة : " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي
صلى الله عليه و سلم عن أمري ما علمت ؟ أو ما رأيت ؟
فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيراً ،
قالت عائشة : و هي التي كانت تساميني – تعاليني و تفاخرني – من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ، فعصمها الله بالورع " . رواه البخاري و مسلم
و من مناقبها أنها كانت ورعةً قوّامة ، تديم الصيام ، كثيرة التصدق وفعل الخير ، وكانت من صُنَّاع اليد ، تدبغ و تخرز ،
ثم تتصدَّق بثمن ذلك ، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على كثرة تصدقها وكنَّى عن ذلك بطول يدها ،
فعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسرعكن لحاقاً بي أطولكنَّ يداً ، قالت :
فكنَّ يتطاولن أيتهنَّ أطول يداً ، قالت : فكانت أطولنا يداً زينب ؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق " . رواه البخاري و مسلم
" إني قد أعددت كفني ، فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما ، و إن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا " .
وعن برزة بنت رافع رضي الله عنها قالت : " لما خرج العطاء بعث عمر بن الخطاب إلى زينب بنت جحش بعطائها ،
فأتيت به ونحن عندها . فقالت : ما هذا ؟ ، قلت : أرسل به إليك عمر ، قالت : غفر الله له ، والله لغيري من إخواتي كانت
أقوى على قسم هذا مني ، فقلنا لها : إن هذا لك كله ، فقالت : سبحان الله . فجعلت تستر بينها وبينه بجلبابها أو بثوبها ،
ثم قامت توزّعه وتقول لنا : اذهب به إلى فلان – من أهل رحمها وأيتامها – ، حتى بقيت بقيّة تحت الثوب ،
فأخذنا ما تحت الثوب ، فوجدناه بضعة وثمانين درهماً ، ثم رفعت يديها ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا أبداً ".
فكانت أول زوجاته صلى الله عليه وسلم لحوقاً به ، حيث توفيت سنة 20 للهجرة وقد جاوزت الخمسين عاماً ،
وصلى عليها عمر بن الخطاب ، وصُنع لها نعشٌ وكانت أول امرأة يُفعل معها ذلك ، ودُفنت بالبقيع رضي الله عنها .
جزاكي الله الف الف خير
تحياتي