زهور بين الصخور
البحر الهادىء لايصنع بحارا ماهرا ، والشدائد والابتلاءات تصنع الرجال وتظهر المعادن وتميز بين الأصيل والزائف
{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251
لعل عتبك محمود عواقبه *** وربما صحت الأجساد بالعلل .
* قد تبكى بكاء المضطر وتنام .. والله عن تدبير أمورك لا ينام ..فتمهل واطمئن .
إنه لطيف ، يدبر لك في الغيب أمورا لو علمتها لبكيت فرحا.
الزهرة الأولى
في حادث الإفك وما أدراك ما الإفك طعن في عرض أشرف الخلق .
وظن المسلمون أنه شر لهم فتنزل الآيات سكينة على المؤمنين ، ونارا تحرق المنافقين الشامتين بعرض أم المؤمنين ، فأعلى الله قدرها ، ورفع شأنها ، وصيّر ذكرها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11
الزهرة الثانية
في غزوة بدر يخرج الكافرون للقتال ، ويخرج المسلمون للعِير ؛ غرض من الدنيا ولكن الله يسوقهم سوقا لحرب تغير الكون وتعزهم وتمكن لهم {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ }الأنفال7.
إنها الفرقان التى دبرت العناية الإلهية أسبابها ورتبت نتائجها .
ما كان المسلمون يتصورون أنهم يلاقون صناديد قريش وهم في قلة زاد وعتاد فضلا أن ينتصروا عليهم ويقتلوا أبطالهم ومن ثم تتغير موازين القوة والنصر والتمكين والعزة للمؤمنين ، فسبحان من مكّن وقدّر وسبحان من دبّر ولطف بعباده الضعفاء.
الزهرة الثالثة
وفى غزوة أحد بعد أن ذاقوا النصر يستخرج الله عبوديته من أوليائه الذين عبدوه في السراء لينظر كم هى فى الضراء ، ويتخذ منهم شهداء.
– ثم يميز الصف ويفضح المنافقين {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }آل عمران167
– كذا يتعلم المسلمون أعظم درس : أن معصيتهم لأمر الله ورسوله من أهم أسباب الهزيمة والإدالة عليهم {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
وليس بين الله وبين خلقه محاباة {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء }آل عمران140
– إن مصيبة تُقبل بها على ربك ، خير من نعمة تنسى بها ذكره.
– ثم يجردهم لعبادته ويربطهم بالله وحده وأن الدين دين الله لا دين أشخاص فيقول
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144
– ويشج رأس النبى صلى الله عليه وسلم ويسيل الدم الزكى من وجهه فيقول : كيف يفلح فوم شجوا نبيهم؟!
فتنزل الآيات صارمة صريحة بأن الأمر لله وحده {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }آل عمران128
فسبحان من لطف وستر وسبحان من علم وغفر.
موضوع ممتاز